أعطت المساعدات التي قدمها الاتحاد الأوروبي لنحو 200 جمعية جزائرية غير حكومية، دفعاً قوياً للقائمين عليها، فحققوا مشاريع معلقة وفتحوا أبواب المستقبل للأيتام، وأطلقوا مبادرات لحماية المحيط، وتعليم الصغار، وتنظيم حملات توعية وغيرها.وما يزيد من أهمية هذه المساعدات التي قدمت في إطار مشروع الجمعيات غير الحكومية «أو أن جي 2» أنها تمس جمعيات وطنية كبيرة بالقدر ذاته الذي تمس جمعيات محلية صغيرة تعمل في بلديات الجزائر وتقاوم مشاكل ضعف الإمكانات وقلة اهتمام السلطات وتجاهل المواطنين، رافعة الغبار عن «كنوز من الذكاء والإبداع والعطاء». «أصبحت جمعيتنا معروفة ومقصودة منذ أن حققنا مشروعنا»، يقول كمال سليني رئيس جمعية «كافل اليتيم الخيرية» وهي جمعية محلية في مدينة برج بوعريريج تهتم بالأيتام كما يدل عليها اسمها. وبلغت كلفة المشروع 5 ملايين دينار جزائري (حوالى 50 ألف يورو) تحمل الاتحاد الأوروبي 80 في المئة منها مقابل 20 في المئة تحملته الجمعية. وسمح ذلك المبلغ للجمعية التي تستهدف 500 شخص بفتح مركز لتكوين الأيتام في جميع التخصصات المهنية والحرفية في مدينة برج بوعريريجالشرقية الداخلية. وقال رئيس الجمعية إن المركز يضم أقساماً مثل كهرباء العمارات والطبخ والحلاقة، مشيراً إلى تخرج دفعة من 20 شخصاً في الدورة الأولى بانتظار تخرج فوج ثان من 20 شخصاً آخرين خلال الدورة الثانية. وبفضل اتفاقية بين «كافل اليتيم الخيرية» والمركز الوطني للتكوين المهني تم تأطير هؤلاء الشباب من قبل أساتذة مختصين تابعين لمركز التكوين المهني، حيث يتلقون الجانب التطبيقي من الدروس. وما يعطي أهمية خاصة لهذه الاتفاقية حصول المتخرجين على شهادة من مركز التكوين المهني وهي شهادة وطنية تعترف بها وزارة التعليم، ما يفتح أبواب العمل أمام المتخرجين. وتمت الاستعانة أيضاً بأساتذة ممارسين لتقديم دروس الدعم والتقوية لتلاميذ الصفوف النهائية. وبحسب كمال «باتت الجمعية مقصودة حتى من الجهات الحكومية بفضل الإمكانيات التي يوفرها المركز، فتم استعمال مقراتها في الامتحانات الرسمية لمحو الأمية». وفي نشاط مختلف عرفته ولاية سكيكدة الواقعة شمال شرقي الجزائر، استفادت جمعية «ابتسامة» دعم مالي قيمته 2 مليون دينار جزائري (حوالى 20 ألف يورو) مكنها من فتح مركز استقبال للنساء والأطفال المهمشين وتشغيل 10 أشخاص بصفة دائمة. «إنها سابقة في الولاية، وحلم راودني منذ 1989 لكنني لم أتمكن من تحقيقه بسبب انعدام الإمكانيات وها هو اليوم قد تحقق» تقول السيدة نصيرة بوجمة رئيسة الجمعية. وما تحقق ليس بسيطاً فالمشرفون ينظمون عمليات لجمع النساء المتشردات من الشوارع وحملهن للمركز حيث يتم التكفل بهن، كما فتحت أربعة أقسام للتكوين في فنون الطبخ، والتزيين والإعلام الآلي والخياطة لتعطى النساء فرصة الاندماج في المجتمع. المركز الذي أعد لاستقبال 110 امرأة وطفل في السنة يستقبل اليوم 200 مقيمة مع 7 أطفال في سن صغيرة. وأصبح اليوم، بحسب صاحبة المشروع، مقصد النساء العديمات الدخل للتكوين إضافة إلى النساء المطلقات والمتشردات وغيرهن ممن يعانين من مشاكل اجتماعية إضافة إلى الأطفال مجهولي النسب. وتفتخر رئيسة الجمعية بتمكن جمعيتها من العثور على الأبوين البيولوجيين