دمشق، نيقوسيا، عمان -»الحياة»، أ ف ب ، رويترز- في تصعيد للعمليات التي يقوم بها منشقون عن الجيش السوري ضد مواقع ومنشآت عسكرية، قال ناشطون سوريون إن المنشقين هاجموا فجر امس مجمعاً استخباراتياً تابعاً للقوات الجوية يقع على اطراف العاصمة دمشق، وذلك في أول هجوم من نوعه يستهدف منشأة امنية رئيسية منذ اندلاع الاحتجاجات ضد النظام قبل ثمانية شهور، وأعلن «الجيش السوري الحر» مسوؤليته عن الهجوم. كما هزت انفجارات عنيفة مدن ريف دمشق امس، فيما أعلنت مجموعة من عناصر الجيش في درعا انشقاقها، ما أدى إلى اشتباكات مع الجيش النظامي. في موازة ذلك قالت لجان التنسيق المحلية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن العشرات سقطوا أمس في سورية بين قتيل وجريح، من بينهم 8 جنود قتلوا في هجوم على حاجز أمني في كفر زيتا بمحافظة حماة، و3 في حمص قتلوا باطلاق رصاص من حواجز أمنية. وقال الناشطون السوريون إن عناصر ما يسمى «الجيش السوري الحر» استخدموا المدافع الرشاشة والقذائف الصاروخية في مهاجمة مجمع تابع للاستخبارات الجوية يقع على الطريق العام بين دمشق وحلب شمالي العاصمة السورية في الساعة الثانية والنصف من فجر أمس بالتوقيت المحلي. واضافوا ان معركة بالاسلحة النارية اعقبت الهجوم، وان طائرات هليكوبتر حلقت في اجواء المنطقة. وقال شهود في منطقة حرستا التي يقع فيها المجمع الاستخباراتي والقريبة من دمشق: «سمعنا دوي عدة انفجارات، واصوات اطلاق نار». وقالت المصادر إنه لم ترد على الفور انباء عن وقوع اصابات وان المنطقة التي وقع فيها القتال ما زال يصعب الوصول اليها. ويجعل الحظر الذي تفرضه سورية على معظم وسائل الاعلام الاجنبية من الصعب التحقق من الاحداث على الارض. يذكر ان الاستخبارات الجوية مسؤولة مع الاستخبارات العسكرية عن ضمان ولاء القوات المسلحة للنظام، ومهمتها الاساسية منع الانشقاق داخل الجيش. وقد لعبت المؤسستان دوراً مهما في قمع الاحتجاجات التي اندلعت في آذار (مارس) والتي اسفرت عن مقتل اكثر من 3500 شخص حتى الان. وقال مسؤول عربي لوكالة «رويترز» إن هجمات المنشقين على القوات النظامية زادت زيادة حادة في العشرة ايام الماضية لكن الجيش لا يزال مترابطاً الى حد كبير. وأعلن «الجيش السوري الحر» الذي يقوده العقيد المنشق رياض موسى الاسعد ويضم آلاف العسكريين الذين انشقوا عن الجيش النظامي السوري تبنيه للعملية. ودعا الاسعد أول من امس من تركيا حيث يقيم الى محاربة نظام دمشق. وشكلت دعوته اشارة اضافية إلى تخلي انقرة عن النظام السوري بعد استضافتها العديد من مؤتمرات المعارضة السورية. كما طلب الأسعد «مساعدة عسكرية» دولية لاطاحة النظام في دمشق، مؤكداً في الوقت نفسه معارضته لتدخل اجنبي في بلده. واكد القيادي النقيب حسن في تصريحات وصلت لوكالة «فرانس برس» ان عدد عناصر الجيش الحر يبلغ نحو 17 الف عسكري منتشرين في كافة الاراضي السورية. وكانت قيادة «الجيش السوري الحر» أعلنت في بيان أول من أمس عن تشكيل المجلس العسكري الموقت وحددت تشكيلته ومهامه وعلى رأسها دراسة مهام الجيش (الحر) باسقاط النظام ومحاسبة افراده وحماية المواطنين من بطش أدوات النظام والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة ومنع الفوضى. ويرأس المجلس العسكري ل «الجيش الحر» حسب البيان التأسيسي للمجلس قائد الجيش العقيد رياض الاسعد ويضم بعضويته ثمانية ضباط بينهم أربعة برتبة عقيد وثلاثة برتبة مقدم اضافة الى رائد. وحدد البيان «مهام المجلس العسكري بأربعة وعشرين بنداً على رأسها اسقاط النظام الحالي». كما تتضمن المهام «حماية المواطنين السوريين من بطش أدوات النظام والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة ومنع الفوضى فور سقوط النظام والوقوف ضد أي عمليات إنتقامية». كما سيهتم المجلس الذي يتخذ من دمشق مقراً له