علمت «الحياة» أن هناك اتجاهاً إلى «تجميد» وثيقة المبادئ الدستورية التي أثارت جدلاً على نطاق واسع في المشهد السياسي المصري، في محاولة من السلطة لإعادة الهدوء الى البلاد قبل نحو 10 ايام على الانتخابات الاشتراعية المرتقبة. لكن القرار النهائي سيظل معلقاً، على ما يبدو، في انتظار ما ستفرزه تظاهرات اليوم (الجمعة) التي دعا إليها نشطاء، فيما أعلن الإسلاميون وقوى ليبرالية المشارَكةَ فيها بقوة، للضغط في اتجاه سحب الوثيقة وإعلان جدول زمني لتسليم السلطة بحد أقصاه نيسان (أبريل) المقبل. ووفق مقربين من دوائر السلطة تحدثت إليهم «الحياة»، فإن الاتجاه الأقرب هو تجميد «وثيقة المبادئ الدستورية»، التي يتبناها نائب رئيس الوزراء الدكتور علي السلمي وترفضها القوى السياسية، لتضمُّنها موادَّ تعطي المجلس العسكري صلاحيات واسعة. وأوضحت مصادر مطلعة أنه «لمّا كانت وثيقة المبادئ الدستورية سببت هذه الإشكالية بين القوى والتيارات السياسية، بدعوى احتوائها مواد تسلب السيادة من الشعب وتكرس الديكتاتورية وتمثل انقلاباً على مبادئ الثورة وأهدافها، فإما أن يتم تجميدها أو يتم جعلها استرشادية فقط». وجاء التزام الحكومة والمجلس العسكري أمس الصمتَ تجاه الإعلانات المتكررة للقوى السياسية بالنزول مجدداً إلى ميدان التحرير، ليُظهرَ أن السلطة الحاكمة في مصر تنتظر بترقب إلى ما ستفرزه تظاهرات اليوم، والتي تحمل اسم «جمعة احترام الديموقراطية»، فإذا ما أظهرت قدرةً على الحشد وغاب عنها الانقسام بين القوى والتيارت السياسية، فستكون الاستجابة إلى المطالب أمراً ملحّاً، وخصوصاً في ظل الظروف التي تمر بها البلاد. في المقابل، ستكون «جمعة احترام الديموقراطية» اختباراً لقوة التيار الإسلامي، وفي مقدمه جماعة الإخوان المسلمين، التي قادت فريق الرافضين للوثيقة خلال الأيام الماضية إلى فتح خطوط اتصال مع الحكومة، وإن كان الأمر قد باء في النهاية بالفشل. ويُتوقع أن يكون التيار الإسلامي حاضراً بقوة غداً في ميدان التحرير، لكن قوى ليبرالية وشبابية أبت أن تترك الساحة للإسلاميين فقط، إذ قررت حركة «شباب 6 إبريل» وائتلاف شباب الثورة، ناهيك عن أحزاب سياسية، المشارَكةَ في التظاهرات، وسط تحذيرات من أن تفرز التظاهرات مزيداً من الانقسام بين القوى السياسية، أو أن تتطور إلى اشتباكات وأعمال عنف. من جهة أخرى، التزم المجلس العسكري (الحاكم) في مصر، الحياديةَ تجاه تظاهرات «جمعة حماية الديموقراطية»، وألقى على النشطاء مسؤولية تأمين التظاهرات التي تأتي قبل نحو 10 أيام على انطلاق موسم الاستحقاق التشريعي. وقال مصدر عسكري ل «الحياة»، إن قوات الجيش لن تشارك في تأمين التظاهرات في «جمعة حماية الديموقراطية»، لكنها أكدت أن القوات ستتدخل لحسم أي أعمال من شأنها نشر الفوضى والتأثير في الأمن العام، مشيراً إلى أن دور قوات الجيش يتركز خلال جمعة اليوم على تأمين المنشآت الحيوية في الدولة، من دون أي وجود لعناصر من القوات المسلحة في ميدان التحرير. وقال: «على المتواجدين في ميدان التحرير تأمين أنفسهم بأنفسهم، كما فعلوا من قبل». وكانت جماعة الإخوان المسلمين أعلنت النزول مجدداً إلى ميدان التحرير، وعزت قرارها إلى إصرار مجلس الوزراء على التشبث بالمواد غير الديموقراطية، في إشارة إلى الوثيقة. وذكرت في بيان لها أول من أمس: «كان أملنا أن ينصاع السلمي للإرادة الشعبية المتمثلة في الإعلان الدستوري، وأن يستجيب لمطالب معظم القوى الوطنية ويسحب وثيقته ويحمي البلاد من فتنة هي في غنى عنها، ويهيئ الظروف لانتخابات حرة شفافة كخطوة أولى على طريق الديموقراطية». واضاف: «مددنا حبال الصبر، ودخلنا في مفاوضات معه، إلا أنه ومجلسَ الوزراء أصروا على التشبث بالمواد غير الديموقراطية. ولذلك، لم نجد مناصاً من النزول في مليونية حماية الديموقراطية، وستكون هذه الفعالية بداية لسلسلة فعاليات متصاعدة إذا لم يتم سحب هذه الوثيقة». وتبع بيان «الاخوان» موقف مماثل ل «لجماعة الإسلامية»، التي ذكرت أنها كانت تأمل في أن يتفرغ الشعب المصري للانتخابات وعدم الانشغال بغيرها، لتكون في أفضل حالاتها»، ولفتت الى ان «علي السلمي أبى إلا فرض وثيقته على الشعب بأسره ورفض كل المقترحات المقدمة من القوى السياسية لإنهاء هذه الأزمة المفتعلة، لذلك قررنا المشاركة في تظاهرات الجمعة ما لم يتم سحب الوثيقة». وأوضح المتحدث باسم الإخوان المسلمين محمود غزلان، أن تظاهرات الجمعة «ستضم العديد من الأحزاب وائتلافات الثورة، وستستمر إلى ما بعد صلاة العشاء»، ملوحاً بأن التظاهرات «ليست الفعالية الأخيرة، فستكون هناك فعاليات أخرى حتى يتم إسقاط وثيقة السلمي وحماية الديموقراطية وأهداف الثورة». وبدورها أعلنت حركة «شباب 6 أبريل» المشاركةَ في التظاهرات أيضاً لرفض ما وصفته ب «وثيقة المبادئ الفوق-دستورية المشبوهة» وما سبقها من قرار بتأجيل نقل السلطة إلى رئيس منتخب مدني حتى منتصف العام 2013، والمماطلة الشديدة في إصدار قانون العزل السياسي لأعضاء الحزب الوطني المنحل، مع استمرار حبس النشطاء ومحاكمتهم عسكرياً بالمخالفة للدستور والقانون». وأوضحت الحركة في بيان لها أمس، أنها سترفع مطالب عدة في التظاهرات، في مقدمها «إعلان جدول زمني واضح لتسليم السلطة في موعد أقصاه نيسان (أبريل) المقبل إلى رئيس مدني منتخب، وتأكيد رفض المحاكمات العسكرية للمدنيين»، ودعت الحركة المصريين للمشاركة اليوم (الجمعة) لحماية الثورة ممن يريد أن يسطو عليها.