لطفلين في سن صغيرة يقيمان مع والدتيهما بالمركز، حيث تزوج الأبوان أخيراً. وجرى التنسيق مع وكيل الجمهورية (ممثل النيابة العامة) لتسوية وضعية الطفلين في سجلات الأحوال المدنية. وبفضل نشاط العاملين في هذا المشروع استحوذت الجمعية على احترام المواطنين وانتهى الناس إلى تقبل المركز مثلما بدأت المقيمات تظهرن تأقلماً مع الوضع الجديد وقدرة أكبر على التعامل مع الغير نتيجة التنامي التدريجي للحس الاجتماعي لديهن. ومن ضمن دعم الجمعيات الأهلية، وفي مجال البيئة مولت المفوضية الأوروبية مشروعاً لافتاً يتعلق بإنشاء محمية طبيعية في منطقة سفيسفة في ولاية النعامة الواقعة غربي الجزائر على الحدود المغربية. وساهمت وزارة الشباب والرياضة في تمويل هذا المشروع الذي أطلقته جمعية الشباب العلمية «اكتشاف الطبيعة». تدور الفكرة حول إنشاء محمية طبيعية في منطقة نفيخة السهبية من أجل الحفاظ على مواقع اكتشاف الديناصورات وحمايتها وغابة الحفريات لرويس - اجير. واعتمدت استراتيجية المشروع على التربية البيئية لأهالي المنطقة وتثمين وترقية المواقع الثلاثة المحمية بفضل خطة إعلامية استعملت فيها جميع الوسائط، من تلفزيون وراديو وصحافة. وفي هذا الإطار تم تكوين عشرين شاباً وإنشاء نادٍ بيئي استقطب عشرات المنخرطين من بينهم تلاميذ وطلاب. وأنجز هذا المشروع في شهر آذار (مارس) الماضي بعد سنة كاملة من العمل تم خلالها أيضاً تحقيق دراسة ميدانية أحصت جميع الأنواع الحيوانية والنباتية في المنطقة. وتحت عنوان «مشروع تأهيل وتوجيه الحركة الجمعوية لمتليلي شعبان نحو المساهمة في التنمية المستدامة» استفادت جمعية الفن والإبداع لبلدية متليلي بولاية غرداية الجنوبية من حوالى 5 ملايين دينار مكنتها من فتح دار للجمعيات مجهزة بقاعات إنترنت ومكتبة وقاعة اجتماعات إضافة إلى الأمانة ومختلف التجهيزات. وتم أيضاً إنشاء صندوق بريد لكل جمعيات البلدية المعنية بالمشروع. وقال رئيس الجمعية ل «الحياة» إن «المشروع بدأ ب 17 جمعية وتوسع اليوم ليضم 28 جمعية». وقالت آسيا حربي رئيسة فريق الخبراء العامل لدى مندوبية المفوضية الأوروبية في الجزائر في إطار مشروع «أو أن جي2» أن هذا البرنامج يساعد 131 جمعية تم اختيار مشاريعها للتمويل من خلال تمكينها من الخبرة والتكوين. ويهدف المشروع بحسب حربي إلى إدخال المهنية في شكل تدريجي في عمل الجمعيات ورفع مستوى التسيير عند أفرادها إلى المقاييس العالمية. وأضافت حربي أن «أفراد المجتمع المدني عملوا طويلاً معتمدين على حماستهم وحسن نياتهم، والتطوع، بينما كان من الممكن استغلال كل تلك العاطفة في شكل أكثر فاعلية من خلال الكفاءة» وهو بالضبط ما يقدمه البرنامج الأوروبي الذي رصد 10 ملايين يورو لتمويل مشاريع الجمعيات. * أوروبا جارتنا مشروع إعلامي مشترك متعدد الوسائط بين «الحياة» وتلفزيون «ال بي سي» وصحيفة «لوريان لوجور» الناطقة بالفرنسية، يموله الاتحاد الاوروبي ويهدف إلى تسليط الضوء على مشاريع الاتحاد وبرامجه في منطقة حوض المتوسط عبر تقارير تلفزيونية ومقالات صحافية تنشرها «الحياة» اسبوعياً وتحمل علامة المشروع. المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد الاوروبي. للاطلاع زوروا موقع: www.eurojar.org