أكد وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي أن بلاده دخلت مرحلة جديدة بعد تخلي الرئيس علي عبدالله صالح عن سلطته، والتنازل عن صلاحياته، وأن التاريخ يشهد بأن لصالح مؤيدين كثراً في البلاد يتمنون بقاءه في السلطة رئيساً. وقال القربي في حوار خص به «الحياة» قبل مغادرته الرياض بعد أن شهد توقيع اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية الأربعاء، إن «نظام علي عبدالله صالح لم يرحل عن اليمن، وصالح لن يرحل، بل سيظل يمنياً له الحق في البقاء، ولعب دور سياسي من خلال المؤتمر الشعبي العام». وبخصوص انتهاء مرحلة الثورة الشعبية في بلاده قال: «نحن في اليمن فخورون بأننا أخرجنا البلاد بحلول تختلف عما جرى في مصر أو تونس أو حتى ليبيا التي ألقت بظلالها علينا»، مؤكداً أنه لن يترشح لرئاسة اليمن، وأنه أدى واجباته تجاه وطنه. واتهم القربي وسائل الإعلام القطرية بالتدخل في الشأن اليمني وتشويه صورته، وقال: «قطر لها علاقات مميزة معنا منذ عقود، ونتمنى أن تعود كما كانت في السابق، وأن تتسم وسائلها الإعلامية التي أساءت إلى العلاقات مع اليمن بالصدق والموضوعية». وأكد وزير الخارجية اليمني أن الشعوب العربية تعاني من الإحباط، وترغب في التغيير نحو الأفضل، وأضاف: «العالم العربي متخلف كثيراً، والشعوب ترى العالم يتقدم للأمام، وهي ثابتة لا تتحرك من مكانها، على رغم ثرواتها الكبيرة الموجودة». وفي ما يأتي نص الحوار: الآن وبعد أن أنهى الرئيس علي عبدالله صالح فترة رئاسته لليمن، إلى أين تتجه البلاد؟ وما ردكم على من انتقد تاريخ الرئيس طوال حكمه؟ - أنا لا أحب أن أعلق على ما يطرحه الآخرون الذين ينتقدون سنوات حكم الرئيس صالح، لأن الحقائق تظهر أن الرئيس كان يقدر حتى من يختلف معه، ومثل ما له من معارضين، له مؤيدون يتمنون ويريدون بقاءه في السلطة رئيساً، وهذه الحقائق نحن نتركها للتاريخ وليس للأشخاص. أما ما حدث في الرياض من توقيع لمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، فيعكس حقيقة وتماسك الشعب اليمني طوال هذه الأزمة خلال ال10 أشهر الماضية، إذ استطاع الشعب التمسك والحرص على وحدته، ورفض العنف كوسيلة لتحقيق المكاسب السياسية التي يريدها البعض، والحقيقة أن قرار الرئيس صالح بتوقيع المبادرة كان متخذاً منذ أول يوم لإطلاقها، ولكن كان هناك خلاف على آلية تنفيذ بنود هذا الاتفاق، والآن وبعد 10 أشهر أوفى بوعده ووقع المبادرة، بعدما تم الاتفاق على التنفيذ كاملاً، والمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون كان لها أيضاً دور وحرص كبير على بقاء المبادرة على الطاولة، لأنهم يدركون أن اليمنيين سيخرجون من أزمتهم وإن طال الوقت، ونحن نستطيع القول اليوم إنه تم فتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد. عطفاً على ما قلت بأن الرئيس صالح كان مؤيداً لمبادرة مجلس التعاون منذ إعلانها، فلماذا التأخير 10 أشهر من أجل التوقيع عليها؟ - كان ذلك بسبب الاختلاف على الآلية وتنفيذها من قبل الطرفين، وهي التي أخذت وقتاً طويلاً أكثر مما ينبغي، ولكن الأمور يكتب لها أن تنضج في وقتها. هل ترون أن ما حدث في اليمن من انتفاضة ضد النظام ثورة أم مؤامرة؟ - أنا لا أحب التصنيفات هذه، فهناك من يسميها «ثورة» وآخرون «مؤامرة»، والبعض يطلق عليها «انقلاباً»، والحقيقة أنها نتاج عوامل كثيرة مختلفة الاتجاهات... سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية، أوجدت هذه الأزمة، والأحداث التي ولدت في تونس ومصر وبعدهما ليبيا ألقت بظلالها على اليمن وهبت رياحها على أرضه، ولكننا في النهاية فخورون بأننا أخرجنا البلاد بحلول تختلف عما جرى في مصر أو تونس أو حتى ليبيا، وهذا يتمثل دائماً في ما نردده دوماً بأن الحكمة يمانية، ونأمل أن ننتقل إلى مرحلة التنفيذ. هناك من يطرح الشكوك حول استقرار اليمن بعد رحيل صالح، هل أنتم قلقون فعلاً على مستقبل بلادكم بعد رحيل النظام؟ - الحقيقة أن نظام علي عبدالله صالح لم يرحل عن اليمن، وصالح لن يرحل عن اليمن، بل سيظل يمنياً له الحق في البقاء، ولعب دور سياسي من خلال المؤتمر الشعبي العام، وهذا واضح في إطار المبادرة، والآن الذي يحدث هو أننا سندخل مرحلة جديدة من العمل السياسي في إطار توافق وطني وحكومة ائتلاف وطني وانتخابات مبكرة وأخرى عامة، وذلك بعد تعديلات دستورية ستتم. كيف تنظرون إلى علاقاتكم من جديد مع قطر التي وجهتم انتقاداتكم لها أكثر من مرة بسبب تدخلها في اليمن؟ - الانتقاد كان لوسائل الإعلام القطرية التي تتدخل في الشأن اليمني، فهي لم تنقل الأحداث بأمانة وإنما شوّهت الواقع اليمني الموجود، والرئيس صالح لم ينتقد قطر كحكومة، ولكن ينتقد التدخل الإعلامي الذي في قطر، ونحن حريصون على العلاقات مع قطر، ولها علاقات مميزة معنا منذ عقود، ونتمنى أن تعود إلى عهد العلاقات كما في السابق، وأن تتسم وسائلها الإعلامية التي أساءت إلى العلاقات مع اليمن بالصدق والموضوعية، لأننا لا نمانع في أي تقارير إعلامية مهما كانت حدتها، شريطة ألا تتجاوز الحقائق على الأرض. لماذا كتب رحيل النظام السابق في اليمن بطريقة مختلفة عما جرى من نهاية لأنظمة تونس ومصر وليبيا؟ - السبب هو قولنا دوماً إننا في اليمن نختلف عن الدول الأخرى بطبيعة التركيبة الاجتماعية أو حتى القبلية، والشيء الآخر أن المبادرة الخليجية التي طرحت وتم الاتفاق عليها كانت أحد المفاتيح لحل الأزمة، والتي قبلها كل الأطراف، وأصر الرئيس علي صالح بنفسه على أن تكون لها آلية واضحة تحدد المراحل المتدرجة وما يجب الوقوف به. إذا كتب لليمن أن يكون ديموقراطياً، هل سترشح نفسك مستقبلاً لرئاسة الجمهورية؟ - أعتقد أن أبو بكر القربي أدى دوره كاملاً وما عليه من واجبات تجاه بلاده، وعليه الآن أن يترك لغيره تحمل المسؤولية. هل ترى أن الثورات الشعبية ستنتقل إلى الدول العربية الأخرى التي حتى الآن لم تشهد حراكاً شعبياً؟ - كل دولة عربية لها ظروفها الخاصة، وبكل تأكيد هناك مطالب للتغيير نحو الأفضل بحكم أن العالم أصبح منفتحاً، ولا توجد أي حواجز لما يجري على سطحه، والحقيقة أن العالم العربي تخلف كثيراً في كل مجالاته سواء السياسية منها أو الثقافية أو العلمية. ولا أريد أن أضيف لأن ذلك يزيد من حال الإحباط الموجودة لدى الشعوب العربية التي ترى العالم يتقدم للأمام وهي ثابتة لا تتحرك من مكانها على رغم ثرواتها الكبيرة الموجودة. ما هو حجم المخاوف لديك كمواطن يمني من التدخل الإيراني في البلاد بعد هذه المرحلة؟ - المخاوف ليست من إيران فقط، لأن هناك أطرافاً عدة تريد التدخل في شؤون اليمن، وإيران في علاقتنا معها نؤكد عليها دوماً ألا تتدخل في شؤون الدول العربية وخصوصيات هذه الدول، وأن تكون جزءاً من الحل وليس من المشكلة.