احتار كثير من المصريين بسبب إعلان اللجنة العليا للانتخابات عدد الأصوات التي حصلت عليها القوائم الحزبية في المرحلة الأولى من دون تحديد عدد المقاعد التي ظفر بها كل حزب أو تحالف، وإرجاء ذلك الأمر إلى ما بعد انتهاء العملية الانتخابية بمراحلها الثلاث. هذه الحيرة مردّها إلى أن المصريين اعتادوا النظام الفردي في الانتخابات، وهو نظام بسيط مقارنة بنظام القوائم المعقَّد، والأكثر تعقيداً في الحال المصرية، فتحديد عدد المقاعد المخصصة لكل قائمة حزبية يقتضي في البداية حساب «نصاب الإبعاد»، وهو الحد الأدنى من الأصوات التي يجب أن تحصل عليها أي قائمة كي تضمن تمثيلاً في البرلمان، وإلا تم إقصاؤها وألغيت الأصوات التي حصلت عليها. وجدد قانون الانتخابات «نصاب الإبعاد» بنسبة نصف في المئة من عدد الأصوات الصحيحة على مستوى الجمهورية، أي أن حساب هذا النصاب يقتضي أولاً تحديد عدد الأصوات الصحيحة في كل مراحل الانتخابات. وبالنظر إلى ارتفاع أعداد المقترعين الذي زاد على 8 ملايين ناخب في المرحلة الأولى، فإن «نصاب الإبعاد» يتوقع أن يكون رقماً كبيراً قد لا تستطيع أحزاب صغيرة عدة تحقيقه في ظل عدم حصولها في المرحلة الأولى إلا على آلاف الأصوات فقط، ومن ثم ستُقصَى هذه الأحزاب حتماً من المنافسة على ثلثي مقاعد البرلمان المخصصة للقوائم الحزبية. وبعد إقصاء «الصغار»، يتم حساب «المعامل الانتخابي» لكل دائرة على حدة، عبر إلغاء كل الأصوات التي حصلت عليها القوائم المستبعدة ابتداء، ثم جمع كل الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها القوائم التي تخطت «نصاب الإبعاد» وقسمتها على عدد المقاعد المخصصة للدائرة. وهذه العملية الحسابية سينتج عنها «المعامل الانتخابي» الذي يساوي مقعداً في البرلمان. بعد ذلك، يقسم عدد الأصوات الذي حصلت عليه كل قائمة على المعامل الانتخابي، لتحديد عدد المقاعد المستحقة لكل قائمة عن هذه الدائرة، وفي هذه الحالة قد تكون بعض القوائم التي تخطت «نصاب الإبعاد» حصلت على أصوات في بعض الدوائر أقل من «المعامل الانتخابي»، وهنا لا يحصل الحزب على أي مقعد في المرحلة الأولى، ولكن بعد أن ينال الكبار الذين حصلوا على أصوات أكبر من «المعامل الانتخابي» حصتهم من مقاعد الدائرة من خلال قسمة عدد الأصوات التي حصلوا عليها على «المعامل الانتخابي»، يتم تقسيم بقية المقاعد على القوائم التي حصلت على عدد من الأصوات أقل من «المعامل الانتخابي»، تبعا لتوالي أعلى الأصوات بينها. وخلاصة هذه العملية الحسابية المعقدة، أن أحزاباً صغيرة ستُقصى من المنافسة ابتداء، في ظل ارتفاع نسبة التصويت، وهناك أحزاب ستتمكن من دخول المعترك لكن الأصوات التي حصلت عليها في بعض الدوائر قد لا تمكنها من الفوز بمقعد عن هذه الدائرة حسب «المعامل الانتخابي» فيها، أما الأحزاب والائتلافات الكبيرة، خصوصاً «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، و «النور» السلفي، وأيضاً أحزاب «الكتلة المصرية»، فلن يُنتقص من حقها شيء، إذ إنها تخطت بالفعل ومن المرحلة الأولى «نصاب الإبعاد»، بحصولها على ملايين الأصوات، فضلاً عن تحقيقها نسب تصويت معقولة في غالبية دوائر المرحلة الأولى تتخطى «المعامل الانتخابي» المتوقع في كل دائرة.