على سفح جبل كريمزان وسط كروم الزيتون والعنب، يقود الأب إبراهيم الشوملي راعي كنيسة اللاتين الكاثوليك في مدينة بيت جالا، اعتصاماً وقداساً عصر كل يوم جمعة للاحتجاج على قرار السلطات الإسرائيلية إقامة حي استيطاني جديد على أراضي المدينة يربط بين مستوطنتي «غيلو» و«هار حوما»، وبناء جدار يمر وسط الجبل، ويربط بين مستوطنة «هار غيلو» ومستوطنة «غيلو» المقامتين على أراضي المدينة. وأعلنت السلطات في تشرين الثاني (أكتوبر) الماضي عن مشروع لبناء 4000 وحدة سكنية على أراضي بيت جالا لتوسيع مستوطنة «غفعات همتوس» التي تضم 2600 وحدة، وعن مصادرة 52 دونماً من أراضي جبل كريمزان لإقامة مقطع من الجدار الفاصل يمر من وسطه، ويعزل خلفه مئات الدونمات من الأراضي المزروعة بالكروم. ومن جبل كريمزان المرتفع، تظهر مساحة الأرض التي سيقام عليها الحي الاستيطاني الجديد، والتي تتمتع بموقع استراتيجي. فهي تمتد بين مستوطنتين إلى الشمال من مدينة بيت لحم، وتشكل آخر مساحة فارغة تربط مدينتي بيت لحم والقدس التاريخيتين. وفي حال إتمام مشروع البناء، فأن مدينة بيت لحم ستنفصل كلياً عن توأمها التاريخي، مدينة القدس. قال الأب إبراهيم ل «الحياة»: «إسرائيل حوّلت بيت لحم إلى سجن وفصلتها كلياً عن القدس»، موضحاً: «نحن نعتصم ونصلي إلى الله كي يعيننا في وقت لم يعد لنا من معين يخلصنا من الاحتلال وسلب الأرض». وكانت إسرائيل أعلنت العام الأخير سلسلة مشاريع توسع استيطاني في المستوطنات المحيطة بالقدس. وبيّنت دائرة شؤون المفاوضات في تقرير حديث لها أن 80 في المئة من مشاريع التوسع الاستيطاني هذه تقع في مستوطنات مقامة على أراضي مدينة بيت لحم والبلدات المجاورة لها مثل بيت جالا وبيت ساحور. وقال الخبير في شؤون الاستيطان خليل التوفكجي ل «الحياة»: «إسرائيل ضمت سبعة آلاف دونم من أراضي بيت لحم إلى حدود بلدية القدس بعد احتلال عام 1967 وأقامت عليها سلسلة مستوطنات، وبدأت أخيراً بتوسيع هذه المستوطنات ضمن خطتها الهادفة إلى قلب الميزان الديموغرافي في القدس بزيادة عدد المستوطنين على حساب المواطنين العرب». وأضاف: «من هذه التوسيعات قرارها إقامة أربعة آلاف وحدة سكنية في مستوطنة غفعات همتوس المقامة على أراضي بيت لحم وبيت جالا». وكانت إسرائيل وسعت حدود بلدية القدسالشرقية من 6.5 كيلومتر مربع إلى 72 كيلومتراً مربعاً. وضمت تبعاً لذلك مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية إلى حدود البلدية، وتالياً إلى حدود الدولة العبرية. وتلقي المستوطنات ظلالاً ثقيلة على مدينة بيت لحم، مهد السيد المسيح عليه السلام، وهي تستعد لإحياء عيد الميلاد المجيد. وقال الأب عزيز حلاوة الذي يدير مؤسسة يسوع الملك في المدينة: «إسرائيل سيطرت على القدس، والآن تريد السيطرة على بيت لحم عبر المستوطنات». وأضاف: «أقامت إسرائيل شبكة مستوطنات على حافة المدينة، وبدأت بإقامة مرافق سياحية في هذه المستوطنات كي تقول للسياح هذه هي بيت لحم». وترتفع بنايات وسط مستوطنة «غيلو» يعتقد أنها فنادق. وقال الأب حلاوة: «غداً سيأتون بالسياح إلى تلك الفنادق التي تطل على كنيسة المهد، ويقولون لهم: هذه هي بيت لحم. إنهم يريدون سلب المدينة المقدسة كما سلبوا القدس المقدسة». وتلتف المستوطنات حول مدينة بيت لحم لتشكل طوقاً على عنقها من الشمال والغرب والشرق. كما أقامت السلطات أنفاقاً أسفل مدينة بيت جالا لشق طريق للمستوطنين من القدس إلى مستوطنات الخليل. وتستعد بيت لحم والمدن المجاورة بيت ساحور وبيت جالا، التي تقيم فيها غالبية مسيحيي الأرض المقدسة، لإحياء عيد الميلاد المجيد. وبدأت بلديات المدن الثلاث بتزيين الميادين والأماكن العامة. وانعكست أحلام أهالي بيت لحم باستعادة أرضهم المصادرة والتحرر من الاحتلال على احتفالات عيد الميلاد هذا العام. وقالت وزيرة السياحة خلود دعيبس ل «الحياة» إن «احتفالات عيد الميلاد العام الحالي ستكون تحت شعار: فلسطين تحتفل بالأمل». وأضافت إن الوزارة والفعاليات المحلية في بيت لحم والبلديات المجاورة ستوزع بطاقات معايدة على السياح تحمل صور كنيسة المهد والأديرة تحت شعار: فلسطين تحتفل بالأمل». وزار الأراضي الفلسطينية العام الحالي نحو مليوني سائح، غالبيتهم قدمت إلى بيت لحم للحج إلى الكنيسة التي شهدت ميلاد السيد المسيح. وقالت الوزيرة إن من المتوقع أن يزور بيت لحم في عيد الميلاد العام الحالي نحو 40 ألف سائح.