بغداد - «الحياة»، أ ف ب - تسعى فرنسا، التي وصل رئيس وزرائها فرانسوا فيون مع وفد يضم رؤساء عدد من الشركات الى بغداد أمس، الى عودة اقتصادية قوية الى العراق، بُعيد انسحاب القوات الاميركية من مدنه وبلداته، فيما أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي «توقيع مذكرات تعاون عدة في مجالات التجارة والامن والدفاع والثقافة» بين العراق وفرنسا خلال زيارة فيون، نافياً في الوقت نفسه اعتبار امتناع الشركات النفطية عن الاستثمار خلال جولة التراخيص الاولى فشلاً. وكان المالكي عقد مع نظيره الفرنسي مؤتمراً صحافياً في بغداد قال خلاله فيون ان «الشخصيات التي حضرت معي جاءت بنية قوية لتطوير الأنشطة في العراق»، مشيرا الى انه «بطبيعة الحال تحتاج الى وضع أمني مستقر يستمر في التحسن». وأكد انه «ليس هناك اي داع لعدم تجديد العلاقات الاقتصادية التي كانت موجودة بين البلدين في السابق». ويضم الوفد المرافق لفيون والمكون من ثلاثين شخصية ويزور العراق ليوم واحد، كريستين لاغارد وزيرة الاقتصاد ولورانس باريزو رئيسة منظمة ارباب العمل ولوي غالوا رئيس المجموعة الاوروبية للصناعات الجوية والدفاعية «اي ايه دي اس» وبرونو لافون رئيس مجلس ادارة شركة لافارج. كما يضم هنري لاكمان رئيس مجلس الرقابة في شنايدر وكريستوف دي مارجوري المدير العام لشركة توتال وهنري بروغليو رئيس مجلس ادارة شركة فيوليا وجان لوي شوساد المدير العام لشركة «سويز» للبيئة. واشار بيان لرئاسة الحكومة الفرنسية الى انه «سيتم توقيع العديد من العقود» بمناسبة هذه الزيارة التي كان تم الاتفاق بشأنها اثناء زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي العراق في العاشر من شباط (فبراير) الماضي. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول حكومي فرنسي للصحافيين ان «العراقيين يريدون ان يتحرروا من الوصاية الاميركية، ولهذا يريدون ان يعملوا مع مستثمرين آخرين يعرفونهم جيدا بينهم فرنسا». وكان مصدر مقرب من رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون اعلن ان «مذكرة تفاهم ستوقع بين فرنسا والمصرف التجاري العراقي لحماية المستثمرين الفرنسين، ومذكرة اخرى لتدريب المهندسين في مجال النقل، واخرى لتشكيل مجلس لرجال الاعمال الفرنسيين والعراقيين، يترأسه مدير شركة توتال الفرنسية العملاقة كريستوف دو مارجيريه». وكان مسؤولون فرنسيون اعربوا عن حماسة الشركات الفرنسية في المشاركة في العمل في العراق، رغم التخوف من الوضع الامني. وقال مصدر فرنسي «اذا كان بمقدرونا، فإننا سنجلب كل الشركات الفرنسية الاربعين العملاقة الى هنا، ولا توجد اي شركة واحدة ترفض القدوم». واضاف ان «الشيء الوحيد الذي تتخوف منه الشركات هو الوضع الامني». بدوره، قال رئيس «اي ايه دي اس» ان «الخطوط الجوية العراقية لديها فقط طائرات من طراز «البوينغ» وهذا بالنسبة لي يُعد استفزازا». واضاف «نحن نقدم خدماتنا في جميع مناطق الخليج، فلماذا لا يكون لنا هذا الدور في العراق». وتوجه رئيس الوزراء الفرنسي بعد ظهر امس الى السليمانية في اقليم كردستان للقاء الرئيس العراقي جلال طالباني. بدوره، قال المالكي ان «الشركات الفرنسية لها تاريخ في العمل بالعراق ولها رغبة وتصميم على العودة بعد انقطاع اضطراري»، مؤكداً ان «هذه الظروف زالت». وتابع ان «العراق يطمح الى ان يكون هناك بالاضافة الى التعاون الاقتصادي تعاون سياسي وتبادل في مؤسسات المجتمع المدني». واكد المالكي «توقيع مذكرات عدة تعاون في مجالات التجارة والامن والدفاع والثقافة» بين العراق وفرنسا خلال زيارة فيون. واشار الى ان «العلاقات دخلت في مرحلة جديدة لا سيما اننا لا نبدأ من الصفر انما نستعيد تاريخاً من العلاقات والتعاون الايجابي بين البلدين». واعربت الحكومة العراقية على لسان الناطق باسمها علي الدباغ عن رغبتها في دور اقتصادي كبير لفرنسا في العراق. وقال: «بلدنا يريد ان تكون فرنسا شريكا استراتيجيا، خصوصا في المجال الاقتصادي»، مشيرا الى ان «رئيس الوزراء (العراقي) اعرب عن رغبته في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين». وأضاف ان «المباحثات جرت في أجواء من التفاهم وتم الاتفاق على توسيع التعاون وتمتين العلاقات بين البلدين وبما يخدم مصلحة الطرفين في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية والتقنية ودعم فرنسا للعراق من اجل انضمامه الى المنظمة العالمية للتجارة وعقد اتفاق شراكة وتجارة مع الاتحاد الاوروبي». من جهة أخرى، اشار المالكي الى ان «عدم قبول شركات عالمية الاستثمار في حقول نفطية عملاقة في جولة التراخيص الاولى التي جرت الثلثاء ليس «فشلا» وقال: «لا نستطيع ان نسميه بالفشل انما هي مصالح، والعراق يرى مصالحه بنوع من التعاقد في مجال النفط، والشركات ترى مصالحها بنوع آخر من التعاقد». وتابع «هذه الجولة نجحت مع بعض الشركات ولم تنجح مع اخرى. ولذلك ستدرس الوزارة في كيفية استثمار ثرواتنا النفطية بعد الاستقرار الامني وتعاظم الحاجة لزيادة عائداتنا النفطية».