تحتوي العشرة كيلومترات العليا للقشرة الأرضية على قدر من الطاقة الحرارية يعادل 50 ألف مرة كل الطاقة الموجودة في كافة احتياطيات النفط والغاز العالمية مجتمعة. لكنه على الرغم من هذه الوفرة، تم تسخير فقط 10.700 ميجاوات من طاقة الكهرباء الحرارية في العالم. ويرجع جانب من ذلك إلى هيمنة صناعات النفط والغاز والفحم، وهي المصادر التي اعتادت توفير الوقود الرخيص من خلال تجاهل التغيير المناخي وتلويث الهواء. وفي المقابل، لم يتم استثمار سوى القدر القليل في تطوير طاقة الحرارة الأرضية. فعلى مدى العقد الماضي، على سبيل المثال، ارتفع إنتاج الطاقة الحرارية الأرضية بنسبة 3 % سنويا بالكاد. ويتركز ما يقرب من نصف قدرة العالم على توليد الطاقة الحرارية الأرضية في أمريكا والفلبين، في حين تحظى إندونيسيا والمكسيك وإيطاليا واليابان بمعظم ما تبقى من هذه القدرة. وفي المجموع، تعمل 24 دولة حاليا في تحويل الطاقة الحرارية الأرضية لتوليد الكهرباء. وتحصل السلفادور وأيسلندا والفلبين من محطات توليد الطاقة الحرارية الأرضية، على 26 و25 و 18 % على الترتيب. والواقع أن قدرات الطاقة الحرارية الأرضية على توفير الكهرباء لتدفئة المنازل وتشغيل الصناعات، هائلة. أما الدول الغنية في الطاقة الحرارية الأرضية، فهي تلك المطلة على المحيط الهادئ فيما يسمى «حزام النار». ويشمل «حزام النار» هذا كل من شيلي وبيرو وكولومبيا والمكسيك، وأمريكا وكندا وروسيا والصين واليابان، والفلبين وإندونيسيا وأستراليا. وهناك أيضا دول أخرى غنية بهذا النوع من مصادر الطاقة، ومنها تلك الواقعة على طول ما يسمى «وادي الصدع العظيم» في إفريقيا مثل كينيا وإثيوبيا، وتلك الأخرى المطلة على شرق البحر الأبيض المتوسط. وإضافة إلى توليد الكهرباء، يستخدم ما يقدر ب100 ألف ميجاوات من مصادر الطاقة الحرارية الأرضية، ومن دون تحويلها إلى كهرباء، سواء في تدفئة المنازل أو الدفيئات الزراعية، أو كحرارة تشغيلية في الصناعات. وتشمل استخداماتها، على سبيل المثال، الطاقة المستعملة في الحمامات الساخنة في اليابان. هذا ولقد شكل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «إم آي تي» الأمريكي في عام 2006، فريق متعدد التخصصات مكون من 13 عالما ومهندسا، لتقييم قدرات توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية. وقدر الفريق، بالاعتماد على أحدث التقنيات، بما فيها تلك التي تستخدمها شركات النفط والغاز في عمليات التنقيب والاستخراج والاسترداد، أنه يمكن استخدام نظم طاقة حرارية أرضية معززة لتطوير إنتاج الطاقة الحرارية الأرضية على نطاق واسع. وتكمن هذه التكنولوجيا في الحفر حتى طبقة الصخور الساخنة، وكسر الصخور، وإعادة ضخ المياه في الصخور المتصدعة، ثم استخراج مياه ساخنة للغاية لتشغيل التوربينات البخارية. كما قدر فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن أمريكا، باستخدام مثل هذه التكنولوجيا، لديها ما يكفي من الطاقة الحرارية الأرضية لتلبية احتياجاتها من الطاقة بقدر 2000 مرة. وعلى الرغم من ارتفاع تكلفتها، يمكن استخدام هذه التكنولوجيا في كل مكان تقريبا، لتحويل الحرارة الأرضية لتوليد الكهرباء. وتعتبر أستراليا حاليا الدولة الرائدة في مجال تطوير محطات تجريبية تستخدم هذه التكنولوجيا، تليها ألمانيا وفرنسا. وفي سعي لمساعدة أمريكا على التحقق من كامل هذه الإمكانية، قدر فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن الحكومة الأمريكية ستحتاج إلى استثمار مجرد مليار دولار في مجال البحوث والتنمية الحرارية الأرضية في السنوات المقبلة، أي ما يقرب من تكلفة محطة توليد كهرباء واحدة تعمل بالفحم. وحتى قبل أن يجري تعميم هذه التكنولوجيا الجديدة والمثيرة على نطاق واسع، واصل المستثمرون العناية بالتكنولوجيات الموجودة. فلسنوات عديدة، كانت الطاقة الحرارية الأرضية محصورة إلى حد كبير أمريكا في سياق مشروع «جيسيرز» شمال سان فرانسيسكو، وهو أكبر مجمع في العالم للطاقة الحرارية الأرضية، بإنتاج يبلغ 850 ميجاوات من الطاقة المولدة. والآن تنتج أمريكا أكثر من 3000 ميجاوات من مصدر الطاقة الحرارية الأرضية وتشهد توسعا كبيرا في هذا المجال. كذلك من المتوقع أن تنتج 152 محطة توليد الكهرباء قيد البناء في 13 ولاية، ما يقارب ثلاثة أضعاف القدرات الأمريكية على توليد الطاقة الحرارية الأرضية. وتقود هذا المسار ولايات كاليفورنيا ونيفادا وأوريجون وايداهو ويوتا .