أكدت مصادر مطلعة على حيثيات مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن في شأن طلب العضوية الكاملة لفلسطين في الاممالمتحدة، عدم توافر الأصوات التسعة اللازمة لتبني القرار في المجلس، ما يعفي الولاياتالمتحدة من مسؤولية استخدام حق النقض (الفيتو) وعواقبه لأنها لن تكون مضطرة لذلك، وفي الوقت نفسه يضع السلطة الفلسطينية في ورطة وإحراج لعدم تمكنها من الحصول على الأصوات التسعة اللازمة. وما زال أمام السلطة الفلسطينية خيار التوجه الى الجمعية العامة بهدف حشد أكبر دعم ممكن لقرار يعطي فلسطين مكانة «الدولة المراقبة» غير العضو في الأممالمتحدة. غير ان حشد ذلك الدعم يتطلب التخلي عن المرور بمجلس الأمن أولاً. ومن اجل ضمان الدعم الاوروبي في التحرك في الجمعية العامة، رأت أوساط الأممالمتحدة أن لغة مشروع القرار في الجمعية العامة يجب أن تكون غير مُثقلة. وحذرت أوساط أوروبية من «اليوم التالي» إذا ما أصرت السلطة الفلسطينية على التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار عضوية فلسطين الكاملة، مشيرة الى ما سيتركه من «مرارة ودماء على الحيطان». ورأت أن «هذه ورطة للفلسطينيين»، لأن تحركهم في مجلس الأمن «خاسر» في كل الأحوال لأن مشروع القرار سيلاقي «الفيتو» الأميركي بالتأكيد في حال حصوله على الأصوات التسعة اللازمة لتبنيه، وهذا في حد ذاته ليس مضموناً. ووصفت الأوساط الأوروبية الأمر بأنه «وضع خطير جداً» لما يترتب على الإصرار على التصويت في مجلس الأمن من عواقب. وقالت إن «قواعد اللعبة» في الجمعية العامة «ستتغير» في حال أصرت فلسطين على المرور أولاً في مجلس الأمن. وحضت هذه الأوساط الفلسطينيين على القفز عن مجلس الأمن والتوجه فوراً الى الجمعية العامة للحصول على وضع «دولة مراقبة» غير عضو في الأممالمتحدة. يذكر أن الحصول على مكانة «الدولة المراقبة» عبر الجمعية العامة يمكّن فلسطين من الالتحاق بالمحكمة الجنائية، ما يعطيها حق طلب محاسبة إسرائيل على تجاوزاتها. وتحرك المندوب الفلسطيني لدى الأممالمتحدة رياض منصور امس مع أعضاء مجلس الأمن، طالباً أن يرد المجلس بشكل ما على «الاستفزاز الإسرائيلي» المتمثل «بالتصعيد كعقاب جماعي لنا على عضويتنا في يونيسكو، عبر الاستيطان وسرقة أموالنا». ووجّه الى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن شكوى ضد «الحملة الاستيطانية»، وقال إن قرار الحكومة الإسرائيلية تسريع أعمال الاستيطان، بما فيها 2000 وحدة استيطانية جديدة في القدسالشرقية، هو «عقاب جماعي من قوة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وقيادته بعد نيل عضوية يونيسكو». ودعا مجلس الأمن الى «توجيه رسالة ضرورية الى إسرائيل برفض المجتمع الدولي الحملة الاستيطانية والدعوة الى وقفها فوراً»، كما حضه على تحمل مسؤولياته والتمسك بقراراته «والعمل على إخضاع إسرائيل الى المحاسبة على أعمالها غير القانونية». وأشار الى أن «الجهود المبذولة من اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي للعودة الى المفاوضات تواجه بالانتهاكات والجرائم الإسرائيلية». ولفت مجلس الأمن الى «وقف إسرائيل تحويل الأموال العائدة للسلطة الفلسطينية» كإجراء عقابي على الانضمام الى يونيسكو» ودعاه الى التحرك الفوري لوقف هذه الإجراءات. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه العميق من إعلان الحكومة الإسرائيلية عن أنشطة استيطانية جديدة رداً على قرار انضمام فلسطين الى «يونيسكو»، وقال إن الأنشطة الاستيطانية «تتعارض مع القانون الدولي وخريطة الطريق وتستبق نتائج المفاوضات على قضايا الحل النهائي». ودعا إسرائيل الى «تجميد كل الأنشطة الاستيطانية ومواصلة تحويل أموال الضرائب الجمركية الى السلطة الفلسطينية العائدة لها». كما أعرب عن قلقه حيال تمويل «يونيسكو»، معرباً عن أمله في «العمل مع الدول المعنية للتوصل الى حلول عملية للحفاظ على مواردها المالية». كما دعا الفلسطينيين والإسرائيليين الى التصرف بمسؤولية وجدية لصالح السلام والامتناع عن الأعمال الاستفزازية والعمل مع اللجنة الرباعية نحو تقديم اقتراحات جدية في شأن الحدود والأمن في الأشهر الثلاثة المقبلة في سياق الالتزام المشترك باستئناف المفاوضات المباشرة. وقف مساهمة اسرائيل في «يونيسكو» من جهة اخرى، أمر نتانياهو امس بوقف التمويل الاسرائيلي ل «يونيسكو»، في وقت أعلنت القيادة الفلسطينية انها «لن تتقدم لعضوية أي منظمة دولية أخرى» بعد «يونيسكو». وقال الناطق باسم رئاسة الحكومة الاسرائيلية مارك ريغيف لوكالة «فرانس برس» ان «رئيس الوزراء أمر بتجميد مساهمات اسرائيل ليونيسكو»، علماً ان مساهمتها السنوية ل «يونيسكو» تبلغ مليوني دولار. وعلى الجانب الفلسطيني، أعلن وزير الخارجية رياض المالكي في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية في رام الله امس: «في هذه اللحظة نحن غير معنيين بالتقدم لعضوية فلسطين في أي من المنظمات الدولية». واضاف: «الموقف الرسمي وبناء على توجيهات الرئيس محمود عباس، هو ان التركيز الفلسطيني سيكون على العضوية في الاممالمتحدة». واوضح: «لا نريد تشتيت جهودنا وعضويتنا في باقي المنظمات».