دافع أستاذ الأدب والنقد في جامعة الملك سعود الدكتور مرزوق بن تنباك عن النظم الديموقراطية والعلمانية والليبرالية، وقال إن الخطأ ليس في هذه النظم وإنما في تصورنا لها «فنحن نتصور خطأً أن الديموقراطية تشريع بشري يحل محل الأديان وبالتالي لأن نحكم عليها من واقع تصورنا وليس من واقع حقيقتها، كما نتصور أن العلمانية مذهب الحادي، وهي بعيدة كل البعد عن ذلك، ونتصور أن الليبرالية حرية مطلقة، وخروج للإنسان بحريته من الرقابة، فيما حقيقتها أنها ظاهرة رأسمالية تنظم المال والاقتصاد وتضمن حرية الفرد والمنافسة». وأكد أن هذه المصطلحات متداخلة وتفضي إلى بعضها البعض، مرجعاً خطأ تصورنا إلى «مشاهدتنا للممارسات الخاطئة والتي استخدمت القشور ووظفتها للحفاظ على مصالحها، إضافة إلى أنها أفكار نشأت في بيئات تختلف عنا»، قبل أن يؤكد أن العالم حتى الآن لم يصل لنظام يصل النظرية بالتطبيق، اذ يعتري النظرية كثير من الضعف، مضيفاً أن العبرة بسلامة النظرية وليس خطأ تطبيقها. جاء ذلك في محاضرة قدَّمها في خميسية الجاسر الثقافية الخميس الماضي بعنوان «الأنظمة السياسية الاجتماعية: حقيقتها وتصورنا لها» أدارها الدكتور جاسر الحربش، ووصف الديموقراطية بأنها أصلح نظام سياسي لإدارة الناس اذ تجعل الشعب مصدراً للسيادة وتحقِّقُ مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، من خلال وضع تشريعات تنظم الحياة العامَّة وتمكّن الفرد من اختيار من يمثله، مشيراً إلى أن الدول الغربية أدركت مبكراً أن النظم الديموقراطية هي الحل، «فالدولة المدنية» حالياً تمنح تلك المبادئ أكثر من «الدولة الدينية» التي تحصر الحريات في قيودها الدينية. وأوضح أن الحركات الإسلامية في الدول العربية والتي كانت تُردِّد دائماً بأنَّ «الإسلام هو الحل»، تدعو اليوم بعد وصولها لسدة الحكم إلى «الدولة المدنية» والتي هي مجرد تلطيف لمصطلحات الديموقراطية والعلمانية والليبرالية، مستشهداً بما يحدث الآن بدول الربيع العربي. وتابع ابن تنباك أن العلمانية مفهومٌ سياسي واجتماعي نشأ في عصور النهضة في أوروبا، وكانت في أساسها تصحيح لواقع الكنيسة لكنها تجاوزتها بعد أن عارضت سيطرتها وهيمنتها على المجتمع، ففصلت الدين عن الحياة، ومنها نشأ مفهوم الدولة القطرية أو الدولة للجميع، ولولا العلمانية لما ازدهرت النظم المستضعفة، مضيفاً أن الليبرالية «نظام رأسمالي يُنادي بالحرية المطلقة، ويبني على التعددية وفصل السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، وعلى التعددية الحزبية والنقابية التي لا يضمنها سوى النظام الديموقراطي. وقد قامت الليبرالية على حرية الاستثمارات وحرية العرض والطلب، مهملة بذلك مصلحة الجماعة لحساب مصلحة الفرد. لأنها تعتقد أن مصالح الأفراد تتطابق مع مصالح الجماعات، أو أن الأفراد هم الذين يُكوِّنون بمجموعهم هذا المجتمع». وقبل أن يجمل ابن تنباك الأنظمة الثلاثة، بأنَّ الديموقراطية «هي علاقة الناس بالناس، والعلمانية علاقة الدولة بالناس؛ أما الليبرالية فهي استقلال الفرد بذاته، نافياً أن يكون قاصداً الإسلام في محاضرته وإنما قصد الدولة الدينية».