الهجوم الإسرائيلي علي إيران رهْنُ عاملَيْن: قدرة الردع الإيرانية، وموقف الولاياتالمتحدة. وتسود وجهتا نظر في إسرائيل إزاء احتمال الهجوم علي إيران، الأولي ترى أن طهران تملك قوة ردع تخوِّلها أن تزلزل الوضع في إسرائيل، وهو رأي العسكريين وبعض المسؤولين الأمنيين. اما وجهة النظر الثانية، فتُبرز طهران عاجزةً عن التصدي لإسرائيل إذا شنت هجوماً علي المراكز الإستراتيجية الصناعية والنووية الإيرانية. ولا يَسَع الدولة العبرية شنَّ مثل هذا الهجوم من غير ضوء أخضر أميركي، وثمة اعتقاد بأن 3 دول في المنطقة توافق علي الهجوم علي إيران، وهي مستعدة لتقديم المساعدة، كما أن إسرائيل تستفيد من المجال الجوي العراقي الذي سيصبح مفتوحاً إذا انسحبت القوات الأميركية من العراق. والأغلب أن تنفذ تل أبيب وعيدها اذا نالت موافقة واشنطن وحلف «الناتو» وحازت مساعدة دول المنطقة. ويبدو أن إسرائيل لم تحصل بَعد على الموافقة الأميركية، فواشنطن لم تستكمل انسحابها من العراق، وهي لا تريد حالياً الاشتباك مع الإيرانيين، في وقت تواجه أنقرة مشكلات إقليمية وداخلية، وتسعى الى المشاركة في مؤتمر إقليمي مطلع الشهر المقبل لدرس الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة إثر مرحلة «الربيع العربي». لا يمكن الاستهانة بخطورة هذا المؤتمر، فمعظم المشاركين فيه يُعادون إيران، كما أن نتائجه قد تخلِّف أثراً لا يستهان به في الأوضاع المعقّدة التي تواجهها طهران نتيجة الملفات التي أعدّتها الولاياتالمتحدة:الملف النووي، او حقوق الإنسان، او المعلومات المتداولة عن بيع إيران أسلحة كيماوية لنظام القذافي. أخفقت الديبلوماسية الإيرانية في تذليل هذه الملفات الشائكة، وبلغت الامور مبلغَ ان يصوِّت كل من لبنان وسورية والسودان ضد إيران في الجمعية العمومية لمنظمة الأممالمتحدة. ولم يدعم اصدقاء إيراندمشق التي تنظر إليها الجامعة العربية على أنها حليفة إيران. وثمة من يرى ان الديبلوماسية الإيرانية التي تواجه تحديات جدية، مطالَبة بمعالجة ملفين أساسيين وتذليل المشكلات المترتبة عليهما، وإلا انزلقت هذه الديبلوماسية الى أزمة جديدة:أول الملفين هو الملف النووي، تحديداً ما جاء في تقرير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحريّ بإيران التعامل بإيجابية مع التقرير والردّ عليه قبل السعي الى حمل مدير الوكالة على تغيير موقفه. وإيران مدعوة أيضاً الى انتهاج ديبلوماسية فاعلة وذكية لتقويض الأخطار التي تواجهها. الملف الثاني يفترض تفعيل الديبلوماسية مع الدول العربية والاسلامية التي تتباين مواقفها والموقف الإيراني، فهذا النهج الديبلوماسي يرمي الى اقناع هذه الدول بموقف طهران، تبرز حاجتها الى الاستفادة من «الربيع العربي» لتغيير بوصلة التحديات الامنية والسياسية. * محلل ومعلق، عن « ديبلوماسي إيراني» الإيراني، 24/11/2011، اعداد محمد صالح صدقيان