لم يكن يوم السبت الموافق 2 حزيران (يونيو) الماضي يوماً اعتيادياً لدى الكثير من الأسر السعودية، إذ كان يشكّل لهم ذكرى يمكن وصفها ب«المزعجة»، فهو اليوم الذي وضعت فيه وزارة العمل السعودية حداً لأمر اعتاد عليه السعوديين لأعوام عدة، يتمثّل في إيقافها لتأشيرات استقدام العمالة المنزلية من الفيليبين وإندونيسيا، بعد أن كانت مكاتب الاستقدام تعجّ بهم، نظراً لحجم الإقبال على استقطابهم. أمرٌ بالإيقاف، كان بمثابة تدوير مسار عجلة إلى اتجاه مختلف لم يكن يُعرف كثيراً، فعلى رغم أنه كان رد فعل تجاه شروط جديدة أوجدتها دولتا الفيليبين وإندونيسيا ليتم الاستقدام منها، بجانب إعلان الرئيس الإندونيسي في ال23 من حزيران (يونيو) الماضي حظر سفر الإندونيسيين للعمل في السعودية بعد إعدام عاملة منزلية إندونيسية لإدانتها بقتل كفيلتها، إلا أنه لم يكن يجد القبول الشعبي الواسع، نظراً لكون المنازل السعودية في معظمها تفضّل هاتين الجنسيتين، وبالتالي فإن قطع الطريق ومنع الوصول إليهما يسهم في ظهور مأزق يصعب التخلّص منه، يكمن في البحث عن البديل الأنسب، ووضع الحلول التي من شأنها الإسهام في مرور الإيقاف الشرق الآسيوي بشكل عابر ومن دون أي تأثيرات سلبية. نصف عام يوشك أن ينقضي، منذ أن أصدرت وزارة العمل قرارها الذي سبقته الكثير من الإجراءات، جاء بينها تضاؤل نسبة وجود العمالة الفيليبينية والإندونيسية، ليصبح ذلك أشبه بأسلوب ضغط يهدف إلى استيفاء بعض المتطلبات التي وضعتها الدولتان، والتي تم اعتبارها بأنها غير متناسبة لطبيعة المجتمع السعودي، ليتم البدء فعلياً في فتح قنوات جديدة لتلبية حجم الطلب، والاتجاه إلى أسواق جديدة بحثاً عن العمالة المنزلية. السوق الأفريقية كانت هي الوجهة الجديدة الأبرز للسعوديين، من خلال الاستقدام من أثيوبيا وإرتيريا وكينيا، فالعمالة الأفريقية اقتحمت سوق العمالة المنزلية في السعودية، إلا أن ثمة عدم تقبّل من بعض الأسر، لكون هذه العمالة تعدّ حديثة الوجود في السعودية، كما أنها تتميز ببعض العادات والتقاليد التي تبدو مغايرة بشكل كبير عمّا لدى المجتمع السعودي. وتعتبر رئيسة قسم الحماية الاجتماعية بمنطقة الرياض الدكتورة موضي الزهراني، أن تحوّل الأسر السعودية إلى جنسيات جديدة لاستقطاب العمالة المنزلية يشكّل خطورة على المجتمع، مرجعة ذلك إلى صعوبة التكيّف بين المجتمع السعودي والثقافات الجديدة، بعد أن كان معتاداً على ثقافات معيّنة، مشيرة إلى أن الوضع العام مع الجنسيات الآسيوية لم يكن جيّداً بشكل كامل «فكيف سيصبح الوضع بعد دخول جنسيات جديدة». وقالت في حديث ل«الحياة»: «قرار إيقاف التأشيرات من إندونيسيا والفيليبين الذي اضطرت معه الأسر إلى البحث عن جنسيات أخرى، يعتبر تأثيره سلبياً على المجتمع، فالأسر السعودية كانت لأعوام عدة معتادة على العمالة الإندونيسية والفيليبينية، على رغم ما يتخلل هذا الاعتياد من حدوث بعض المشاكل التي قد تكون أسبابها عدم الوصول إلى معدّل مناسب من التكيّف، أو عدم الاختيار الجيّد، أو حتى استغلال بعض مكاتب الاستقدام، إلا أنه كان هناك قبول عام لهاتين الجنسيتين، والآن مع دخول جنسيات جديدة كيف سيصبح الوضع؟، خصوصاً في ظل أن الجنسيات الأفريقية تختلف عاداتها عن عادات المجتمع السعودي، وليست هناك تهيئة مسبقة للتعامل بين الطرفين، فالأمر يختلف عن الآسيويات، لكون الثقافة الآسيوية اعتاد عليها المجتمع السعودي والعلاقة مع استقدام العمالة الآسيوية قديمة، بينما مع العمالة الأفريقية فإننا نحتاج إلى أعوام للتكيّف مع المجتمع السعودي والعكس». وشدّدت على ضرورة تجديد المفاوضات بين وزارة العمل والحكومة الفيليبينية والإندونيسية، والعمل على دراسة أسباب هذا الإيقاف للوصول إلى صيغة حل مناسب لجميع الأطراف، مضيفة: «لا بد من معالجة المشكلة وليس فتح المجال لمشاكل أخرى، إضافة إلى أهمية وجود فريق يجمع وزارة العمل وسفارات الدول التي يتم الاستقدام منها، للإسهام في تخفيف المشاكل، بجانب وجود شركات متخصصة تعمل على اختيار العمالة المنزلية المناسبة، كما هو معمول به في بعض دول الخليج العربي، بحيث تصبح هذه العمالة تحت مسؤولية الشركة».