قد يكون مفهوم «راجع المصدر»، أول قاعدة في الصحافة. ولكن في تغطية الاحتجاجات في إيران، تبنّت بعض المؤسسات الإخبارية موقفاً مختلفاً: أُنشر أولاً، واطرح أسئلة في وقت لاحق. وإذا كنت لا تزال لا تعرف الجواب، اسأل القراء. بثت شبكة «سي أن أن» الأميركية عشرات أشرطة الفيديو التي قدمها إيرانيون، ومعظمهم من المتظاهرين. كما نشرت المواقع الإلكترونية لصحيفة «نيويورك تايمز» ومجلة «أتلانتيك» وصحيفة «ذي غارديان» في لندن، مدوّنات مع مزيج من أشرطة فيديو لا يمكن التحقق منها، ورسائل مجهولة المصدر عبر موقع «تويتر» وروايات تقليدية من طهران. وبرز أسلوب جديد في جمع الأخبار، يمزج بين مساهمات المواطنين العاديين وتقارير الصحافيين وتحليلاتهم. وسائل إعلام رئيسية كانت تنتقد في السابق عدم القدرة على تحديد مصدر المعلومات في الانترنت، لم يكن أمامها خيار سوى تشريع أبوابها في هذه الحالة. ومع ازدياد الاحتجاجات ضد الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، فرضت الحكومة قيوداً على وسائل الإعلام الأجنبية. ومع انتهاء صلاحية تأشيرات الدخول، غادر عدد كبير من الصحافيين، فيما مُنع من بقي منهم من العمل في الشوارع. ووسط غياب الأنباء، تحوّلت أشرطة فيديو الهواة وروايات الشهود الى مصدر للمعلومات. وقال ماثيو ويفر الذي عمل على المدونات طيلة أكثر من 10 أيام للموقع الإلكتروني لصحيفة «ذي غارديان»: «ان حجم المواد (الخارجة من إيران) أمر لا يُصدق». وعندما تحدث مسيرات ونزاعات «تأتي أنباء تويتر أولاً، ثم الصور، ثم أشرطة فيديو على موقع يوتيوب، ثم وكالات الأنباء. هذا رائع». وخصصت «سي أن أن» موقع «iReport.com» لتشجيع المشاهدين على تحميل الصور والمشاهدات، حيث يُحمّل الشريط تلقائياً، لكن عرضه على الشاشة يتطلب درسه، كما ان الشبكة تتصل بالشخص المعني الذي حمّل الشريط، كي تتأكد من صحته. والشبكة التي طُرد مراسلوها من إيران الأسبوع الماضي، تلقت 5200 شريط حول إيران، ووافقت على بث نحو 180 منها على شاشتها. وللمرة الأولى، يجلس منتج من «iReport» في غرفة الأخبار الرئيسية. وبدأ نيكو بيتني وهو كبير محرري مدونة «ذي هافينغتون بوست»، تجميع الأخبار حول إيران في 13 حزيران (يونيو)، أي بعد يوم واحد من الانتخابات. بحلول منتصف الأسبوع الماضي، تلقت المدونة أكثر من مئة ألف تعليق كما تم الاطلاع على 5 ملايين صفحة. وقال بيتني ان مدونة مماثلة تقدم مزيجاً من التقارير المهنية ومواد للهواة يمكن الوثوق بها. وفي اعتراف بدور الإنترنت في تغطية الاحتجاجات، تلقى بيتني دعوة من البيت الأبيض كي يطرح سؤالاً خلال مؤتمر صحافي للرئيس باراك أوباما الأسبوع الماضي. وحوّل بيتني الى أوباما سؤالاً تلقاه من مواطن إيراني عبر البريد الالكتروني. وقال الرئيس الأميركي: «نشهد تقارير كثيرة ترد مباشرة من إيران». ووُضع مذيعو التلفزيون غالباً في موقف حرج، خلال تغطية الأحداث في إيران. وبث شيبارد سميث مذيع شبكة «فوكس نيوز» الأربعاء الماضي شريط فيديو مأخوذاً عن «يوتيوب» لعناصر في الشرطة يضربون أشخاصاً. وقال لمشاهديه: «لا نعرف متى (صُوِّر هذا الشريط) أو أين. لا نعرف حتى إذا كان ذلك حصل فعلاً».