أكد مدير مركز البيت السعيد صالح البراهيم، أن حالات العنف والمشاكل الأسرية في تزايد، مشيرًا إلى أن المركز استقبل خلال العام الجاري أكثر من 500 حالة، مبينًا أن جهود المملكة في مكافحة حالات العنف الأسري، دون المستوى المطلوب، إذا قورنت بحجم الظاهرة، وتداعياتها على مستوى المجتمع. وأضاف ل «الحياة» أن مركز البيت السعيد (مؤسسة اجتماعية غير ربحية) سجل هذا العام ارتفاعًا في حالات «المشاكل الأسرية التي ترد إلى المركز، مقارنة بالعام الماضي، مبينًا أنه سيتم إصدار تقرير خاص حول هذا الأمر مع نهاية العام، يتم خلاله رصد جميع الحالات، وأنواعها، مؤكدًا أن حالات العنف الأسري وسوء المعاملة تتصدر القائمة، تليها حالات التقصير في الحقوق الزوجية بأنواعها، ثم الخلافات المادية، وبعدها الخيانات الزوجية والتي تتذيل القائمة بعدد محدود جدًا. وأضاف أن حالات العنف الأسري التي تأتي إلى «المركز» تأتي ضمن المشاكل الزوجية، ولا تأتي منفردة كحالة عنف لوحدها، قال: «المركز يعالج الكثير من المشكلات المتداخلة، وينجح في الكثير منها، إلا أن قسماً منها يصل إلى حالة الفشل وبالتالي الطلاق». وأشار إلى أنه في ضوء الأهداف العامة للمركز، والتي تصب جميعاً في إطار بناء الأسرة، والحفاظ على تماسكها ودعم استقرارها، يقوم المركز بوضع وتنفيذ استراتيجيات محددة، تستهدف تنمية مهارات أفراد الأسرة، وتعزيز قدراتهم، وتقوية علاقاتهم، وحل ما يواجههم من مشكلات، ومن بينها الاستراتيجية الخاصة بمواجهة العنف الأسري، على اعتبار أن العنف الأسري بصوره المختلفة، يمثل واحدة من المشكلات التي تواجه الأسرة، وتعمل على زعزعة كيانها، وتقويض استقرارها، وتهديد أمن وسلامة أفرادها، ومن ثم فإن من واجب المركز العمل على حلها. وأوضح أن استراتيجية المركز في مواجهة العنف الأسري، تعتمد على القيام بمجموعة خطوات وإجراءات، ترتكز على التوعية بالحقوق الإنسانية بشكل عام، والحقوق الأسرية بشكل خاص، ومنها الحقوق الخاصة بالمرأة والطفل، والتأكيد على احترامها وحمايتها من قبل جميع الأفراد، مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، ورُوي أن امرأة معاذ قالت: يا رسول الله : ما حق الزوجة على زوجها؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أن لا يضرب وجهها ولا يقّبحها، وأن يطعمها مما يأكل، ويلبسها مما يلبس، ولا يهجرها». وأشار البراهيم إلى أن نبذ وإدانة العنف بكل صوره وأشكاله وأنواعه ومستوياته، بما في ذلك العنف الذي يقع داخل محيط الأسرة وبين أفرادها، أمر ضروري، يجب العمل على تبنيه من قبل الأجهزة الحكومية، باعتبار أن العنف تصرف لا أخلاقي، ومخالف لتعاليم الإسلام، وانتهاك لحقوق الإنسان. وطالب بأن تتم حملة وطنية للتوعية بمخاطر وعواقب العنف الأسري، والتي تتجاوز حدود الضرب البدني المباشر، الذي يُلحق بالضحية الضرر النفسي، وما ينتج عنه من قلق وخوف وضعف الثقة بالنفس، واضطرابات الصحة العقلية، وأحياناً تمتد تأثيراته إلى تعاطي الكحول والمخدرات، وإيذاء النفس والآخرين والسلوك الإجرامي والانتحار. وأشار إلى أن المركز يعمل على «التحذير من مغبة العنف، وما يترتب على استعماله ضد المرأة أو الطفل أو أي فرد آخر من أفراد الأسرة، من عقوبات مدنية أو جنائية أو أخروية، أقرها الشرع الإسلامي، وإبراز ونشر القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية، التي تحكم علاقات الناس فيما بينهم، وتحفظ حقوقهم وتصون كرامتهم وإنسانيتهم، ومن أهمها قيم اللاعنف والرحمة والمودة والرفق والحلم واللين والعفو، ورد في الحديث عن الإمام الباقر (ع) قال: (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف)، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من علامات المؤمن اللاعنف). وأوضح أن من بين الرؤى التي تم التماسها من حالات ترد إلى المركز، ضرورة بيان رؤية الإسلام في التعامل- بشكل خاص- مع المرأة والطفل، والتي تقوم أساساً على الاحترام والرحمة والرفق واللطف والمداراة والإحسان، وذلك لأن المرأة والطفل أكثر فئات المجتمع ضعفاً وحرماناً، وأكثرهم تعرضاً للتهميش والتمييز والظلم والعنف، مؤكدًا على أن طبيعة التدين التي يتصف بها المجتمع السعودي، تسهل من تطبيق هذه المبادئ الأسرية العظيمة. وأشار إلى أن المركز من خلال الدورات التي يقيمها، ومن خلال الاستشارات الأسرية التي يعطيها يقوم ب «تنمية مهارات ضبط النفس، وكظم الغيظ، وإدارة الغضب والتحكم في مشاعر الغيرة والحسد والطمع، وتعزيز القدرة على مواجهة الضغوط الحياتية، والإحباطات النفسية، والروية في اتخاذ القرارات والمواقف، حيث أن الغضب والعصبية والغيرة والحسد والإحباط من أبرز الأسباب المؤدية للعنف. والتأكيد على أهمية تنمية وتعزيز الجانب الروحي في شخصية الفرد، لكونه من أهم الوسائل الفعالة لإدارة النفس، ومواجهة الضغوط النفسية والحياتية، والتغلب على الصعاب، والوصول إلى صحة نفسية طويلة الأمد. وتأهيل المقبلين على الزواج، وتوعيتهم بمقومات الحياة الزوجية ومتطلباتها، وإكسابهم مهارات وفنون التعامل الزوجي، والتي منها: المودة والرحمة والاحترام والتسامح والحوار والكلمة الطيبة، والثقة والتفاهم والرفق، واللطف والمداراة وحسن العشرة. وكذلك العمل على تغيير المواقف والتحيزات، وتصحيح التصورات والمعتقدات الاجتماعية والثقافية الخاطئة، التي تحد من إنسانية المرأة، وترعى العنف ضد المرأة والطفل وتعززه، من قبيل التصورات المتعلقة بمعاني الرجولة والقوامة، والتأديب والطاعة، والنظرة إلى المرأة، والولاية عليها وعلى الأبناء، والحقوق الخاصة بهم وما إلى ذلك، فمفهوم القوامة يعني في نظر الإسلام حسن الإدارة والمعاملة. آلاف الأسر اطلعت على «المشكلات الأسرية» في «الدوخلة»