هناك أشخاص خلقهم الله لقضاء حوائج الناس وتحقيق أمانيهم، انتفع بوجودهم الناس وسعد بكرمهم الكثيرون، وارتاح بجانبهم وتحت كنفهم ورعايتهم الثكالى والأرامل واليتامى والمساكين. خسرت الأمة الإسلامية والعربية رجلاً كان فيه كل ما سبق وأكثر، رجلاً قرّب الطفل إليه وأحسن إليه حتى تصرف الطفل بطبيعته وكأنه فعلاً أمام والده الذي أنجبه. لا يمكن أن أمنع نفسي من البكاء كلما شاهدت مقطعاً رائعاً يسجل بماء من ذهب، ليكون رمزاً للتواضع ورمزاً للخير ورمزاً للإنسانية التي لا يخطئها القلب ولا تتجاهلها العين، فمقطع طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يجلس بكل ثقة على كرسيه ويتحدث بتلقائية شديدة مع إنسان يسارع ليحمله بكل حنو، إنسان يترك الطفل يعيش طفولته، يتركه يتحسس وجهه بكل راحة ولينطق الطفل فجأة «بابا سلطان أنا أحبك»، ليبتسم بصفاء ويسأله ماذا تريد بأبوة شديدة، يرد عليه الطفل «ابيك تعالجني»، ويكرر سؤاله ماذا تريد أيضاً، ويحاول أن يساعده «هل تريد سيارة كبيرة أم صغيرة» فيجيب الطفل مازحاً... «كبيرة» فيقول له «ابشر بالعلاج وبسيارة كبيرة يسوقها الوالد وتكفيكم أنت والوالدة وأخواتك»، فيودعه الطفل باسماً وراضياً. أما الطفل اليمني الذي ألقى أمامه قصيدة تعبِّر عن مدى ترابط الشعبين اليمني والسعودي، فبعد أن انتهى قرَّبه إليه طالباً منه أن يطلب ما يشاء، فيجيب الطفل «شكراً»، فيكرر عليه «لا لا لازم تطلب» بعد أن يمسح على رأسه بكل تواضع، ليقرر له بعدها راتباً شهرياً مدى العمر وسيارة. الموت علينا حق، والموت نهاية حتمية لكل البشر، ما يستوقفني هو أننا نفقد كثيراً من الأشخاص، البعض تترحم عليه وتنساه، والبعض يترك ذكرى سيئة، والبعض يغادر من دون وداع ليترك في القلب فراغاً كبيراً ومواقف لا تنسى، والبعض يكفي أن تعدد مآثره لتعرف من هو على الفور من دون أن تخطئ في التخمين. البعض يشعرك أنك بعده عدت يتيماً، وأثق أن كل الأطفال الذين قابلهم في كل المقاطع المسجلة التي جمعتهم به وغيرهم يبيتون الليلة وهذا الشعور يسكنهم. موقف مؤثر أثمر عن ميلاد لجان إسلامية خيرية تغطي النيجر وأفريقيا ودولاً أخرى كثيرة، بسبب تأثره من موقف ومشهد «امرأة فقيرة تبحث عن الطعام لها ولأولادها في بيوت النمل»، وكيف كلف لجنة لتجمع عنها معلومات وتتكفل بمساعدتها، وعندما عرفت المرأة أنها السبب في انبثاق كل هذا الخير دعت له وهي تردد «الله أكبر». قلوب البشر ليست للبيع ومشاعرهم أيضاً، وإجماع الأمة والمجتمع على رأي موحَّد لا يحدث إلا بوجود دافع استشعروا من خلاله بحنان وأبوة وسخاء وتواضع وذكاء هذا الرجل الذي تعامل مع الجميع مواطنين وغيرهم بإنسانية، ليرحل عن دنيانا محاطاً بدعوات حقيقية تصل مباشرة للسماء ولرب السماء وملائكة السماء التي تؤمن على الدعاء بأن يثاب هذا الأمير على كل الخير الذي بذله لإسعاد الكثيرين ولتلبية حاجاتهم من دون تأخير، بإنسانية منقطعة النظير استحق على إثرها وبجدارة أن يلقب - رحمه الله... بسلطان الخير. [email protected] twitter | @s_almashhady