من قوافل الحج التاريخية، اختار الدكتور محمد كمال الدين إمام قافلة الحج المصري أثناء العهد المملوكي، الذي اهتمت فيه الدولة بخروج «المحمل» كل عام، ، وتقيم احتفالاً من دورتين في السنة، الأُولى في النصف الأول من شهر رجب وتسمى الدورة الرجبية، والغرض من دوران المحمل في هذا الوقت المبكر هو إعلام الناس بأن طريق الحج بين مصر والحجاز آمن، أما الدورة الثانية فتتم في النصف من شوال، وتسمى الدورة الشوالية. واهتم المماليك بصناعة الكسوات والعمل على إرسالها كل عام إلى الحرمين الشريفين، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل حرصوا على إرسال الصرر العينية والنقدية من ريع الأوقاف الموقوفة لصالح الأرض المقدسة إلى مستحقيها. وتتكون القافلة من المحمل في رحلة الذهاب والعودة، ثم موظفي قافلة الحج ومن أهمهم، «الدوادار» وهو من العسكر، وقاضي المحمل الذي يصدر الأحكام الشرعية بين الحجيج، و «صراف الصرة» وأهم وظائفه صرف المبالغ المالية لمستحقيها، وكاتبها ومهمته تدوين ما يتسلمه أمير الحج من صرر عينية ونقدية وهي وظيفة وراثية، إضافةً إلى وظائف أخرى كثيرة. ومن بلاد المغرب تنطلق قافلة الحج المغربية وتسمى «قافلة الحج التكروري»، خاصة وأن إمارة «التكرور» هي أول الدول السودانية إسلاماً، ثم أصبح الاسم علماً على كل من يجيء من هذه الجهة، وقد أصبحت أوقاف أهل «التكرور» تصرف على المجاورين من « شناقطة» و«سودانيين». وكانت قوافل الحج الملكية هي أشهر القوافل المغربية، ومن أشهرها رحلة حج ألماسا موسى سنة 1324، والذي كان إنفاقه خاصة من ثروته الذهبية مثار دهشة مضيفيه من الأُمراء، وانزعاج التجار الذين ذعروا من تدهور قيمة الذهب في الأسواق، بفعل كمية الهدايا التي قدمها إلى صحبه ومرافقيه، ونفس الشيء ينطبق على رحلة ملك السونغاي الأسكيا محمد سنة 1496، والذي قدم بقافلة ضخمة والتقى في مصر بعلماء كبار من أمثال جلال الدين السيوطي، وأنفق كميةً من الهدايا الذهبية على الخاصة. ويضيف الباحث بأن رحلاتٍ أخرى ملكية وشعبية انطلقت بما جعل هذا اللون من الرحلات جسراً للتلاحم الثقافي بين المغرب والمشرق. وكانت مؤسسة الوقف من أهم المؤسسات التي تنفق على الحجاج والأماكن المقدسة على السواء، وقد تعددت أنواع هذه الأوقاف في البلاد الإسلامية، أو في الأماكن المقدسة ذاتها، وقد وصل الأمر في مصر العثمانية أن كرست ربع الخزينة المصرية، وربع الأوقاف التي كانت تشغل معظم أراضي مصر بالوجه البحري والوجه القبلي من أجل أداء واجبها نحو الحرمين الشريفين. واقترح إمام، في نهاية بحثه، إنشاء مركز لدراسات الحج يرصد ويحلل المخطوطات الخاصة بالحج وتصنيفها، وجمع كتب الرحالة العرب أو الحجاج سواء كانت خاصة بالحج أو في الأجزاء الخاصة بالحج وهي كثيرة، ومنها رحلات أبي سالم العياشي، والحسين بن محمد الورثلاني، ومحمد صادق في كتابه «دليل الحاج»، بل وحتى الرحلات التي قام بها حجاج علماء من غير أهل السنة، وجمع كتب الرحالة الأجانب أو الأجزاء الخاصة بالحج من رحلاتهم ودراستها وبيان أهدافها، ومدى صحة المعلومات الواردة فيها. ونادى إمام بإنشاء مركزٍ آخر لدراسات مؤسسات الحج وتقويمها، مقترحاً دراسة مؤسسة الحج في ماليزيا، طارحاً فكرة التعامل مع المجامع الفقهية في المسائل التي تثار حول الحج بقصد العمل على توفير اجتهاد جماعي في باب الحج، والتعاون مع الوزارات الخاصة بالحج ومؤسسات الطوافة، والاستفادة من التجارب الميدانية في هذا المجال، ودراسة إعلام الحج المقروء والمسموع والمرئي، والعمل على تحليل مضمونه، وبيان مشكلاته، بهدف الاستفادة من إعلام الحج في مجال تحقيق أهدافه الدينية والثقافية والاستفادة الكاملة من التقنيات الجديدة في مجال علوم الاتصال.