كشف التقرير النهائي لتسرب الغاز في المنطقة الصناعية الأولى في مدينة الدمام، قبل نحو ثلاثة أسابيع، أن مشكلة التسرب حدثت في خزان يحوي بداخله «خليطاً من أربعة مواد عضوية، تستخدم لتصنيع نوع من مادة الورنيش العازل»، ما أدى إلى التسرب، الذي تسبب في إصابة 28 شخصاً بالاختناق، وإغلاق المدينة الصناعية، لمدة ثلاثة أيام، بعد أن صنفتها مديرية الدفاع المدني في المنطقة الشرقية «منطقة حمراء»، فيما اتُخذت إجراءات «احترازية» في التجمعات السكنية المحيطة فيها، بينها تعليق الدراسة ليوم واحد في 50 مدرسة، يدرس فيها نحو 20 ألف طالب وطالبة. وأوضح التقرير، الذي اطلعت «الحياة» على نسخة منه، أنه «نظراً لضخامة كمية هذه المواد (المتسربة)، وحدوث تفاعلات غير متوقعة، نتج عنها كمية كبيرة من الأبخرة العضوية، ملأت الخزان، ما أثار مخاوف من انفجار الخزان، نتيجة زيادة الضغط، وارتفاع درجة الحرارة، ما تطلب التدخل السريع لتصريف هذه الغازات خارج الخزان، وهو ما حدث بالفعل، إذ انطلقت هذه الأبخرة في الجو، وانتشرت بفعل الرياح في المناطق المجاورة للمدينة الصناعية». وأبان أن «الجهات المختصة قامت بقياس عدد من ملوثات الهواء، في ثلاثة مواقع شرق الدمام وغربها، ومدينة الخبر، وداخل المدينة الصناعية الأولى، وخلصت النتائج إلى أن الأبخرة العضوية المتطايرة في الهواء مجتمعة أو منفردة، كانت نسبتها أعلى في المدينة الصناعية، مقارنة في مدينتي الدماموالخبر. ويرجع ذلك إلى تأثر المدينة الصناعية بالملوثات المنبعثة من موقع الحادثة». وشاركت كل من أمانة الشرقية، والدفاع المدني، والمركز الإقليمي للأرصاد وحماية البيئة، في متابعة الحادثة، وتحركت المحطات المتنقلة التابعة للأمانة، إلى الموقع «لرصد الانبعاثات الناتجة عن التسرب، وتقديم تقارير فورية لقياسات التلوث». وتضم اللجنة الفنية لتقييم المخاطر الصناعية في المنطقة الشرقية، كلاً من الدفاع المدني، والأرصاد وحماية البيئة، والهيئة الملكية في الجبيل، والأمانة، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة الدمام. وتهدف إلى «تقييم المصانع، وتحديد المعايير والأنظمة، والضوابط اللازمة التي توجب نقل المصانع التي تتعامل مع المواد الكيماوية بصفة عاجلة، خارج المدينة الصناعية الأولى». وأعادت حادثة التسرب الأخيرة، إحياء الجدل حول خطورة المدينة الصناعية، التي تضم نحو 80 مصنعاً، تُصنف بعضها «عالية الخطورة»، وتشكل «هاجساً مقلقاً» لسكان مدينة الدمام. وكثفت اللجنة الفنية المختصة جولاتها الميدانية، برئاسة الدفاع المدني، وحددت في جولتها الأخيرة 24 مصنعاً، استعداداً لنقلها خارج المدينة. وأُنشِئت المدينة الصناعية في العام 1973، وهي واحدة من ثلاث مدن صناعية، أنشئت في المدن الرئيسة في المملكة، وتم اختيار موقعها في ذلك الوقت، بعيداً عن المناطق السكنية، بهدف المحافظة على الصحة العامة والبيئة ، إذ تم إنشاء المدينة على ثلاث مراحل، لتصل إلى مساحة إجمالية تفوق 2.5 مليون متر مربع. وتضم 80 مصنعاً، تعمل في التخصصات الصناعية المختلفة، بحسب الموقع الرسمي لهيئة المدن الصناعية. فيما يبلغ عدد العاملين فيها 18 ألف عامل، نحو تسعة في المئة منهم من السعوديين. ويشمل إنتاج هذه المصانع الموزعة على 2.7 مليون متر مربع، المواد الكيماوية ومنتجات البلاستيك، والأسمنت، والرخام، والألمنيوم، والمنتجات المعدنية، والأجهزة الكهربائية، والمواد العازلة، وبعض قطع غيار السيارات، إضافة إلى المواد الغذائية، والأثاث، والورق والطباعة. فيما تُُعتبر الصناعات البتروكيماوية، والمعدنية أبرز منتجاتها.