يعتزم رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رنزي خلال رئاسة بلده للاتحاد الأوروبي التي تبدأ اليوم وتستمر ستة أشهر، الدفع في اتجاه أن تكون أوروبا أكثر التزاماً بالنمو وتضامناً لتصحيح صورة المؤسسات، التي ابتعدت عن مشاغل الناس وباتت عنواناً للتقشف. وقال رنزي الشاب الذي يتمتع بحيوية كبيرة، خلال حديثه في البرلمان عن رئاسة الدورة المقبلة للاتحاد الأوروبي «أن يكون لدينا عملة أو رئيس أو مصدر تمويل مشترك، أمر غير كاف، فإما أن نقبل مصيراً وقيماً مشتركة وإما نفقد دور أوروبا في مواجهة نفسها». ورأى أن «أوروبا اليوم غارقة في أرقام ومحرومة من روح». ولا يطلب ماتيو رنزي تجاوز نسبة 3 في المئة من العجز في الموازنة من الناتج الداخلي، لكن يريد «استخدام هامش المرونة المنصوص عنه» في المعاهدات الأوروبية. وحصل على دعم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في هذا المجال، وهو يؤيد «الاستفادة بالكامل من المرونة وتحديداً بهدف أخذ الإصلاحات التي بدأتها الدول في الاعتبار إضافة إلى وضعها الاقتصادي». ولتفعيل النمو، دعت باريس إلى «برنامج استثمارات يمتد خمس سنوات، عبر حشد الموارد الأوروبية العامة والوطنية». وتقترح روما التي طالبت أيضاً بوضع «برنامج استثمارات واسع» خصوصاً في البنى التحتية في مجال الطاقة، وتمويله بواسطة «سندات مشاريع». وأوضح وزير الدولة للشؤون الأوروبية ساندرو غوزي في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، أن «إيطاليا تريد دوراً أكثر حيوية للبنك الأوروبي للاستثمار»، الذراع التمويلية للاتحاد الأوروبي. واستناداً إلى غوزي الذي أورد بحوثاً أوروبية، تساوي «الفجوة» بين ضرورات النمو وإيجاد وظائف والأموال الأوروبية المخصصة لهذه الأهداف «نحو 700 بليون يورو». وشدد على ضرورة «تغيير الاتجاه في البناء الأوروبي، وكان يجب أن تكون أوروبا حلماً، لكنها أصبحت كابوساً». وترغب إيطاليا التي تكافح نمواً ضعيفاً وبطالة بلغت نسبتها 12.6 في المئة، في مهل أطول لتقليص ديونها العامة الضخمة (نحو ألفي بليون يورو أي أكثر من 130 في المئة من ناتجها الداخلي). واعتبرت خلال القمة الأوروبية، أنها سجلت نقاطاً عبر حصولها على توقيع ألمانيا على بياض، بزعامة المستشارة أنغيلا مركل، وثيقة للسنوات الخمس المقبلة، توافق على قراءة أكثر مرونة لمعاهدة الاستقرار الأوروبي». لكن معلقين لفتوا السبت إلى أن إيطاليا «لم تحصل على موافقة بروكسيل لتأجيل وجوب العودة إلى التوازن في الموازنة إلى 2016». وحجر العثرة الآخر باستثناء اختيار اللوكسمبورغي جان كلود يونكر على رأس المفوضية الأوروبية، هو فشل الأوروبيين في الاتفاق على أسماء شخصيات تتولى رئاسة المجلس الأوروبي ومجموعة اليورو والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. ورأى المحلل فيديريكو نيليا أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة لويس في روما»، أن «الرئاسة الإيطالية لستة أشهر تنطلق مع الصعوبات الكثيرة وتجديد مواقع مهمة داخل المؤسسات الأوروبية وبرلمان أوروبي منتخب حديثاً، شهد تعزيز موقع القوى المناهضة لأوروبا». ولفت إلى أن «الموقف البريطاني سيمثل أيضاً مشكلة، لأن لدى لندن قراءة للتكامل الأوروبي تتعارض بالكامل مع قراءة روما» التي تدعو إلى اتحاد أكثر قوة أيضاً. وبعد صعود أحزاب مناهضة لأوروبا أو مشككة فيها في كل أرجاء الاتحاد في الانتخابات التي جرت نهاية أيار (مايو) الماضي، تجد السياسة الأوروبية ذاتها على رغم ذلك مجبرة على التغيير. وأكد نيليا أن «نتيجة الانتخابات الأوروبية مؤشر يستحيل تجاهله»، معتبراً أنها «ناقوس خطر». وهذا العامل المتمثل في تقدم المناهضين لأوروبا، هو الذي يعتزم ماتيو رنزي استخدامه رافعة لدفع الاتحاد الأوروبي إلى تعديلات معمقة. وسيعقد البرلمان الأوروبي الجديد جلسته الافتتاحية في ستراسبورغ (فرنسا) من اليوم وحتى الثالث من تموز الحالي. وسيعرض رئيس الحكومة الإيطالية خلالها برنامجه للرئاسة الدورية في الثاني منه.