فاجأت حكومة العدالة والتنمية التركية الجيش بتعديل قانون محاكمة العسكريين بشكل يحيل قضايا كل من يتهم من الجيش بالتخطيط لانقلاب اوالانتماء الى عصابة على المحاكم المدنية بدلاً العسكرية، وذلك في خطوة قد تؤجج السجال بين الحكومة ورئاسة أركان الجيش في شأن مزاعم عن وجود انقلابيين داخل الجيش. وجاء هذا التعديل بعد ايام من اعلان المدعي العام العسكري أن الوثيقة التي نشرت في الصحف التركية، والتي تتضمن خطة انقلاب على الحكومة، مزورة وغير ذات جدية ولا يمكن استخدامها كدليل لاثبات التهمة على أي من الضباط. ويرى كثيرون ان هذا التعديل القانوني يشير الى عدم ثقة الحكومة بالمحاكم العسكرية، وانها تعتقد بأن المحاكم العسكرية تحاول التستر على الانقلابيين في الجيش، خصوصاً أن رئيس الاركان الجنرال الكر باشبوغ كان اكد أنه لن يعزل الضابط المتهم بتحضير ذلك المخطط الانقلابي لأن التهمة لم تثبت عليه ولأن الوثيقة التي تتداولها وسائل الاعلام غير اصلية ومزورة. وبحسب القانون التركي، لا يمكن ان تستخدم الوثيقة المنشورة ولم يعثر على اصلها، كدليل في المحاكم، وكان الجنرال باشبوغ أبدى دهشته لاهتمام الحكومة بتلك الوثيقة وتصديقها حتى قبل التأكد من سلامتها. وفي الاطار ذاته طالب باشبوغ الحكومة والمخابرات العامة بكشف الجهة التي زورت هذه الوثيقة وسربتها الى الصحافة بهدف الايقاع بين الجيش والحكومة وتشويه سمعة المؤسسة العسكرية على حد قوله. وأشار الى جماعة فتح الله غولان الدينية القوية من دون ان يسميها، وأكد أنه سينقل هذا الموضوع الى مجلس الامن الوطني الذي سينعقد في 30 حزيران (يونيو) المقبل، مشيراً الى خطورة الوضع وفداحة مساعي تلك الجهة. وتتهم أوساط قريبة من الجيش وفي المعارضة جماعة غولان، اقوى جماعة دينية في تركيا، بشن حملة لتشويه سمعة الجيش من خلال اعوانها المنتشرين بكثرة داخل الأمن التركي والمخابرات والقضاء ومن خلال وسائل اعلامها الواسعة الانتشار، وبأنها تحاول الانتقام من الجيش بسبب انقلابه السلمي على حكومة نجم الدين اربكان العام 1998 وطرد زعيم الجماعة فتح الله غولان حينها خارج تركيا بعد اتهامه بالعمل على هدم النظام العلماني في تركيا وطرد الكثير من اعضاء الجماعة من الجيش والأمن والجامعات، ضمن ما كان يعرف بقرارات محاربة الرجعية. وتقول اوساط الجيش إن جماعة غولان استعادت قوتها من جديد من خلال دعمها وتعاونها مع حكومة العدالة والتنمية. لكن قريبين الى رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان أكدوا ان الأخير يرجح ان تكون وثيقة الانقلاب صحيحة وغير مزورة، ما يثير تساؤلات لدى الأوساط الصحافية عن كون الحزب الحاكم يعرف مكان الوثيقة الاصلية، وأنه قد يبرزها لاحقا في حال احتاج الى الدفاع عن نفسه امام اي تحرك عسكري ضد حكومته، رغم أن باشبوغ كان جدد ولاءه للنظام الديموقراطي مؤكداً أن الجيش لن يسعى لإطاحة الحكومة.