سارعت أسماء معروفة في مجال المال والأعمال إلى التعبير عن استعدادها لفتح قنوات تلفزيونية وإذاعية في الجزائر، مباشرة بعد الإعلان عن تضمن مشروع قانون الإعلام الجديد تحرير القطاع السمعي - البصري في البلاد، وهو المشروع الذي نوقش على مستوى البرلمان الأسبوع الماضي وينتظر التصويت عليه قريباً. في المقابل، سارع المسؤولون في بعض الصحف ذات الانتشار الواسع إلى الكشف عن نيتهم إطلاق قنوات إذاعية وتلفزيونية. وبات الإعلام الخاص في الجزائر منقسماً بين أصحاب رؤوس الأموال وأهل المهنة، ما ينبئ بوضوح بمستقبل هذا القطاع الاستراتيجي «المحرر» الذي تنتظره «أيام المواجهة» بين سلطة المال وقوانين المهنة وأخلاقياتها. ظهرت قائمة صغيرة لأسماء لها وزنها في عالم المال والأعمال والصحافة في الجزائر تنوي الاستثمار في قطاع المرئي والمسموع الذي فتحه مشروع قانون الإعلام الجديد الذي أقره البرلمان الجزائري أخيراً، في انتظار إصدار المراسيم التطبيقية له. وسارع يسعد ربراب إلى الإعلان عن نيته فتح قناة تلفزيونية وهو صاحب مجموعة «سيفيتال» المتخصصة في استيراد وتكييف بعض المواد الاستهلاكية، كالزيت والسكر. وهو أيضاً صاحب يومية «ليبرتي» الجزائرية الفرنكوفونية ومساهم في قناة تلفزيون «بربر تيفي» التي تبث من فرنسا، والتي يسعى ربراب إلى شراء بقية أسهمها وامتلاكها وحده. ومثله فعل علي حداد، الرئيس المدير العام لمجموعة «البناء والأشغال العمومية» ومالك مجموعة «الوقت للصحافة» وقناة «دزاير» التلفزيونية الرياضية التي تبث عبر الإنترنت والذي تقول مصادر قريبة منه انه على وشك إطلاق قناتين إذاعية وتلفزيونية. وإلى الاسمين السابقين، يضاف اسم مهم ثالث هو جيلالي مهري، ممثل ماركة «بيبسي» وشريك مجموعة «أكور» الفرنسية المتخصصة في الفنادق، والذي اشتغل في السياسة وانتخب نائباً في البرلمان، فضلاً عن قربه من حزب «حمس». وأفادت مصادر إعلامية جزائرية بأن مهري اختار الاعتماد على خدمات مسؤول سابق في تلفزيون «تي أف1» الفرنسي من أجل إنشاء باقة من قنوات جزائرية متخصصة. إلى ذلك عبّر كل من الرئيس المدير العام لجريدة «الوطن» الفرنكوفونية عمر بلهوشات ورئيس مجلس إدارة جريدة «الخبر» زهر الدين سماتي والمدير العام لجريدة «الشروق» علي فوضيل عن رغبتهم في إنشاء قنوات تلفزيونية. ويفترض أن تبدأ أولى القنوات الخاصة العمل السنة المقبلة، بحسب وزير الإعلام والاتصال ناصر مهل. وينظر الوسط الإعلامي الجزائري بعين الريبة إلى الإجراءات الجديدة التي أقرها قانون الإعلام الجديد، خصوصاً تلك المتعلقة بمسألة الترخيص بفتح قنوات جديدة، وهو من اختصاص الحكومة. ويعتبر الصحافيون أن السلطة أعطت نفسها امتياز «الكلمة الأخيرة»، وهي طريقتها للاحتفاظ بسلطة القرار في هذا المجال. وتتساءل الأوساط الإعلامية عن الذين سينفذون من «غربال» السلطة، إذ يرجح أن يكونوا شخصيات قريبة منها تعبر عن وجهة نظرها أو على الأقل لا تشكل خطراً عليها. وفي انتظار صدور المراسيم التنفيذية، فإن الجزائر تستعد لدخول مرحلة «الإعلام الثقيل الحر» مع ظهور عامل جديد هو رأس المال. وبدأت الأسئلة تطرح عن مدى تأثيره وتحكمه فيه والضمانات التي تحد من تجاوزه خطوط المهنة. وألح فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان التي عينها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، على ضرورة وضع دفتر أعباء صارم ودقيق بغية منع رأس المال من التحكم في عمل القنوات التلفزيونية والإذاعية الجديدة. وأبدى في تصريح تلفزيوني ثقة كبيرة برجال المهنة ونسائها «لأنهم قادرون على التحكم في الأمور» وتجنب تجربة «تلفزيون الخليفة» التي هوت مع امبراطورية «الخليفة» خلال السنوات الأخيرة. وكان وزير الإعلام الجزائري ناصر مهل أعلن أن القنوات الأولى الخاصة سترى النور في مطلع العام المقبل، بمجرد الانتهاء من إعداد «دفتر الأعباء» (الشروط)، موضحاً انه سيستعين لذلك بخبرة عضو المجلس الأعلى للإعلام السمعي البصري الفرنسي رشيد أرحاب الجزائري الأصل، من دون أن يستبعد الشراكة مستقبلاً بين القطاعين العام والخاص في تسيير مؤسسات تلفزيونية وإذاعية. وفي الجزائر خمس قنوات تلفزيونية تابعة كلها للقطاع العام.