لم ينفك أبناء محافظة تنومة (120 كيلو متراً شمال مدينة أبها) يطلقون نداءات الاستغاثة وطلب المساعدة من المسؤولين في وزارة النقل، هذه النداءات ليست وليدة اليوم، بل منذ سنوات طويلة. إلا أن هذه النداءات والصرخات قوبلت بالتسويف حيناً والمماطلة حيناً آخر، ورمي الكرة في ملعب المقاول ثالثة، وكانت النتيجة التي لمسها السكان على أرض الواقع أن إدارة الطرق في منطقة عسير والمقاول وضعا أبناء هذه المدينة في دوامة لا يبدو أن نهايتها قريبها. أهالي تنومة لا يعرفون من يصدقون، فإدارة الطرق في المنطقة ترمي التهم على المقاول، وهو يرد التهم بأخرى، وفي ظل هذه الخلافات ما زال طريق أبها – الطائف يحصد الأرواح ومن ينجو من الموت فإنه غالباً يظل معاقاً أو في أحسن الأحوال سيحمل عاهة مستديمة تظل معه حتى وفاته، أما من يخرج سالماً فهو الشخص الذي سحبت سيارته من موقع الحادثة إلى التشليح أو ورش الصيانة وعاد هو إلى منزله يحمد الله على العافية. المؤسف في الأمر أن هذه الطريق اعتمدت توسعتها منذ ما يقارب الستة أعوام، وتتمثل معاناة سالكي هذه الطريق في طريق شمال المدينة الذي يربط بين مدينة تنومة ومحافظة النماص، أنه بعد بدء العمل فيه تعاقبت أكثر من شركة على تنفيذه، ومع مرور الشهور تحول المشروع الذي يفترض منه أن يخدم العابرين إلى مأساة، فكثرت الحوادث وفقد الأهالي أبناءهم وأقاربهم، فلا يكاد يمر شهر إلا وهناك ضحية يعقبها وحزن وألم وأسى، بل في بعض الأحيان لا يكون بين الحادث والآخر إلا يوم أو ساعات معدودة. ما أكتبه في هذه السطور ليس افتراء، إنما حقائق تجسد الوضع السيئ لهذه الطريق، فمن يسلكه يصعق ولا يصدق أن هذه الطريق هي حلقة الوصل بين المدينتين السياحيتين أبها والطائف، فمن دون مبالغة هي طريق مهترئة ومتكسرة تكثر فيها الحفر والحصى، وللوهلة الأولى يعرف سالك الطريق بأنه أوقع نفسه في خطر محدق يهدد حياته. ما يحدث غير مقبول لو كانت الطريق داخل حي سكني لا يستفيد منه سوى أهالي الحي، فكيف إذا عرفنا أن هذه الطريق تشهد ازدحاماً كبيراً طيلة أيام السنة، وتتضاعف حركة السيارات فيها في فصل الصيف نتيجة تنقل المصطافين والزائرين بين الطائف وأبها مروراً بالمدن والمراكز التي تقع بينهما ولا تقل عن هاتين المدينتين طبيعة وجمالاً. لدي الكثير من الحوادث الشنيعة التي وقعت على هذه الطريق، وليس المجال متاحاً لسردها، ومن أراد الاستزادة فما عليه إلا زيارة مواقع الإنترنت الخاصة بأهل المنطقة للتأكد من عدد الحوادث وشناعة نتائجها، خصوصاً تلك الحوادث التي يكون فيها شاحنة أو صهريج وما أكثرها. إن المأمول من المسئولين في وزارة النقل، العمل على سرعة إنهاء تنفيذ هذه الطريق في أقرب وقت ممكن، وإجبار المقاول على تنفيذه ما أوكل إليه على أكمل وجه، مع الاستفادة مستقبلاً من الأخطاء التي وقعت أثناء تنفيذ هذه الطريق حتى لا تتكرر المآسي في مكان آخر.