يبدو الأمر وكأنه مصداق لما تنبّأ به كاتب الخيال العلمي الشهير ألدوس هكسلي حول استعمال المواد التي تُخلخل العقول علاجاً لبعض الاضطرابات النفسية. وفي مقال يحفل بالإثارة نشر على موقع «نايتشر» أخيراً، دعا لفيف من العلماء في جامعة زيوريخ (سويسرا) الى استعمال مواد شبيهة ب «الفطر السحري»، بجرعات خفيفة ومضبوطة طبياً، لعلاج أمراض مثل الكآبة والتوتر والوسواس القهري وغيرها. ولاحظ هؤلاء العلماء أن تعمّق العلماء في دراسة الدماغ والجهاز العصبي، أوصل الى معطيات ربما سمحت باستعمال تلك المواد بطريقة تفيد المصابين باضطرابات نفسية، إضافة الى قدراتها الكامنة في علاج الحالات المرضية التي ترافقها آلام شديدة ومزمنة. وتشمل قائمة المواد التي دعا هذا المقال الى إعادة النظر فيها، مادة «أل أس دي» الشهيرة، إضافة الى «الفطر السحري». ولقد ذاع صيته كعشبة غرائبية تُطلق العنان لموجات من الهلوسات في العقول، ولكن ربما استقر «الفطر السحري» في مكان يتناقض مع هذا الصيت كلياً، إذ فكر بعض العلماء في استعماله كعقار لعلاج بعض الاضطرابات النفسية، ما يعني أن عشبة «الفطر السحري» ستصبح ضيفة لزجاجات الدواء وحبوبه. والمعلوم أن هذه المادة تُحدث خلخلة شديدة في عمل الدماغ والأعصاب، كما أنها تُحدث هلوسات قوية، وقد توصل مستعملها الى الجنون وربما الموت. وفي مقالهم المشار إليه آنفاً، لاحظ أولئك العلماء السويسريون أن هذه المواد ربما أمكن الاستفادة منها إذا وُجّهت كي تعمل بطريقة مناسبة على التوصيلات بين أعصاب الدماغ، خصوصاً المناطق المؤثرة على المشاعر والعواطف والذاكرة. وبيّنوا أن بعض تلك المواد تؤثر على مُركّب معين في الدماغ، هو السيروتونين، ما قد يفيد في علاج التوتر والكآبة. والمعلوم أن كثيراً من الأدوية المضادة للكآبة والقلق والتوتر والوسواس، تعطي مفعولها عبر تأثيرها على السيروتونين أيضاً. للمزيد من المعلومات، يمكن الرجوع الى قسم الدراسات العصبية في موقع مجلة «نايتشر» nature.com/nrn