أكد الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ المفتي العام للسعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، أن العنف الأسري والسلوك العدواني، واستعمال القوة بغير حق ضد أفراد الأسرة أو غيرهم محرمة شرعا، وتتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة، ومُثله العليا التي تدعو إلى الرفق، والسماحة، والرحمة. وقال في كلمة تناول فيها موضوع العنف الأسري، وما يجب أن تبنى عليه العلاقات الأسرية، وذلك استجابة منه لتوصيات لقاء الخبراء الوطني حول العنف الأسري: “إن العنف الأسري من أكبر الكبائر، والفواحش العظيمة خصوصا إذا ترتب عليه إزهاق الروح، أو ذهاب العقل، أو كان القتل فيه متعمدا، أو ترتب عليه ارتكاب فاحشة الزنا واللواط”. وأوضح المفتي أن الإسلام اهتم ببناء الأسرة على المودة والرحمة والمحبة، وحسن المعاشرة. مبينا أن أنواع العنف الأسري وأشكاله تعددت، وازدادت ضراوة وعنفا بسبب جهل وحماقة مرتكبيه، أوحب التسلط، وقلة الوازع الديني، وزيادة الضغوط النفسية والمادية، وكثرة مشكلات الحياة، وإرادة التشفي والانتقام، ونتيجة من نتائج العولمة الضارة، والتأثر بمشاهدة القنوات الفاسدة، وتقليد ما يشاهد فيها من العنف والإجرام. وقال المفتي ان العنف الأسري تترتب عليه الكثير من الأضرار العظيمة، مثل ظلم عباد الله والاعتداء على حقوقهم وكرامتهم، مشيرا إلى أن مرتكب العنف عليه وزر من عمل به؛ لأن العنف لا يورث إلا عنفا، وفسادا، وإجراما. مؤكدا أنه إفساد في الأرض لما يسببه من الأضرار العظيمة، والمفاسد الكثيرة على الفرد، والأسرة، والمجتمع. وعدد المفتي عددا من الوسائل التي تكون سببا في القضاء على العنف الأسري، ومنها اختيار الزوجة الصالحة التي تربت في بيئة صالحة؛ لأن الأم هي الخلية الأولى في بناء الأسرة، محذرا من إسناد تربية ورعاية الطفل إلى الخادمة، وذلك لئلا يتأثر بعاداتها، وأخلاقها، ولغتها، ودينها، أو يتعلم منها العنف إذا كانت قاسية المعاملة. مشيرا إلى أن التربية والتعليم وتقويم الأخلاق بالحب، والرحمة، وحسن المعاملة، والمحاورة الهادئة من أهم الأسباب التي تجعل الأولاد، والزوج والزوجة يقلعون عن العادات السيئة، ويستجيبون لما طلب منهم. ودعا المفتي الأزواج إلى الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملته لزوجاته، وأولاده، والتأسي بأخلاقه وآدابه. واستنكر المفتي ما يفعله بعض أرباب الأسر، والأولياء من المعاملة القاسية، واتخاذ الضرب الشديد مسلكا للتأديب، وقال: “هؤلاء يتعللون بحجج واهية ويزعمون أن حق الولاية والقوامة يمنحهم ذلك”. وأضاف: “الإسلام أعطى الرجل حق القوامة على المرأة بما منحه الله وفضله من القوة، والصبر، وزيادة العقل والدين، فليست القوامة والولاية تحكما، وتسلطا، وقهرا، واستبدادا بالرأي. وأكد المفتي أن الإسلام لم يُبح ضرب المرأة إلا في حدود ضيقة، وكذلك جعل مهلة ثلاث سنوات من حين أمر الأولاد بالصلاة إذا بلغوا سبع سنوات، فإذا لم ينفع النصح والرفق معهم هذه المدة الطويلة فإنهم يضربون على تركها إذا بلغوا عشر سنوات. مبينا أن الإسلام وازن بين الحقوق والواجبات، مشيدا بالجهود التي قامت بها الدولة للقضاء على العنف الأسري، ومعالجة آثاره، وحل مشكلاته وتلقي البلاغات عن ذلك، وتقديم الخدمات الطبية والاجتماعية لضحاياه، وإنشاء برنامج الأمان الأسري الوطني تحت إشراف الشؤون الصحية بالحرس الوطني.