عرفت الصحافة المصرية فن الكاريكاتير منذ بدايات القرن الماضي، وبرز في هذا المجال الكثير من الأسماء اللامعة التي تصدرت رسومها صفحات المجلات والصحف المصرية، أمثال الإسباني سانتس، والتركي رفقي، والأرميني صاروخان، إضافة إلى عدد من الأجانب الذين أقاموا وعملوا في مصر خلال تلك الفترة. كان هؤلاء عمالقة هذا الفن في الصحافة المصرية على رغم أصولهم الأجنبية. وحتى منتصف العشرينات، ظل فن الكاريكاتير حكراً على فنانين أجانب، لا ينازعهم فيه أي من أبناء البلد. غير أن هذا الأمر لم يستمر طويلاً، إذ تغير الحال بظهور رسام الكاريكاتير عبدالمنعم رخا الذي ظهرت رسومه الصحافية للمرة الأولى على صفحات مجلة «الفنان» التي صدرت في القاهرة فى العشرينات أيضاً. ثم سطع نجمه، وزينت رسومه الكثير من الصحف والمجلات المصرية، حتى تصدّر اسمه أحد أهم المراجع الدولية في ذلك الفن، وعنوانه «سادة الكاريكاتير». ولد محمد عبدالمنعم رخا في 7 كانون الأول (ديسمبر) 1911 في قرية سنديون في شمال مصر، وتُعِدُّ وزارة الثقافة المصرية حالياً نشاطات متعددة للاحتفال بمئوية مولده. أراد عاشق الرسم الشاب الالتحاق بمدرسة الفنون الجميلة، لكن عائلته مانعت رغبته، فدخل المدرسة الخديوية، ليتسجل بعد ذلك في معهد الفنون الإيطالية في القاهرة المعروف فى ذلك الوقت بمعهد «ليوناردو دافنشي». ثم دخل معترك الصحافة، وتنقّل بين صحف ومجلات عدة، منها مجلة «المصري» ومجلة «روز اليوسف»، لكنه استقر في جريدة «أخبار اليوم» التي أسسها الأخوان علي ومصطفى أمين منتصف الأربعينات. وظلت رسوم رخا تتصدّر أغلفة مجلة «آخر ساعة» (من إصدارات دار «أخبار اليوم») لسنوات عدة، ومن أبرزها صورة بنت البلد الجميلة ب «الملاية اللّف». وصدر في حق رخا، العام 1933، حكم بالسجن لمدة أربع سنوات بعد إدانته بالإساءة إلى الملك فؤاد في رسومه. وأنشأ وترأس الجمعية المصرية لرسامي الكاريكاتير في كانون الثاني (يناير) 1984. وتخرج في مدرسة رخا معظم الأسماء التي اشتهرت لاحقاً في مجال الكاريكاتير المصري مثل عبد السميع، وزهدي، وصلاح جاهين، وجورج البهجوري، ومصطفى حسين، وحصل في حياته على وسام الاستحقاق 1976 ووسام الجمهورية 1981. سجل رخا من خلال رسومه وشخصياته، على مدى ستين عاماً، الحياة السياسية والاجتماعية في مصر. وارتبطت باسمه «شخصيات» كاريكاتيرية مثل ابن البلد، وبنت البلد، ورفيعة هانم، والسبع أفندي، وغني الحرب، وشيوعي باشا، وحمار أفندي، وميمي بك، وسكران باشا طينة، وقرفان أفندي. وظل رخا مخلصاً لفنه حتى توفي في نيسان (أبريل) 1989 عن عمر يناهز 78 سنة.