خيب الإقبال على التسجيل في الجمعية العمومية لنادي جدة الأدبي كل التوقعات، إذ كان من المتوقع أن يكون إقبال المثقفين لافتاً، يليق بمدينة مثل جدة تزخر بعدد كبير من المثقفين والأدباء، إذ تعد رائدة في هذا المجال. غير أن مثقفين يرون أن ضآلة عدد المسجلين، لن تكون عائقاً في انتخاب مجلس إدارة جديد، مساء اليوم، ليواصل العمل الثقافي ويفعل المشهد في مدينة مكة. هناك مثقفين سجلوا في الجمعية العمومية، إيماناً بالعملية الانتخابية وشعوراً بالواجب وتأكيداً على الانتماء للنادي، في ما لم يتحمس الكثير، لاقتناعهم أن الأندية الأدبية تبقى إطاراً رسمياً يقيد العمل الثقافي. وتمنى عدد من المثقفين في استطلاع ل«الحياة» أن تحقق انتخابات اليوم بعض الآمال في دخول أسماء جادة مجلس الإدارة الجديد، ولا أن يأتي الاقتراع مخيباً كالإقبال على الانتخاب. وقالت الدكتور لمياء باعشن إنها تقدمت لطلب عضوية الجمعية العمومية «من دون تردد، وقد أحسست أنه واجبي ومن صميم مسؤوليتي أن أحصل على العضوية، لأنني أشعر بانتمائي للنادي الأدبي الذي شاركت في نشاطاته على مدى سنوات طويلة، وكنت جزءاً من فعالياته الأسبوعية والسنوية، وما زلت أرغب في أن أشارك في حركته التنويرية والتثقيفية. وقد فوجئت كما فوجئ الكثيرون أن أعداد المثقفين الذين تقدموا للحصول على العضوية كان ضئيلاً، والعزوف الذي عانت منه الأندية قبل الانتخابات هو العزوف نفسه الذي ظهر مع بدء التسجيل، ومثقفو جدة لا يختلفون عن مثقفي المناطق الأخرى الذين تقاعسوا بل وترفعوا عن خوض مضمار الانتخابات»، مشيرة إلى أن الفكرة «ليست في الفوز أو الخسارة، وإنما في المشاركة والحرص على مستقبل النادي. أسباب العزوف الحقيقية لا يتفق عليها اثنان، لكن أكثرها تداولاً هو عدم الرضا عن بعض بنود اللائحة الجديدة، وهذا سبب أجده غريباً، فاللائحة هي صنيعة المثقفين، تركتها الوزارة بين أيديهم سنوات ليعدوها ويصيغوها كما يرون، ولم تعتمدها إلا بعد مراجعات وتعديلات منهم، ثم حين بدأت الانتخابات انهالت الاعتراضات على البنود، بخاصة فيما يتعلق بمفهوم «المثقف»، وهو مفهوم يبدو شائكاً حتى الآن». وقالت الدكتورة باعشن إن الإشكال الثاني «تتمثل في إسناد مهمة الترتيب والإشراف على إجراءات التسجيل وقبول طلبات العضوية إلى أعضاء مجالس الأندية الحالية، ثم إطلاق أيديهم للتصرف من دون معايير أو ضوابط، فقبلوا من شاءوا بمزاجية تامة وأطاحوا بالشروط التي أقرتها اللائحة لمنح العضوية. الأدهى من ذلك أن الوزارة سمحت لأولئك الأعضاء أن يتحولوا بعد انتهاء الترتيبات إلى مرشحين أنفسهم، أي بعد أن أداروا عملية الانتخابات أصبحوا منتخبين ومرشحين. هنالك لبس كبير حصل بسبب هذه الازدواجية في الأدوار. ثم جاءت مسألة العدالة، إذ كيف يتساوى من هو في دائرة الضوء على مدى سنوات طويلة ومعروف في الأوساط الثقافية، بمن هو قادم من المجهول ولا يعرف له أصل ولا فصل ولا عطاء ولا وجهة»، لافتة إلى أنه في غياب البرامج التعريفية والانتخابية للمرشحين الجدد، «يتفوق أعضاء المجالس القدامى المعروفين والذين كانت لهم فرصاً كاملة للظهور وعرض أفكارهم وحتى تفعيل برامجهم. لن يكون مستغرباً، في ضوء هذين العاملين: التحكم في العملية الانتخابية، والتميز بالتعريف بالذات والنشاط السابق، أن يفوز عدد لا بأس به من الأعضاء القدامى، بخاصة لو سمحت لهم الظروف السانحة لعقد تكتلات تضمن عودتهم». وأوضح الشاعر مسفر الغامدي أنه لم يتقدم إلى طلب عضوية الجمعية العمومية، «ليس لعدم إيمان بالعملية الديموقراطية، وإنما لأن الأندية الأدبية بصيغتها الحالية، أو حتى بصيغتها المعدلة (بعد الانتخابات) ستظل إطاراً رسمياً، يقيد من العمل الثقافي ولا يطلقه ... دور المبدع الحقيقي هو في الفعل الإبداعي ذاته، أما ما يتعلق بالتنظيم والإدارة فلها رجالها الجديرون بذلك، ولها انتهازيوها أيضاً». ويرى الغامدي في قلة المنتسبين للجمعية العمومية، «دليل عافية ثقافية، وليس العكس، لأن جدة « رائدة ثقافياً، وتزخر بعدد كبير من المثقفين. «كما يقول السؤال، فإن ذلك يحتم