تسعى بولندا إلى اجتذاب مزيد من الاستثمارات الخليجية التي لا يزال حجمها متواضعاً في هذا البلد العضو الجديد في الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد إبرامها صفقة لاستيراد الغاز القطري المسال، وبعد شراء صندوق قطري مصنعي سفن بولنديين. وقال رئيس الوزراء البولندي دوالد توسك: «إن المشروعين المشتركين مع قطر يدفعاننا للاعتقاد بأن المستثمرين من هذه المنطقة سيكون لهم اهتمام بالتعاون الاستراتيجي مع بولندا». وأشار إلى أنه سيزور السعودية والإمارات، وقال: «إن هناك إمكان ضخ أموال إضافية في بلداننا» من دول الخليج. وبحسب الصحف البولندية، سيزور توسك السعودية والإمارات في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، علماً بأنه سبق أن زار الكويت وقطر العام الماضي على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى. وكانت بولندا وقّعت عقداً طويل الأمد لاستيراد الغاز القطري الطبيعي المسال مدته 20 عاماً، اعتباراً من 2014، وبمعدل مليون طن سنوياً، فيما تقدر قيمة الصفقة بنصف بليون دولار سنوياً، وهو أكبر عقد تبرمه بولندا منذ انهيار النظام الشيوعي في 1989. وسيتم نقل الغاز المسال إلى بولندا بواسطة ناقلات بحرية من طراز «كيوفلكس»، وسيصل إلى ميناء بولندي تتم أعمال بنائه حالياً في شمال غربي البلاد. وتغطي بولندا 30 في المئة من حاجتها من الغاز عبر مواردها الخاصة، بينما تستورد 40 في المئة من روسيا، والبقية من دول أخرى. واستحواذ صندوق «كيو انفست» القطري الاستثماري على مصنعي السفن البولنديين في غدينيا (شمال) وشيشين (شمال غرب)، في مقابل 81 مليون يورو، مرتبط جزئياً بعقد استيراد الغاز. فالمستثمر الجديد سيقوم بصناعة ناقلات الغاز في غدينيا، على أن تخصص هذه الناقلات لنقل الغاز الطبيعي المسال. وقال المتحدث باسم الصندوق القطري يان دي جونخيه للصحافيين: «إن المصنع سينتج وحدتين أو ثلاث وحدات سنوياً». وسيشكل المصنعان شركة واحدة من الآن فصاعداً باسم «بولسكيي ستوغنييه»، ومن المتوقع أن توظف هذه الشركة خمسة آلاف شخص. وكانت السلطات المالية البولندية اكتفت عند الإعلان عن بيع المصنعين بالقول إنه تم الاستحواذ عليهما من مجموعة «يونايتد انترناشنل تراست»، التي تمثل رؤوس أموال من الشرق الأوسط. ويوم الثلثاء الماضي، قال وزير المالية الكسندر غراد إن المشتري هو صندوق «كيو انفست»، وإن الصفقة تحظى بضمانة بنك قطر الإسلامي الذي يملك 26 في المئة من الصندوق. وأشار غراد إلى أن المشروعين «سمحا ببناء الثقة، ليس فقط مع قطر، بل مع دول خليجية أخرى». وحتى الآن تسجل الاستثمارات الخليجية حضوراً خجولاً في بولندا، على الأقل لجهة الاستثمارات المباشرة. ففي 2007، استثمرت دول الخليج خمسة ملايين يورو فقط في هذا البلد. وأشارت انييسكا سالومونسكي من غرفة التجارة البولندية إلى أنه على ضوء الاستعدادات لاستضافة بولندا بطولة أوروبا في كرة القدم عام 2012، هناك مزيد من إمكانات الاستثمار بأموال خليجية، لاسيما في مشاريع البنية التحتية والملاعب والفنادق. وبولندا هي البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي سجل ارتفاعاً في إجمالي ناتجه الداخلي خلال الربع الأول من 2009 مقارنة بالربع الأخير من 2008، بينما دخلت معظم الدول الأوروبية في انكماش، وارتفع إجمالي الناتج الداخلي البولندي بنسبة 0.4 في المئة. واعتبرت ايونا هابونيك من الوكالة الحكومية للاستثمارات الخارجية أن «الأزمة، وعلى عكس المتوقع، تأتي بتأثيرات إيجابية على الاقتصاد البولندي، فبولندا هي من الدول القليلة في أوروبا التي تمنح المستثمرين واحة من السلام في خضم الأزمة الاقتصادية».