«الصورة قاتمة في كل الجبهات: تدهور خطير في الوضع الاستراتيجي لإسرائيل وفي مكانتها الدولية، وتراجع مكانة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط يُفقد إسرائيل هيبتها الردعية، والجبهة الداخلية ليست جاهزة لحرب، والمستوى السياسي لا يبادر إلى شيء لتحريك العملية السياسية، وإسرائيل تبدو عاجزة أمام الربيع العربي». هذا بعض استنتاجات خلص إليها التقرير السنوي الذي أصدره أمس «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب تحت عنوان «تقديرات استراتيجية لإسرائيل لعام 2011»، واعتبره مراقبون الأكثر سوداوية بين كل التقارير التي أصدرها المعهد منذ تأسيسه العام 1983. ويرى واضعو التقرير، وهم من خريجي المؤسسة الأمنية وأكاديميون بارزون، ان تدهوراً آخر طرأ العام الأخير على مكانة إسرائيل الاستراتيجية «في غياب استراتيجية سياسية واضحة كان مفروضاً على الحكومة الحالية بلورتها لتهدئة بؤر التوتر، ما ضاعف التحديات التي تواجهها اسرائيل، خصوصاً في مقابل تحرك ديبلوماسي فلسطيني واسع يحظى بتأييد دولي كبير يعكس أكثر فأكثر العزلة الدولية المتفاقمة التي تعيشها إسرائيل». ويضيف التقرير الذي يُعتبر أهم وثيقة بحث استراتيجية تصدر في الدولة العبرية خارج المؤسسة الأمنية، أن عملية نزع الشرعية عن إسرائيل تتواصل وتتسبب في إضعاف مكانة إسرائيل السياسية وتفرض قيوداً متشددة على حرية التحرك العملاني للجيش الإسرائيلي. كما يشير إلى أن تراجع مكانة اميركا في الشرق الأوسط والعلاقات السيئة بين إدارة الرئيس باراك اوباما ورئيس الحكومة بنيامين نتانياهو يمسان بهيبة الردع الإسرائيلية، «ما يتيح لجهات أخرى أن تحاول أن تلعب دوراً في المنطقة على نحو لا يخدم مصالح إسرائيل». ويوجه التقرير انتقادات شديدة إلى الحكومة الحالية وأذرعها التنفيذية على تقصيرها في معالجة القضايا المختلفة. ويخلص إلى استنتاج قاطع بأن الحكومة مطالَبة بالحسم بين مواصلة الانتظار وعدم المبادرة وبين السعي إلى التأثير على محيط إسرائيل الاستراتيجي، «ولا شك أن تحركاً صريحاً نحو تسوية الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي والعربي - الاسرائيلي من شأنه أن يخفف حدة التحديات التي تنتظر إسرائيل وتحسن مكانتها الدولية الآخذة في التراجع». ويتوقع رئيس المعهد، السفير السابق لدى الاتحاد الأوروبي والأردن عودد عيران، أن تضطر إسرائيل إلى اتخاذ قرارات حاسمة في قضايا مركزية تتعلق بأمنها القومي «في ظل واقع معقد للغاية وفي ظل فراغ ناجم عن 3 ظواهر: الربيع العربي، وانهيار عملية السلام، والتراجع الكبير في مكانة اميركا، وهذه مجتمعةً قد تقود إسرائيل نحو كارثة كبيرة». ويضيف أن الأنظمة العربية الجديدة ستعلق كل المشاكل في المنطقة على شماعة عدو خارجي هو إسرائيل، فيما «الربيع العربي» يحصل بينما علاقات إسرائيل في حضيض غير مسبوق «والرأي السائد في العالم العربي، وأيضاً في الحلبة الدولية، هو أن سياسة الرفض الإسرائيلية، وليس تدخل ايران في شؤون الدول العربية كما تحاول إسرائيل الترويج، هي التي تسببت في الطريق المسدود».