فرضت التغيرات التي تشهدها المنطقة العربية نفسها على التقرير الثقافي لمؤسسة الفكر العربي الذي صدر «بتمويل وأقلام إقليمية»، ليعكس الحالة الثقافية في منطقتنا، في مرحلة قبل الثورات العربية وبعدها، وهي ثورات يتوقع أن تفجر طاقات فكرية وفنية خلاقة في المسرح والسينما والأغنية والشعر. وأطلقت «مؤسسة الفكر العربي» من دبي تقريرها الرابع عن واقع التنمية الثقافية في المنطقة، بحضور رئيسها الأمير خالد الفيصل، ووزراء الثقافة لكل من دولة قطر ولبنان والأردن والإمارات، إضافة إلى حشد من السفراء والديبلوماسيين وكبار المثقفين والأكاديميين والإعلاميين. وأبرز التقرير أن أكثر المدونات العربية اهتماماً بقضايا الثقافة هي المدونات العُمانية، تليها الإماراتية ثم البحرينية والفلسطينية. وسجلت المدونات النسائية في السعودية 70 في المئة مقابل 30 في المئة للمدونين من الرجال. وفي الإمارات حققت النساء 75 في المئة، والجزائر 82 في المئة. أما التدوين الذكوري فاكتسح بلداناً أخرى وكان مركّزاً بخاصة في سورية والعراق والمغرب. واحتلت السعودية المرتبة الثانية عالمياً في نسبة الدارسين في الخارج، قياساً الى عدد السكان. وقال الأمير خالد الفيصل في مؤتمر صحافي عقد في دبي أمس لإعلان إطلاق التقرير، إنه «ينافس تقارير الأممالمتحدة»، ويثبت أن «الإنسان العربي والمؤسسات العربية قادرة على الإبداع إذا أعطيت الفرصة». الفرصة والإبداع وأشار إلى أن إطلاق التقرير وانعقاد المؤتمر السنوي لمؤسسة الفكر العربي، «يأتيان في وقت يمر العالم العربي على مشارف حقبة جديدة من تاريخ هذه الأمة، وينعقد المؤتمر الذي يحمل عنوان «ماذا بعد الربيع العربي»، في مرحلة استثنائية تمر بها المنطقة، وأرجو أن تكون استثنائية بحيث يثبت المواطن العربي للعالم أن هذه الأمة تستحق موقعاً متقدماً بين الأمم». وركز التقرير على قضايا الإبداع في السينما والمسرح والغناء، إضافة إلى كتابات الشباب، ودور الإعلام الاجتماعي في تشكيل الوعي الثقافي لدي الجيل الجديد الذي وجد أمامه أدوات تمكنه من إيصال إبداعاته إلى العالم. وعلى رغم أهمية التقرير، أكد المشرف العام على المؤتمر الأمير بندر الفيصل ل «الحياة» أنه لا يمكنه أن يدعي أن التقرير كامل، لكنه «يضع تصوراً لواقع الثقافة في المنطقة العربية، حيث يستطيع المتابع أن يحصل على رؤية عامة لوضع الثقافة في منطقتنا». وتوقع انعكاسات إيجابية لحراك «الربيع العربي» على واقع الثقافة في المنطقة، على اعتبار أن «الثقافة هي نتاج تجربة إنسانية، تنعكس على الفنون بكل أنواعها، وتحمل تراكمات التجربة الإنسانية في الساحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية». وقال: «لا يمكن أن نمر بهذه التجربة الإنسانية والمتغيرات التي تشهدها المنطقة، من دون أن تنعكس آمال الشعوب وطموحاتها على الموسيقى والشعر والفنون بجميع أنواعها». أما وزير الثقافة القطري حمد بن عبد العزيز الكواري، فرأى أن مؤتمر الفكر العربي الذي ينطلق غداً، يختلف عما سبقه من لقاءات، لأنه «ينعقد في وقت يشهد العالم العربي متغيرات لم يصل إلى مداها بعد، لكنها بالتأكيد أوجدت واقعاً جديداً في مساره وتطلعاته ومناهجه وأساليبه، فقد استطاعت المنتديات الفكرية أن تضع المتغيرات في الاعتبار وتدرسها بعناية وتستقي منها العبر، متعاملة مع الوسائط الحديثة للتواصل التي استغلها «الربيع العربي» لإحداث التغيير». ويبدو أن مؤتمر مؤسسة الفكر العربي هذا العام انطلق من مقولة رددها كل من تحدثت اليهم «الحياة» مفادها: «لو اختلفت المنطقة العربية في السياسة فلتتفق في الفكر والثقافة ومواجهة التحديات بما فيه خير الإنسان العربي والأمة العربية».