بعد اجتياح الدخان أروقة الفصول الدراسية، وإسراع مجموعة من المعلمات والإداريات إلى إخلائها بتوجههن إلى مخارج الطوارئ تفادياً لاختناقهن نتيجة الحريق الذي غطى جميع أدوار مدرسة براعم الوطن، حتى بلغت الحال درجة إغلاق السلالم ولم يجدن سبيلاً إلى الإنقاذ، شرعت مرشدة الطالبات دنيا الشافي (30 عاماً وأم لطفلين) باب الحياة لغيرها من المحاصرات بالقفز من الدور الثالث لدى مشاهدتها سجادة طرحها بعض المسعفين عندما تعالى صوت جرس الإنذار الذي كان متأخراً بعض الشيء في بداية الأمر. واستطاعت الشافعي (التي سبق لها التدرب على التعامل مع حالات الطوارئ) قبل ارتمائها من المكان المرتفع بمرافقة زميلاتها تهشيم النوافذ لتدخل كمية هواء نقية في شكل أكثر خففت من حدة السحب الدخانية الكثيفة التي أحجبت إمكان الرؤية داخل الفصول. وما إن ارتمت مرشدة الطالبات هرباً من وسط ألسنة النيران المتسارعة حتى لحقت بها الكثير من زميلاتها المعلمات على رأسهن معلمة اللغة العربية نورة الغامدي (32 عاماً) التي تعرضت لكسور ورضوض متفرقة نقلت على إثرها مع من أصبن إلى مستشفى الملك فهد، ومن ثم تساقطت أجساد الطالبات بإلقاء أنفسهن خلف معلماتهن هرباً من الكارثة التي لحقت ببعض زميلاتهن اللائي اختنقن. وعن تجربة دنيا حاولت «الحياة» التحدث إلى أحد ذويها من خلال هاتف منزلها، بيد أن فتى يدعى رائد (تسعة أعوام) ظهر على صوته النحيب جراء الصدمة التي لم تستوعبها براءته، أجابها بأن دنيا في المستشفى لأنها هربت من الحريق وألقت نفسها من مكان مرتفع، واصفاً حاله شخصياً ب«السيئ»، وقال: «أنا في حال من الذعر إذ إنني هنا (في البيت) وحدي بعد أن هب أهلي لمتابعة حال دنيا وبقية زميلاتها في المستشفى اللائي يعرفونهن». من جانبه، أكد استشاري الجراحة العامة والمناظير بمستشفى الملك فهد الدكتور عبدالملك حويد ل «الحياة» استقبال ثماني حالات من اللائي ألقين بأنفسهن من مواقع مرتفعة في المدرسة المحترقة، هن ست طالبات ومعلمتان، إضافة إلى واحد من المسعفين الذين باشروا موقع الحادثة، مشيراً إلى أن جميع الحالات مستقره تقريباً، إذ بلغت الكسور أجزاء متفرقة في أجساد المصابات إثر القفز وتمزقات عضلية، في الوقت الذي لحقت إحدى المعلمات وهي حامل في شهرها السابع كسور من النوع ذاته، كما طاولت غالبية حالات الإصابة بالحروق أيدي وأرجل المصابات.