بدراسة تعداد الجيش وتنظيمه وأماكن تمركزه وتسليحه وتجهيزه وتدريبه كما يعقد برئاسة رئيسه أو من يفوضه ويتخذ قراراته بأكثرية ثلثي أعضائه وله صلاحيات مطلقة في مجال العمليات الحربية وحفظ الأمن. وسيشكل المجلس، حسب البيان، «محكمة عسكرية للثورة» تختص بمحاسبة أفراد النظام ممن يثبت تورطهم بأعمال القتل والإعتداء على المواطنيين السوريين أو تخريب الممتلكات العامة أو الخاصة. واشار الى ان هذه المحكمة ستطبق النصوص المتعلقة بمحاكم الميدان العسكرية. كما سيتم تشكيل فرع للشرطة العسكرية للقيام بأعمال الشرطة العسكرية من ملاحقة فلول النظام والتحقيق في الجرائم المرتكبة من قبلهم قبل عرضها على محكمة الثورة وتنفيذ القرارات الصادرة عن محكمة الثورة والقرارات ذات الصلة الصادرة من المجلس. وأكد البيان ان صلاحيات هذا المجلس تنتهي فور انتخاب حكومة ديمقراطية حيث ستعود حينها الصلاحيات للحكومة المنتخبة. وحظر المجلس الذي اعتبر نفسه أعلى سلطة عسكرية في سورية انتماء أعضاء المجلس وعلى كافة عسكريي الجيش (الحر) الإنتماء لأي حزب سياسي أو ديني. إلى ذلك قالت لجان التنسيق المحلية ان ما لا يقل عن 18 شخصا قتلوا امس في مواجهات في مدن عدة. وأفاد المرصد السوري ان ثمانية عسكريين قتلوا وجرح عشرات آخرون في هجوم شنته عناصر منشقة من الجيش السوري على حاجز امني وعسكري شمال غرب البلاد. وقال المرصد في بيان ان «حاجزاً امنياً وعسكرياً في بلدة كفرزيتا (شمال غرب حماة) تعرض لهجوم من قبل عناصر منشقة عن الجيش ما اسفر عن مقتل ثمانية على الاقل من عناصر الحاجز وجرح العشرات» صباح امس. كما أفاد المرصد انه سمع في محافظة ريف دمشق «أصوات الانفجارات هزت مدن زملكا وحمورية ودوما وحرستا ووردت معلومات مؤكدة حول استهداف مقر جهاز امني في مدينة حرستا». واضاف المرصد في بيان ثان ان «ثلاثة انفجارات هزت حي برزة قبل قليل تبعها اطلاق رصاص كثيف ما زال مستمرا حتى الان». اما في حمص وسط سورية، فأفاد المرصد: «استشهد اربعة مدنيين باطلاق رصاص من حواجز امنية في عدة احياء من المدينة» امس. كما اشار إلى وفاة «مواطن متاثراً بجراح اصيب بها قبل شهر وآخر كان خطف قبل ايام». وفي ريف حمص، توفي مدني متأثرا بجراح اصيب بها منذ اربعة ايام اثر اطلاق النار عليه من حاجز امني في بلدة الحولة، حسب المرصد. وقال شهود إن القصف بنيران الدبابات استمر خلال الليل في منطقة باب عمرو في مدينة حمص التي تشهد احتجاجات منتظمة ويقاتل فيها المنشقون عن الجيش القوات الموالية. وقال ضابط متقاعد في الجيش في الخمسينات من العمر فر من المنطقة «الدبابات تطلق النار حسب تعليمات تتلقاها من قناصة يتمركزون على اسطح المباني». وفي محافظة درعا جنوب سورية، ذكر المرصد «استشهد مواطن برصاص حاجز للقوات السورية قرب بلدة الحارة». واضاف ان قوات الامن السورية «تنفذ حملة اعتقالات في بلدة حسم الجولان كما نفذت حملة مداهمات في بلدتي نوى ونمر في محاولة لكسر الاضراب فيهما». كما حاولت قوات الامن السورية انهاء اضراب عام ينفذه اهالي مدينة داعل، فاشتبك معها مسلحون يعتقد انهم منشقون وابعدوها الى مداخل المدينة، حسبما اكد المرصد. وفي ريف ادلب شمال غرب البلاد، قال المرصد إن «13 شخصاً اصيبوا بجروح في بلدة كفرومة اثر اطلاق رصاص من قبل قوات امنية وعسكرية خلال حملة مداهمات واعتقالات في البلدة». وأكد ان الحملة «اسفرت عن اعتقال 26 شخصاً». أما في ريف دمشق فقد «اقتحمت قوات امنية جامعة القلمون قرب مدينة ديرعطية قبل قليل لفض الاعتصام الذي نظمه طلاب الجامعة واعتقلت اكثر من 30 طالبا» حسب المرصد. وشهدت سورية على مدار الايام الثلاثة الماضية تصعيداً واضحاً في حجم العنف، وقال ناشطون وشهود إن عدد القتلى فاق المئة في اشتباكات بين منشقين وعناصر من الجيش النظامي وهجمات على مدنيين في حمص وادلب ودرعا وريف دمشق.