رأى رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي «أن ما توصلنا إليه في الجلسة الأخيرة للحكومة بالنسبة إلى الأجور هو الحد الأقصى المتاح في هذه الظروف التي نعاني منها». وأكد ميقاتي أن «الاعتداء الآثم الذي استهدف ال «يونيفيل» هو موضوع شجب منا جميعاً». وقال ميقاتي خلال رعايته الدورة الحادية والثلاثين لوزراء الشؤون الاجتماعية العرب قبل ظهر أمس في فندق «موفنبيك» بدعوة من وزارة الشؤون الاجتماعية: «إن لبنان كان وسيبقى مكاناً رحباً لإخوانه العرب وواحة للحوار والتلاقي بين الأشقاء، وهو يمثل على الدوام نموذجاً للتعايش والتعددية ولتجاوز الصعوبات وإيجاد الحلول لها انطلاقا من خلفية توافقية تجسدت بالإرادة اللبنانية الواحدة، على رغم التحديات والتباينات التي تواجهه من حين إلى آخر». وأضاف: «يلتئم مؤتمركم في وقت يشهد عالمنا العربي تغييرات أساسية نأمل في أن تتجاوب مع تطلعات الشعوب العربية الشقيقة وآمالها في التقدم والتطور والتغيير، بحيث يكون المواطن العربي شريكاً في صناعة حاضره ورسم أفق المستقبل الواعد. غير أننا نرى، في ضوء ما حصل ويحصل، أنه قد يكون من الحكمة والشجاعة أن نلفت الأشقاء العرب إلى ضرورة التنبه من أخطار الانزلاق نحو آفة الانقسام والاقتتال الأخوي الذي ندرك نحن اللبنانيين كم هو قاسٍ ومرير، لأننا عشنا هذه التجارب المرة، ولم نخرج منها إلا بعدما عقدنا العزم على التضامن والتماسك والحفاظ على وحدتنا الوطنية والتمسك بثوابت حمت سلمنا الأهلي، وهذا ما يدعوننا إلى توجيه نداء صادق إلى إخواننا العرب بأن يتنبهوا إلى ما يحيط بأوطانهم من أخطار، وأن يتمسّكوا بالوحدة الوطنية التي تشكّل حجر الزاوية في صيانة الأوطان». وتابع: «تجتمعون في بيروت اليوم في ظل ظروف إنسانية واجتماعية صعبة يعاني منها المواطن العربي على مختلف المستويات، لأن لا استقرار حقيقياً وثابتاً إلا في صياغة الاستقرار الاجتماعي للمواطن العربي حيثما كان». الحدّ الأقصى ولفت ميقاتي إلى أن الشأن الاجتماعي في لبنان «شكل هماً أساسياً سرعان ما تنامى بفعل الحجم الكبير للمعاناة التي يعيشها وطننا، والمشكلات والآفات الكثيرة التي تشكل عوامل ضغط كبيرة». وأكد أن «ما توصلنا إليه في الجلسة الأخيرة للحكومة بالنسبة إلى الأجور، هو الحد الأقصى المتاح في هذه الظروف الاقتصادية والمالية التي نعاني منها، وما قد يصيب وطننا من تداعيات الأزمة المالية العالمية والانكماش الاقتصادي في دول المنطقة. نحن ندرك أن ما تقرر لا يلبي طموحات العمال، وهو بالتأكيد لا يرضي طموحنا في تأمين الرخاء والعيش الكريم لجميع اللبنانيين، ولكن الواقعية تفرض علينا جميعاً وعي دقة الأخطار، وعدم الإقدام على أي مغامرة في الشأن الاجتماعي ترضي العمال ظاهراً، ولكنها ترتد سلباً وبسرعة عليهم. وما إقدام الكثير من المؤسسات على صرف العمال والموظفين إلا خير دليل على حجم الأخطار الناتجة عن أي تسرع أو مزايدة لا يتحملها الواقع الراهن». مناشداً جميع المعنيين «مقاربة هذا الملف بواقعية ومحاذرة اللجوء إلى السلبية التي لا تخدم العمال وتعكر الاستقرار الذي يشكل حالياً حزاماً وقائياً يبعد وطننا عن أخطار المنطقة». ورأى أن «المرحلة صعبة وتتطلب منا جميعاً التعاون لتجاوزها، وليس اللجوء إلى المزايدة أو التسابق على رفع سقوف المطالب، في وقت حرج يتطلب منا حماية أنفسنا ووطننا تحت سقف الاستقرار». لافتاً إلى «أن زيادة الأجور ليست سوى جزء ضئيل من خطة شاملة وضعها وزير العمل شربل نحاس. وقد اتخذ مجلس الوزراء قراراً بوضع هذه الخطة موضع دراسة من قبل لجان وزارية مختصة في أسرع وقت ممكن». وأكد ميقاتي أن الاهتمام في الشأن الاجتماعي، «يتم بالتوازي مع اهتمامنا بالشؤون الوطنية الأخرى، لا سيما على صعيد تعزيز وفاقنا الوطني وحماية المكتسبات التي تحققت على أكثر من صعيد والتي أعادت لبنان إلى خريطة الاهتمام الدولي، بعدما برز دولة قادرة على الوفاء بالتزاماتها، متفاعلة في محيطها والعالم، مدركة أهمية التمسك بتطبيق القرارات الدولية لا سيما منها القرار 1701 الذي تمعن إسرائيل في تجاهل تطبيقه بكل مندرجاته، وتواصل انتهاكاتها للسيادة اللبنانية في البحر والبر والجو، والتي لن تثني لبنان عن التمسك بحقه في تحرير ما تبقى من أرضه المحتلة وخصوصاً مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والشطر اللبناني من بلدة الغجر». دعم التعاون مع «يونيفيل» وأكد ميقاتي أن «الاعتداء الآثم الذي استهدف أمس الكتيبة الفرنسية التابعة للقوات الدولية هو موضع إدانة وشجب منا جميعاً، ونحن عازمون على دعم التعاون بين الجيش اللبناني والقوات الدولية لاستكمال المهمة التي انتدبت من أجلها. كذلك فقد طلبنا من الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة الإسراع في التحقيقات لكشف ملابسات الاعتداء وتحديد المسؤوليات لاتخاذ الإجراءات المناسبة».