تستعد بغداد والمدن العراقية الاخرى لانسحاب القوات الاميركية غداً لتنظيم احتفالات واستعراضات عسكرية. لكن ذلك لا يخفي قلقاً شعبياً ورسمياً من مرحلة مابعد الانسحاب، خصوصاً أن الأيام القليلة الماضية شهدت تفجيرات دامية طاولت عددا من المناطق في بغداد وكركوك والناصرية. وفيما يؤكد مسؤولون استعداد القوات العراقية لتولي الأمن وسد فراغ بنشر اكثر من مليون عنصر في أنحاء انحاء العراق، يرى مختصون وسياسيون ان التقصير في مجال الاستخبارات وجمع المعلومات يشكل خللا حقيقيا ويضعف تلك الاجهزة، وسط استمرار التضارب والتباين السياسي حول ملفات الأمن والمصالحة باعتبارها محركا دائما للأزمات. وكانت أمانة بغداد اعلنت أمس اقامة احتفال «جماهيري مركزي» لمناسبة «يوم السيادة الوطني». واوضحت في بيان صحافي انها «ستقيم برعاية رئيس الوزراء نوري المالكي احتفالا جماهريا مركزيا في حدائق متنزه الزوراء مساء الاثنين (اليوم)». ومن المقرر ان تنسحب القوات الاميركية من المدن والبلدات غداً، بناء على اتفاق بين بغداد وواشنطن. واضاف البيان ان «الاحتفال سيحييه عدد من كبار الفنانين العراقيين ومنهم قاسم السلطان وعبد فلك وصباح محمود ورعد الناصري، والشعراء صباح الهلالي وماجد عوده، اضافة الى الفرق الفنية والموسيقية». واكدت الأمانة ان الدعوة عامة للجميع. وقال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ انه تقرر ان يكون «29 حزيران (يونيو) يوم احتفالات وان يكون 30 حزيران يوم عطلة في القطاع العام لمناسبة انسحاب القوات الاميركية من المدن». وقال الناطق باسم العمليات في بغداد اللواء قاسم عطا ل «الحياة» ان 120ألف عسكري من قوات وزارتي الدفاع والداخلية سينتشرون في العاصمة لحفظ الامن، تحسبا لأي عمل ارهابي قد يصاحب خروج القوات الاجنبية. واشار عطا الى ان قيادة العمليات «مستعدة لأسوأ الاحتمالات وهي مهيئة لكل الظروف». إلى ذلك، شدد قادة امنيون على قدرة الاجهزة الامنية على تولي زمام الامور. وأكد مصدر في وزارة الداخلية «اختراق عدد من مجموعات مسلحة»، لم يسمها في عمليات وصفها ب «النوعية خطط لها بدقة». وأكد مسؤول أمني رفيع المستوى ان العمليات المسلحة والارهابية ستتركز خلال الفترة المقبلة على بغداد لاسباب اعلامية، ودعا الى «مواجهة النيات الارهابية» ب «رفع أداء جهاز الاستخبارات»، فيما اشار عضو من لجنة الامن والدفاع الى «هيئة مشكلة بالتنسيق بين الاجهزة الامنية على صعيد المعلومات، وأبدى خبير عسكري خشيته من فقدان السيطرة المطلقة على بغداد «كما هو حاصل في مدن اخرى لضعف الجهد الاستخباري». وأكد مسؤول، فضّل عدم ذكر اسمه ان «الخطر الحقيقي على الامن هو السطو الارهابي الذي له امتدادات خارجية ويعتمد في عمله على التخطيط». واضاف في تصريح الى «الحياة» أن مثل هذه الاعمال «تتم مواجهتها بالدرجة الاولى بمعركة استخبارات تستبق الفعل». وزاد ان «اعمال الشغب والهجمات المحدودة يمكن مواجهتها بالقوة المنتشرة في الشارع لكن التنظيمات الدولية بحاجة الى جهود داخل البلاد وخارجها». من جهته اشار النائب عادل برواري في تصريح الى «الحياة» الى «وجود مشاكل تعاني منها الاجهزة الامنية ابرزها غياب التنسيق»، وقال «نأمل من الخطة الجديدة التي وضعتها القيادة العسكرية ان تتجاوز هذه الاشكالية». ولفت الى ضرورة التركيز على «سد النقص في العدة والاسلحة مع الاهتمام ببرامج التأهيل والتدريب والتكنولوجيا». النجف في النجف اكد قائد الشرطة اللواء عبدالكريم العامري ان «كوادر الأجهزة الأمنية في المدينة خضعت لدورات تدريبية ميدانية ونظرية مكثفة، جعلت منها الأكفأ بين محافظات العراق، ما انعكس ايجابا على الوضع». وأضاف في مؤتمر صحافي مساء السبت ان هذه القوات «قادرة على ملء الفراغ بعد انسحاب الأميركيين». وشدد على أن ليس للانسحاب «تأثير في الواقع الأمني المستتب في النجف أصلاً، فالقوات العراقية هي التي تدير الملف الأمني في المدينة منذ عام 2006». واشار إلى أن « القوات الأميركية موجودة في معسكرين سيتم تسلمهما رسميا في الثلثاء». وعلق العامري على طلب رئيس مجلس المحافظة الشيخ فائد الشمري زيادة عديد القوات الأمنية العراقية في المدينة لمواجهة تداعيات الانسحاب بقوله ان «الطلب جاء من اجل تأمين الحماية لمطار النجف، وقد تم التنسيق في هذا الامر حيث قامت كوادر شرطة حماية المنشآت في المدينة بتوفير الحماية الكاملة للمطار». يذكر ان عديد الأجهزة الأمنية في النجف اكثر من 30 الف عسكري، اضافة الى قوات الجيش وكوادر مديرية حماية المنشآت ومديرية الدفاع المدني والكشف عن المتفجرات و مكافحة الإرهاب وأجهزة الاستخبارات المختلفة. محافظة ديالى في ديالى دعا المحافظ عبدالناصر المهداوي الى جعل موعد تسلم الملف الامني من القوات الاميركية في 30 حزيران «يوم ديالى»، مؤكدا استعداد القوات العراقية لتحمل الأعباء والمسؤوليات الامنية. وقال المهداوي ل «الحياة» ان «المحافظة تنتظر بفخر موعد تسلم الملف الامني من القوات الاميركية العاملة في المحافظة وتولي القوات المحلية المسؤولية الامنية». وكان مسؤول امني بارز اكد في تصريح الى «الحياة» تسلم القوات العراقية معسكر ملالة في ناحية الوجيهية شرق المقداداية، مشيرا الى ان احتفالاً كبيرا سينظم الثلثاء لتسلم معسكر زغانية. من جهته قال قائد شرطة ديالى اللواء عبدالحسين الشمري في تصريح الى «الحياة» إن القوات العراقية مستعدة لتولي مهماتها في عموم المدينة، واضاف ان «منتسبي الاجهزة الامنية (21 ألف مقاتل) يمتلكون الكفاءة والخبرة في القضاء على اي توتر، بدلالة ما اثبتته التجارب السابقة والحملات الامنية لتطهير المناطق من المجموعات المسلحة الموالية لتنظيم القاعدة وما يسمى دولة العراق الإسلامية».