عليها أن تكون رائدة في استشراف المستقبل، ومستقبل الثقافة لن يكون في مكان شبه مهجور يرتاده قلة من المهتمين والأكاديميين»، معتبراً أن المستقبل «في العمل الفردي الخلاق، في مؤسسات المجتمع المدني الحقيقية، في المقاهي الثقافية، في التفاعل عبر وسائط الاتصال الحديثة، في تحرير العقول لكي تنتج من دون خوف من رقيب أو تهمة جاهزة. أما بخصوص الدكتور عبدالمحسن القحطاني، فهو أستاذنا جميعاً، وله منا كل الشكر والإجلال على كل ما قدم ويقدم، على رغم أنني شخصيا أتمنى ألا يترشح أي من أعضاء مجلس الإدارة الحاليين لمجلس الإدارة الجديد، وأن يتركوا الفرصة لأسماء جديدة. أما إن ترشح الدكتور عبدالمحسن وفاز بالانتخابات، وأصبح رئيساً للنادي، فهو يستحق بكل تأكيد، وسأكون من أول المهنئين». وأكد الشاعر والباحث أحمد قران الزهراني ريادة مدينة جدة في الحركة الثقافية في الجزيرة العربية، «وهي الرائدة أيضاً في الثقافة السعودية وتحتل المكانة الأبرز في الساحة الثقافية، إن بحضورها محلياً أو عربياً، وهي تزخر بعدد كبير من المثقفين الكبار الذين أسهموا في مسيرتنا الثقافية، كما أنها تزخر بالمثقفين الشباب وفي الاتجاهات كافة. ولهذا كان الأمل معقوداً على أن تكون الجمعية العمومية للنادي من أكبر الجمعيات، لكن فوجئنا بأن هناك أسماء فاعلة لم تتقدم للجمعية العمومية على رغم مطالبتها الدائمة بالتغيير، لكن في تصوري أن العدد الذي تقدم للجمعية العمومية عدد جيد ومتميز، ونحن ننتظر من أعضاء الجمعية العمومية حضوراً فاعلاً إن على مستوى الأنشطة أو على مستوى دعم ومراجعة مجلس الإدارة فيما تتخذه من قرارات، ومشاركتها في وضع خطة مستقبلية للنادي وبرامجه». ودعا الزهراني الأعضاء الذين تقدموا لعضوية مجلس الإدارة «أن يعملوا على السير بالنادي إلى مرحلة جديدة، بحسب ما توافر لهم من إمكانات مالية متمثلة في العشرة ملايين وكذلك الإمكانات المكانية المتمثلة في الصرح الكبير الذي تم الانتهاء من بنائه وفق أحدث الأساليب، والذي كان للدكتور عبدالمحسن القحطاني دور كبير في تأسيسه بهذا الشكل»، مشيراً إلى أنه إذا كان هناك من يستحق أن يكون رئيساً للمرحلة القادمة «فهو الدكتور عبدالمحسن القحطاني، لا لأنه كان سبباً في إنشاء القاعة الكبرى بل لأنه رجل حكيم يستطيع أن يقود النادي رؤية هادئة ويحقق المنجزات كافة، التي يتطلع إليها مثقفوا مدينة جدة، ولعلني أدعو الأخوة والأخوات في الجمعية العمومية لاختيار مجلس إدارة واع، ويعرف دوره ومسؤولياته، وأن يكون على رأس هذا المجلس الدكتور عبدالمحسن القحطاني لأنه الأصلح لقيادة النادي الأدبي بجدة». وقال القاص خالد مرضي إنه سجل في الجمعية العمومية «رغبة في المشاركة في الفعل الانتخابي، كواجب تقتضيه الفترة القادمة وكمساهمة لإنجاح العملية الانتخابية، أما بالنسبة لعدد الأعضاء المسجلين فهو قليل مقارنة بمدينة كبيرة كمدينة جدة، إذ تزخر بالعدد الكبير من المثقفين من الجنسين، لكن لكل وجهة نظر، فخلال السنوات الماضية من عمر النادي كان هناك تجارب لكثير من المثقفين عبر تواصلهم بالنادي قد يعتبرونها غير مجدية، ومنهم من يرى أن التواصل مع النادي بصورة رسمية قد يشغله عن الفعل الكتابي أو ربما يقوده إلى تواصل لن يضيف له شيئاً!، على العموم الجمعية اكتملت بعددها الحالي وستقوم باختيار الأعضاء، الذين أتمنى لهم التوفيق في المرحلة القادمة»، مشيراً إلى أن ما قدمه النادي على صعيد المبنى وقاعة شربتلي، «فهو عمل يستحق كل تقدير لأسرة الشربتلي التي قامت بهذا الفعل الكبير، دعماً للثقافة بمختلف مشاربها وعبر ما وافره المبنى الجديد الذي أنشأ وفق مواصفات حديثة ورائعة. وسيظل سجل الدكتور عبدالمحسن القحطاني حافلاً بهذا الانجاز الذي تم في عهد إدارته، كما لا أنسى الأدوار التي قام بها أعضاء مجلس الإدارة لإتمام هذا المشروع الرائع، عموماً ستبقى عملية التصويت هي الفيصل لاختيار الرئيس الجديد والأعضاء، مع أمنياتي بأن تتم عملية الانتخاب بشكل يليق بنادي ومثقفي مدينة جدة». رئاسة النادي ... حق مشروع ل «المثقفة الجداوية»