«ابنتي ذهبت ضحية راتب ألفي ريال. كنت أسامرها حتى الثالثة فجراً، وهي منكبة على تحضير دروس طالباتها»... هكذا بدأ والد المعلمة المتوفاة في حريق جدة أمس ريم علي عمر النهاري حديثه ل«الحياة»، وهو في حال من الحزن والبكاء على فقد ابنته البالغة من العمر 25 عاماً. ريم التي قضت في الحريق بسبب الاختناق وتعرضها لإصابتين في الرأس، حصلت على هذه الوظيفة على رغم راتبها الضعيف من أجل مساعدة أشقائها وتعويضهم حنان والدتهم المتوفاة، بحسب ما قال والدها. وقال شقيقها أحمد: «آخر مرة رأيت فيها ريم، عندما قمت بإعداد وجبة الغداء معها مساء الجمعة. وذهبت حين وردني نبأ وفاتها ظهر أمس وأنا بين مصدق ومكذب للخبر المؤلم». ويشاطره الأسى خالها علي العريشي الذي وصفها بأنها العمود الفقري لأسرتها والمتحملة لمسؤولية أشقائها. المشهد الذي هز «الجداويين» أمس ألقى بظلاله على أسرة وكيلة المدرسة الابتدائية غدير كتوعة التي توفيت نتيجة لتعرضها للاختناق أثناء محاولتها إنقاذ طالباتها، إذ أوضح خالها فريد كتوعة ل«الحياة» أن أسرتها تعرفت على جثتها وسط حال من الذهول والصدمة، خصوصاً أنها متزوجة ولديها ثلاث بنات. ولم يكن أمام الطالبة طيف سعيد القحطاني البالغة من العمر 12 عاماً إلا أن تلقي بنفسها من الطابق الثالث للنجاة من ألسنة اللهب التي أتت على المدرسة، الأمر الذي تسبب بإصاباتها في الرأس، لكن العناية الإلهية أنقذتها من موت محقق. وقالت القحطاني ل«الحياة» إنها وزميلاتها تجمعن في خوف وهلع بعد انتشار الدخان وارتفاع ألسنة اللهب، ولم يكن أمامها سوى القفز من النافذة بعد كسر الزجاج، فكانت الأولى من زميلاتها التي بادرت بهذا التصرف، ولم تشعر بعدها بأي شيء إلا وهي في المستشفى. واستغرب والدها من عدم وجود شبكة لمكافحة الحرائق في مثل هذه المجمعات المدرسية وعدم تنظيم إخلاء الطالبات بطرق سليمة. ووصفت والدة الطالبة المصابة هديل محمد الغامدي الحادثة بأنها نتيجة «الإهمال» وعدم المبالاة، لافتة إلى ضرورة فتح التحقيق في هذه الكارثة ومحاسبة المقصرين في تجاهل وسائل الأمن والسلامة داخل المدارس، وتعويض الأسر عن الهلع والذعر الذي أصاب مئات منها.