أوضح أستاذ هيدرولوجيا المياه الجوفية في كلية الأرصاد والبيئة في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور ناصر العمري أن الدولة تعطي الأولوية لتأمين مياه الشرب، والسماح للمزارعين بتأمين الاحتياجات المائية لمحاصيلهم الزراعية، والسماح للقطاع الصناعي بتأمين كميات المياه التي يحتاج إليها ويجري تأمين قطاع مياه الشرب في المناطق الحضرية بشكل رئيس على مصادر المياه المحلاة ذات النوعية الجيدة، بغية تزويد المواطنين بمياه الشرب وبأسعار زهيدة مقارنة بكلفة الإنتاج. وأضاف: «يتم في بعض المناطق تأمين مياه الشرب من مصادر المياه الجوفية الضحلة والعميقة، وتجري معالجة هذه المياه لكي يتم تطابقها مع مواصفات نوعية المياه السعودية. في القطاع الزراعي، يستخدم المزارعون المياه الجوفية، واعتمادهم بدرجة أكبر على مصادر المياه العميقة غير المتجددة، فاستنزف إثر ذلك ما يقرب من 500 بليون متر مكعب خلال ال 25 سنة الماضية، وهناك عدد كبير من الشركات الزراعية التي تغطي مساحات كبيرة من الأراضي تعتمد على المياه الجوفية العميقة». وأوضح أن القطاع الصناعي يوفر المياه اللازمة له من المياه الجوفية، وفي بعض الأحيان من محطات تحلية خاصة به، مع كمية بسيطة من مياه الصرف الصحي المعالج، مفيداً أن الزيادة السكانية والتمدد الحضري وارتفاع مستوى المعيشة أدت إلى زيادة كبيرة في استهلاك الفرد للمياه، والذي أدى بدوره إلى زيادة الطلب مقارنة بالمصادر المؤمنة من المياه المحلاة والمياه الجوفية. وزاد: «لوحظ أن الاستهلاك الطردي المتزايد لا يتماشى مع تطوير مصادر المياه المحلاة والمياه الجوفية، وقد أدى التنافس على استخدامات المياه إلى استنزاف المياه الجوفية وتدهور نوعيتها، وعدم توفرها لتأمين مياه الشرب الكافية»، موضحاً أن مصادر المياه الجوفية تعتبر عنصراً استراتيجياً، إذ يمكن تخفيض استهلاك المياه في القطاع الزراعي من الطبقات العميقة التي تتمتع بمخزون مائي هائل للاستفادة منها في تأمين مياه الشرب لفترة طويلة من الزمن». واستدل على ذلك بأنه «لو تم تخفيض الاستهلاك الزراعي الحالي من المياه الجوفية بنسبة 10 في المئة، فإن هذه النسبة سوف تساهم بتأمين 50 في المئة من مياه الشرب»، مشدداًَ على أن الاستراتيجية المثلى تتطلب العمل على مبدأ الإدارة المتكاملة للموارد المائية الذي نادى به مؤتمر قمة الأرض في جنوب أفريقيا عام 2002، والذي ركز على التنمية المستدامة في اعتماد مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية IWRM كأداة متميزة وذات شمولية لإدارة قطاع المياه، وقال: «في اعتقادي الشخصي أنه لا توجد إدارة شاملة لقطاع المياه معتمدة على النموذج المعتمد دولياً، والذي نادت به قمة الأرض في عام 2002». من جهته، أكد أستاذ علم البيئة في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور علي عشقي أن المملكة بها «جفاف قاتل بشكل عام»، مفيداً بأن المياه الجوفية لم تعد كافية في الزراعة أو في استخدامها كمصدر للشرب، وأضاف: «أن المياه الجوفية معظمها أصبح ملوثاً بمياه الصرف الصحي ، عدا أن المياه التي كانت على عمق 200 متر وصلت لعمق 1500 متر. وأوضح أن منطقة الدرع العربي وشمال المملكة كانت تحتوي على مياه جوفية يطلق عليها «المياه الأحفورية»، تكونت من ملايين السنين ولا تتأثر بالأمطار، وهي بكميات كبيرة، ولكنها غير متجددة على غرار البترول، وأردف بالقول: «من المؤسف حقاً أنه تم استغلال هذه المياه في زراعة القمح، فاستنزاف المياه الجوفية والتي كان من المفترض أن تكون بمثابة خزن استراتيجي للسعودية، وبهذه الطريقة تم استنزاف أكبر حقل استراتيجي لخزن المياه وهو حقل «الديسي» وهو الحقل المشترك ما بين المملكة والأردن»، معتبراً هجرة السكان من البوادي وازدحام المدن نتيجة طبيعية لشح المياه والقحط الذي أصاب القرى والمناطق الزراعية. وعن الحلول، بين عشقي أن الحل الأمثل هو الاتجاه إلى الطاقة النظيفة، وذلك بتحلية مياه البحر من طاقة متجددة وغير نابضة مثل الطاقة الشمسية والرياح والمد البحري والأمواج، مؤكداً أن العالم يتجه لاستعمال هذه المصادر المتجددة للطاقة، لافتاً إلى أن المملكة هي من أكثر الدول حاجة لاستخدام الطاقة المتجددة في تحلية مياه البحر، إذ إن اعتمادها الكلي في الشرب على مصافي التحلية والتي تعمل من طريق الطاقة البترولية، وعند نفاد هذا المصدر سيموت سكان المملكة من العطش. «اختصاصي»:لدينا 8 مخزونات مائية تنفد تدريجياً