ماذا أعدّت التلفزيونات الرسمية العربية لتأمين نقل مباريات كأس العالم لكرة القدم في جنوب أفريقيا؟ سؤال نبادر إلى طرحه قبل ما يقارب الشهور الأربعة على انطلاق العرس الكروي الذي اعتدنا أن يملأ الدنيا ويشغل الناس إلى الحدود التي تجعل أية مادة تلفزيونية أخرى ثانوية وقليلة الأهمية أيام المونديال، خصوصاً في ساعات بثّ المباريات. السؤال ينطلق من معرفتنا التي باتت تقليدية بالأزمة التي تتكرر كل مرة، ونعني مشكلة البث المشفّر وحرمان قطاعات شعبية واسعة من متابعة الحدث الكروي في بيوتها، والاضطرار للتوجّه الى المقاهي أو النوادي العامة. المشكلة كما نراها تكمن ببساطة في فشل القائمين على البث التلفزيوني العربي في استيعاب التغيرات الكبرى، والتي جعلت «عولمة البث» مسألة عادية، خصوصاً مع دخول الرياضة وكرة القدم تحديداً سوق التجارة الدولية ونجاح العولمة في «تسليع» المونديال. إزاء هذا التغيّر الكبير يفترض المنطق أن تسارع الحكومات العربية وقبل فوات الوقت لتأمين عقود رخيصة البدل المالي للحصول على حقوق النقل الأرضي عبر محطاتها الوطنية، حتى لا تتكرّر هذه المرّة أيضاً حملات الهجاء ضد القناة التي ستحتكر البث الفضائي، وهي حملات لا تحلُ المشكلة، بل تفاقمها، كما رأينا خلال المونديالات الماضية. لا نقول هذا انتصاراً لمن سيشتري حقوق البث الفضائي. ولكن إدراكاً لحقيقة أن المشاهدة المجانية باتت من تراث الماضي، ولم تعد متوافرة، ما يقتضي التكيف مع هذا الواقع الجديد والبحث عن حلول عملية له من داخله وليس بوهم محاولة الانقلاب عليه. المطلوب بالنسبة الى المواطن العربي البسيط وصاحب الدخل المحدود توفير المشاهدة غير المكلفة، وعدم حرمانه من التمتع بنهائيات تنظم مرة كل أربع سنوات، أي أنها ليست حدثاً دائماً يمكن أن يتسبب في تكاليف باهظة. الشهور التي تفصلنا عن المونديال كافية لمن شاء أن يجد حلاً، وأن يسعد مواطنيه، ويمنحهم فرصة المساواة مع شعوب العالم وبلدانه الأخرى.