تطرق بنيامين نتانياهو خلال خطابه الاخير إلى أهم القضايا التي برزت مع ظهور القضية الفلسطينية، وأكد على ثوابت إسرائيل المعهودة من تلك القضايا؛ وبالنسبة للقضية الأبرز قضية اللاجئين الفلسطينيين ارتأى أن تحل في خارج إسرائيل وبالتالي عدم تحميلها أية مسؤولية سياسية أو قانونية عن تلك القضية وتداعياتها؛ كما أكد نتانياهو على ثابت من ثوابت الخطاب السياسي الإسرائيلي حيال إبقاء القدس بشقيها المحتلين الشرقي والغربي عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل؛ ويعتمد نتانياهو في ذلك على وقائع تحاول المؤسسات الإسرائيلية فرضها على الأرض في مدينة القدس بغية تهويدها والإطباق عليها؛ وفي هذا السياق تشير الدراسات المختلفة الى ان السياسات الإسرائيلية استطاعت ان تنال من المدينة؛ فبات هناك طوقان من المستوطنات الاسرائيلية يصل عددها الى 26 مستوطنة حول القدسالشرقية ويتركز فيها نحو 190 ألف مستوطن إسرائيلي؛ وثمة محاولات إسرائيلية ما زلنا نشهد فصولها لتهويد الأحياء العربية القديمة من خلال الإخطارات اليومية لهدم منازل العرب وطردهم والسيطرة أيضاً على ما تبقى من عقارات ومحال تجارية عربية بغية تهويدها وفرض الأمر الواقع الاحتلالي. وبالنسبة لموقف حكومة نتانياهو من المستوطنات الإسرائيلية التي تعتبر من أهم معالم الاحتلال أصرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن إسرائيل لن تصادر أراضي جديدة في الضفة الغربية ولن تبني مستوطنات إسرائيلية هناك؛ لكنه لم يشر إلى إمكانية تفكيك المستوطنات القائمة في الضفة؛ وفي هذا السياق تشير الدراسات الى انتشار أكثر من 151 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية يقطن فيها أكثر من 300 ألف مستوطن إسرائيلي وقد تمّ إنفاق نحو 70 بليون دولار أميركي منذ عام 1967 لبناء تلك المستوطنات. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن نتانياهو اشترط مبدأ التفاوض مع الفلسطينيين والوصول الى دولة فلسطينية منزوعة السلاح باعتراف فلسطيني بفكرة يهودية الدولة؛ وبالتالي محاولة شطب القرار 194 من أجندة الأممالمتحدة فيما بعد؛ فضلاً عن سعي اسرائيل إلى تهميش الأقلية العربية داخل الخط الأخضر؛ وتهيئة الظروف إن أمكن لطرد عدد كبير منها إما إلى الضفة الغربية أو إلى خارج فلسطين؛ وهذه الحقائق أشار إليها نتانياهو ووزير خارجيته ليبرمان في أكثر من مؤتمر ومناسبة في إسرائيل خلال السنوات القليلة الماضية وأثناء الحملات الانتخابية التي سبقت فوز اليمين الإسرائيلي. و في مقابل الثوابت الإسرائيلية التي فندها وأكد عليها نتانياهو إزاء القضايا الجوهرية في إطار الصراع العربي - الإسرائيلي تؤكد السلطة الفلسطينية ومرجعيتها العليا منظمة التحرير الفلسطينية على الثوابت إزاء قضايا الوضع النهائي؛ فيشير الفلسطينيون إلى ضرورة إيقاف النشاط الاستيطاني وتفكيك المستوطنات من الضفة الغربية؛ ويؤكدون في الوقت ذاته على ضرورة أن تفضي أية مفاوضات مع إسرائيل إلى دولة فلسطينية كاملة السيادة على كامل مساحة الضفة والقطاع وعاصمتها الجزء الشرقي من مدينة القدس. وبعد رفض السلطة الفلسطينية الاعتراف بيهودية الدولة خلال جلسات مؤتمر أنابوليس قبل عامين ما زالت السلطة ترفض الاعتراف بالفكرة المذكورة والتي اشترطتها إسرائيل للقبول بمبدأ دولة فلسطينية منزوعة السلاح؛ كما تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية في الوقت ذاته على حق عودة اللاجئين وفق قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة وفي المقدمة منها القرار 194 الصادر في نهاية عام 1948. * كاتب فلسطيني