اعتبر اقتصاديون أن قطاع التأمين السعودي لم يصل إلى حد الكفاءة بعد، ما يتطلب تطبيق الحوكمة عليه بأسلوبه الشامل، وهو ما سيساعد في تحقيق النزاهة والعدالة والشفافية، مؤكدين أن عدد الشركات التأمين في السوق كبير ومتضخم، متوقعين عمليات اندماج او استحواذ في القطاع خلال المرحلة المقبلة.وأوضحوا في حديثهم ل «الحياة» أن قطاع التأمين يعاني حالياً من «التردي» والدليل أن أكثر من 24 شركة تأمين قيمتها الدفترية أقل من قيمتها الاسمية، فيما بلغت خسائر بعض الشركات أكثر من 50 في المئة من رأس المال. يذكر أنه يوجد 31 شركة تأمين مقيدة في سوق الأسهم السعودية، وتبلغ رساميلها 8.3 بليون ريال. وقال الاقتصادي فضل بو العينين: «قطاع التأمين لم يصل إلى مستوى الكفاءة بعد، واعتقد بأنه يواجه تحديات كبيرة يحتاج إلى تجاوزها إذا ما أراد البقاء»، لافتاً الى ان أول التحديات هي رأس المال الضعيف الذي لا يتوافق مع حاجات السوق، وضعف الكفاءة المهنية في قطاع التأمين، والحاجة إلى خلق منتجات عصرية متطورة». وتابع: «إذا أضفنا إلى ذلك الخبرة، والكفاءات الإدارية نجد أن القطاع الوليد يواجه الكثير من المشكلات المستقبلية التي تؤثر في ربحيته وقدرته على التكيف مع متطلبات السوق». واكد أن الحوكمة هي أساس العمل الاستثماري، ولا يمكن للشركات العمل من دون تطبيقها وهي تحقق مصلحة المساهمين، والمستثمرين والعملاء والشركات وسوق المال، إذ إن تطبيق شركات التأمين للحوكمة بأسلوبها الشامل سيساعدها في تحقيق النزاهة والعدالة والشفافية التي ينشدها الجميع، وسيدعم موقفها مستقبلاً، إلا أنها قد تكون عامل ضغط على بعض الشركات الحالية لأسباب إدارية واستثمارية. وشدد بو العينين على أن الربحية هي أحد التحديات التي باتت تثقل كاهل شركات التأمين، فعدم قدرة غالبية شركات التأمين على تحقيق الربحية حملها خسائر متراكمة، ما قد يؤدي إلى تعليق أسهم بعضها عن التداول في حال إقرار نظام الشركات الجديد الذي ينص على ألا تزيد الخسائر المتراكمة عن 50 في المئة من رأس المال. ورأى أن قطاع التأمين ولد ضعيفاً، وهذا ما أثر في قدرته على النمو وتحقيق الربحية، وأخشى أن يقضي الضعف على بعض شركات القطاع، ونحن في حاجة إلى شركات تأمين عالمية برساميل ضخمة لدعم القطاع، وسوق التأمين تشهد نمواً كبيراً يفوق قدرة الشركات الحالية على التعامل معه بكفاءة. وزاد بو العينين: «للأسف الشديد الوضع المالي السلبي لشركات التأمين لم ينعكس على أداء أسهمها في سوق المال، فعلى رغم الخسائر المتراكمة تحقق أسهم التأمين نمواً كبيراً في أسعارها لم تحققه شركات سابك، الراجحي والاتصالات السعودية، وهذا يحدث بسبب الخلل الاستثماري والرقابي في سوق المال». من جهته، قال خبير التخطيط الاستراتيجي والمشاريع الدكتور سليمان العريني، إن قطاع التأمين يعاني حالياً من التردي، والدليل وجود أكثر من 24 شركة تأمين قيمتها الدفترية اقل من قيمتها الاسمية، فيما بلغت خسائر بعض الشركات أكثر من 50 في المئة من رأسمالها، ما يتطلب إعادة النظر في هذا القطاع والعمل على تنظيمه بشكل جيد. وأشار إلى أن الاستعجال في طرح شركات التأمين للاكتتاب من دون تطبيق أنظمة الحوكمة عليها بشكل دقيق أسهم في تضخم أسعار بعضاً، وتدني أسعار البعض الأخر، متوقعاً ان تشهد المرحلة المقبلة خروج عدد من هذه الشركات سواء من خلال الاندماج او الاستحواذ او التصفية. وطالب العريني بإنشاء هيئة او جهة تشرف على قطاع التأمين لتقوم بتنظيمه ودرس متطلباته، خصوصاً أن الجهة المنظمة له ليست واضحة فهل يتبع مؤسسة النقد ام هيئة السوق المالية؟، مستغرباً أن هيئة السوق المالية ومؤسسة النقد ما زالا يرخصان لشركات تأمين جديدة وتطرح للاكتتاب على رغم الأوضاع المتردية لكثير من شركات التأمين في السوق. من ناحيته، أكد خبير التأمين المدير العام لشركة الدرع العربي للتأمين باسم عودة، ان شركات التأمين جميعها تخضع لنظام الحوكمة، من مؤسسة النقد العربي السعودي، وذلك من خلال التنظيم والرقابة والإشراف عليه من مختلف الجوانب، ومن هيئة السوق المالية كونها شركات مدرجة في سوق الأسهم، وينطبق عليها ما ينطبق على الشركات الأخرى. ورأى أن عدد شركات التأمين في السوق مرتفع جداً، ولكنه طبيعي، وليس أكثر من عدد شركات التأمين في عدد من الدول المجاورة مثل الأردن والإمارات، متوقعاً ان تشهد المرحلة المقبلة حالات اندماج او الاستحواذ في هذا القطاع .