ضجت وسائل الإعلام العالمية بمجرد وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز – رحمه الله - بمئات المقالات والتحليلات والتخرصات السياسية حول ولاية العهد في السعودية وذهب كثير ممن لا يدركون حقيقة تماسك وقوة البيت السعودي من الداخل إلى استنتاج صعوبات وهمية قد تواجهها عملية انتقال ولاية العهد، ووصل الأمر ببعض من يمكن وصفهم بالمحللين السياسيين السذج ممن يتخذون من هرطقات الجهات المعادية للسعودية مصادر للمعلومات إلى افتراض ما لا يمكن افتراضه «عقلاً»، كإمكان نشوب خلافات داخل أروقة هيئة البيعة، ما قد يعطل عملية انتقال ولاية العهد لوقت غير محدد، لكن البيت السعودي الذي رفعت أعمدته على أسس متينة وضعها المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه أذهل هؤلاء قبل غيرهم، ليقف العالم أجمعه أمام مشهد نادر ومهيب اصطف فيه الأمراء والوزراء والعلماء والمواطنون بحميمية بالغة لمبايعة الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد، ضاربين بذلك مثالاً عظيماً ونموذجاً لأمم الأرض جميعاً، متمثلين قول الشاعر العربي «إذا مات منا سيّد قام سيّد»، حاملين في أعناقهم بيعة لقائد ووالد لطالما بادلوه وبادلهم المحبة، قائد ظل لعقود مجرد ظهوره على شاشات التلفزيون أهم ما يبعث الطمأنينة في نفوسهم على أمن وطنهم كبيرهم قبل صغيرهم فهو مهندس عمليات تفكيك عصابات الإرهاب. تلك العصابات التي مثلت أبشع ندبة سوداء في تاريخ الإسلام وطاولت بشرورها شرق العالم وغربه، إنه نايف بن عبدالعزيز، أسد الأمن الذي عجزت أعتى دوائر الأمن والمخابرات العالمية عن إنجاز ما أنجزه طوال العقد الماضي في الحرب على الإرهاب وتأمين البلاد في الوقت الذي تضطرب فيه الدول من حولها وتضطجع فيه المنطقة بأكملها على صفيح ساخن. الحديث عن قامة بحجم الأمير نايف يحتاج لمجلدات عظيمة، وربما لا توفيه حقه، فهو بجانب كونه مصدر طمأنينة السعوديين على مر عقود، قائد سياسي شهد له قادة العالم بالحنكة والحكمة، وهو في الوقت ذاته قائد إداري من طراز فريد لديه مع الحزم حكايات ومع الحلم مواقف لا تُنسى. وهو الأب الذي استطاع ب«أبويته» إعادة بناء شخصيات وأفكار ونفوس من غُرر بهم من أبناء وطنه بعدما تم تحويلهم لحراب في خاصرة بلادهم وأهلهم. وهو رجل الإعلام الأول الذي أدرك مبكراً أن الأمن والإعلام شريكان أساسيان في تأمين البلاد والعباد وسد الثغرات التي قد تنفذ منها السموم لجسد الوطن الآمن المستقر. جمع الأمير نايف في مسيرته المليئة بكل ما في جراب دهاليز السياسة والإدارة من صعوبات بين التحدي وقوة الإرادة والحكمة والخبرة التي تحدث عنها عقب مبايعته بقوله: «خدمتُ تحت راية سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - وكيلاً عندما كان أميراً للرياض؛ فأنا والأمير سلطان - رحمه الله - خدمنا الوطن تحت قيادة الملك عبدالعزيز المؤسس والباني والموجِّه، وصولاً إلى قيادة خادم الحرمين الشريفين الرشيدة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي علمنا وأثبت كيف يجب أن يُخدَم الوطن، وكيف يجب أن يُضحِّي الإنسان بكل شيء في خدمة أمته». رحم الله سلطان الخير، وأعان ولي عهد خادم الحرمين الشريفين على حمل الأمانة من بعده. ولا عزاء للحاقدين على استقرار هذه البلاد وأمنها وولاء شعبها الوفي لقيادته التاريخية الأمينة. [email protected] twitter | @Hani_AlDhahiry