لم يعد مجلس الوزراء اللبناني متحمساً لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل، ولا الإسراع في إصدار دفعة جديدة من التعيينات الإدارية، وبات همه الوحيد منصباً على إقرار مشروع قانون الانتخاب الجديد في مهلة زمنية أقصاها نهاية العام الحالي، كما نقل وزير بارز عن رئيس الجمهورية ميشال سليمان في الجلسة الأخيرة للحكومة. وكشف الوزير ل «الحياة» أن سليمان أصر على عقد جلسات متلاحقة لمجلس الوزراء للانتهاء من مناقشة قانون الانتخاب الجديد باعتبار أن إنجازه يمكن أن يغطي على تلكؤ الحكومة في إصدار دفعة جديدة من التعيينات الإدارية الضرورية لتفعيل الإدارة وعلى تأخرها المتعمد في مناقشة مشروع الموازنة على رغم أن قيادات في الأكثرية «تتباهى» بأن هذه الحكومة ستنجز الموازنة في موعدها المحدد خلافاً للحكومات السابقة. وقال: إن السبب الوحيد لتبرير تجميد البحث في التعيينات الإدارية هو اشتراط رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون الحصول على موافقة من رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط على حصر التعيينات الإدارية بالمرشحين المنتمين إلى «التيار الوطني الحر» إضافة إلى اشتراطه إدراج تعيين الرئيس الجديد لمجلس القضاء الأعلى بنداً أول على طاولة مجلس الوزراء لاختبار النيات حول مدى التزام الأكثرية بشروط «الجنرال» الذي يرشح القاضي طنوس مشلب لهذا المركز.وأكد الوزير البارز أن «حزب الله» وقوى أخرى يدعمون عون في موقفه، وان العقبة الوحيدة تكمن في موقف جنبلاط المعارض لإعطاء الحق الحصري ل «التيار الوطني» في احتكار التمثيل المسيحي في الإدارة، مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية ليس في وارد التسليم لعون بكل شروطه في التعيينات الإدارية. وساطة بين سليمان وعون ولفت إلى قيام مرجع أمني بارز بوساطة بين رئيس الجمهورية وعون وإلى أنه نجح في توفير الأجواء بعقد لقاء بالواسطة وبالنيابة عنهما بين شخصيتين مقربتين منهما لكنه لم يحقق أي تقدم وبقي محصوراً في تبادل النيات الطيبة. ورأى الوزير أن من غير الجائز حصر التعيينات بعون، معتبراً أن ذلك يقطع الطريق على المرشحين الآخرين من الأكفياء من المسيحيين في الإدارة والمؤهلين للترقية من الفئة الثانية إلى الأولى. وأوضح الوزير أن سعي العماد عون للحصول على الحصة الوازنة في الإدارة يعود إلى إعداده منذ الآن لخوض الانتخابات النيابية في صيف 2013 أملاً بقدرته على إضعاف خصومه في الشارع المسيحي. أما في شأن وضع مشروع الموازنة في أدراج مجلس الوزراء في ظل غياب أي موقف يطالب بتحريكه وإعادة الروح إليه، فأكد الوزير أن الخلاف على البند المتعلق بتمويل المحكمة الدولية فيه، كان وراء صرف النظر عنه في الوقت الحاضر لتفادي انقسام الحكومة بين موقف معارض للتمويل وآخر مؤيد له. واعتبر أن استحضار مناقشة قانون الانتخاب قد يبرر للحكومة عدم الالتفات للموازنة أو للتعيينات الإدارية ويتيح لها تمرير الوقت إلى حين التفاهم على التعيينات، إضافة إلى إيجاد مخرج لتمويل المحكمة، انسجاماً مع التزام الرئيس سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمام المجتمع الدولي بتسديد حصة لبنان في المحكمة. وفي هذا السياق قالت مصادر وزارية مواكبة للأجواء السائدة داخل مجلس الوزراء أن الحكومة تتبع سياسة عدم إقحام مجلس الوزراء في القضايا الخلافية فبادرت إلى إشغال نفسها، من خلالها الرأي العام، بقانون الانتخاب الجديد، مع أنه ليس أكثر إلحاحاً من تمويل المحكمة واستكمال التعيينات الإدارية التي تشكو من الشواغر. مقر «أسكوا» وأكدت المصادر أن مواصلة مجلس الوزراء مناقشة قانون الانتخاب لا تعني أن الحكومة قادرة على بلوغ بر الأمان في شأنه، حتى لو حظي إقراره بأكثرية ثلثي أعضاء الحكومة. وعزا السبب إلى أن القانون القائم على اعتماد النظام النسبي سيواجه اعتراضاً من الهيئة العامة في البرلمان التي لن تأخذ به في ضوء اعتراض جنبلاط والمعارضة عليه وهذا ما يدركه رئيسا الجمهورية والحكومة. وتعتقد المصادر أن إنجاز قانون الانتخاب في مجلس الوزراء سيبقى في نطاقه الإعلامي ولن يأخذ طريقه إلى التطبيق. ناهيك بأن مجلس الوزراء غارق حالياً في البحث عن مكان بديل للمنظمة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا «الاسكوا» في ضوء رغبة القيمين عليها في نقل مقرها الكائن في ساحة رياض الصلح في الوسط التجاري لبيروت إلى مبنى آخر في العاصمة. وعلمت «الحياة» أن مجلس الوزراء ناقش في جلسته الأخيرة إمكان اختيار مبنى فندق «الكورال بيتش» الكائن في محلة الجناح. والواقع من ضمن نطاق بلدية الغبيرة (الضاحية الجنوبية) كبديل عن المبنى الحالي الذي تشغله «الاسكوا». في وسط بيروت. وبحسب المعلومات فإن المجلس ناقش هذا العرض بطلب تقدم به وزير الخارجية عدنان منصور وفيه أن صاحب «الكورال بيتش» وهو من آل حجيج يعرض تأجيره ل «الاسكوا» في مقابل بدل سنوي قدره سبعة ملايين وستمئة ألف دولار من دون أن يأتي الطلب على ذكر موقف الأممالمتحدة من هذا العرض. وتبين من خلال المناقشات أن «الاسكوا» ليس في وارد الانتقال إلى مبنى آخر خارج بيروت، فيما تردد أن وزارة الخارجية تميل إلى نقل مقرها من الأشرفية إلى المبنى الذي تشغله حالياً «الاسكوا». كما ناقش مجلس الوزراء اقتراحات بديلة أبرزها اقتراح تقدم به نقيب الأطباء في لبنان الدكتور شرف أبو شرف يبدي فيه رغبته في تأجير مبنى بيت الطبيب في بيروت لمصلحة «الاسكوا». وآخر تضمن نقل «الاسكوا» إلى مبنى المحكمة الدولية في منطقة «المونتيفردي» في المتن الشمالي. ولم يحسم مجلس الوزراء موقفه من هذه العروض في ضوء ما تردد من أن أسباب عدم حماسة الأممالمتحدة لانتقال مكاتب «الاسكوا» إلى «الكورال بيتش» أن ل «يونيفيل» مقراً في محلة بئر حسن في الضاحية الجنوبية تدرس حالياً إخلاءه في حال وجدت مبنى بديلاً.