تونس - أ ف ب، رويترز - ينتظر التونسيون بفارغ الصبر ولكن في هدوء النتائج النهائية المقررة اليوم لانتخابات المجلس التأسيسي التاريخية التي أجريت أول من أمس وشهدت إقبالاً قارب 90 في المئة وكان موضع إشادة واسعة باعتباره فوزاً لتونس والديموقراطية ونموذجاً يحتذى في دول «الربيع العربي». وأشارت نتائج جزئية متفرقة نشرتها مصادر متطابقة إلى تقدم كبير لحزب «النهضة» الإسلامي. وتوقع أحد قيادييه الحصول على 60 مقعداً على الأقل في المجلس المؤلف من 217 عضواً. وقال عضو المكتب السياسي للحزب سمير ديلو إنه يتوقع أن يحصل حزبه على «نحو 40 في المئة من الأصوات». وأضاف: «وفق مصادرنا، لسنا بعيدين من 40 في المئة. ربما أقل أو أكثر قليلاً، لكننا مبدئياً متأكدون من الفوز على الأقل في 24 دائرة» من الدوائر الانتخابية ال27. وسعى عضو المكتب السياسي ل «النهضة» نور الدين البحيري في تصريحات إلى إذاعة محلية أمس إلى الطمأنة إزاء مخاوف تتردد في تونس، خصوصاً في «معسكر الحداثيين»، من صعود الإسلاميين. وقال إن «تونس لكل التونسيين وقدر التونسيين أن يعيشوا مع بعضهم وأن يحترموا التنوع والتعدد». وأضاف: «نحن مع التوافق والعمل الجماعي وضد تقسيم المجتمع التونسي على أساس أيديولوجي، لأن بلادنا في حاجة إلى كل أبنائها وكفاءاتها، ونحن ضد كل إقصاء أو استثناء». وشدد زعيم «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية» المنصف المرزوقي الذي تشير النتائج الجزئية إلى أن حزبه حل ثانياً في عدد من الدوائر، على أن «لا حزب يمكنه أن يحكم تونس وحده وستقع تحالفات وفق برامج سياسية لإقامة حكومة وحدة وطنية... وسندخل في نقاشات معمقة مع الجميع إذ أن المعركة ليست أيديولوجية بين إسلاميين وعلمانيين كما يحاول البعض تصويرها لإدخالنا في متاهات. معركة تونس هي ضد التخلف والفقر». وأكد أن «تونس بلد لا يمكن أن يحكمه إلا أهل الوسط في كل القوى السياسية»، مضيفاً أنه «ضد التطرف يميناً أو يساراً». وأكد القيادي في «حزب التجديد» (الشيوعي سابقاً) عادل الشاوش أن «من الواضح أن النهضة تتقدم الجميع في معظم الدوائر»، معتبراً أن «السؤال المطروح الآن في هذه الانتخابات هو من سيفوز بالمرتبتين الثانية والثالثة فيها»، فيما أعلنت الأمين العام ل «الحزب الديموقراطي التقدمي» مية الجريبي إقرار حزبها اليساري الوسطي بهزيمته في الانتخابات بعد أن توقعت استطلاعات الرأي أن يحتل المرتبة الثانية. وقالت الجريبي إن «التوجهات واضحة. الحزب الديموقراطي التقدمي في موقع سيء. هذا قرار الشعب التونسي. وأنا احترم هذا الخيار. اهنئ أولئك الذين حصلوا على أصوات الشعب». وأكدت أن حزبها سيكون في صفوف المعارضة أمام الغالبية التي يتوقع أن يقودها «النهضة». وأضافت الجريبي التي ركز حزبها في حملته على معارضة الحزب الإسلامي: «سنبقى موجودين للدفاع عن تونس الحديثة والمزدهرة والمعتدلة». ورأت أن «تونس تعيش منعطفاً، وسنبقى حذرين وسنؤدي دورنا بهدوء». ويحتدم التنافس بين حزبي «التكتل من أجل العمل والحريات» (يسار) بزعامة مصطفى بن جعفر و «المؤتمر من أجل الجمهورية» بزعامة منصف المرزوقي (يسار قومي)، على الموقع الثاني في الانتخابات، وفق تقديرات أعلنها الحزبان اللذان يرجح أن يحلا خلف «حزب النهضة». وقال المسؤول الثاني في حزب «التكتل» خليل الزاوية: «سنحصل على نحو 15 في المئة من الأصوات ما سيترجم إلى 30 مقعداً على الأقل وفق إحصاءات على المستوى الوطني». وأقر الزاوية بأن «النهضة هي بالتأكيد التي حصلت على أكثر الأصوات، لكننا كيانان ديموقراطيان في التكتل والمؤتمر كانا ضعيفين جداً في بداية السباق لكنهما كسبا شعبية مكنتهما من مكانة وطنية تتيح لهما بناء الحياة السياسية وإرساء حداثة عقلانية في بلد عربي مسلم». وقال المرزوقي الذي يتوقع أن يحصل على ما بين 15 و16 في المئة من الأصوات، وفق تقديرات متطابقة: «نأمل أن نحل في الموقع الثاني». وأضاف: «في كل الأحوال، ما يهم هو أنه أصبحت لدينا خارطة سياسية حقيقية. لقد حدد الشعب التونسي وزن كل طرف». واعتبر أن الشعب التونسي «نجح عشرة على عشرة» في امتحان الديموقراطية وأن الانتخابات «أنهت عهد المواطن المستهلك والسياسي المقاول ودشنت عهد المواطنة، والناس تنتظر منا حل مشاكلها». وخلص إلى أن «تونس التي سطرت للعالم العربي أول ثورة ديموقراطية من دون أيديولوجيا ستهدي العالم العربي أول جمهورية (حقيقية) وأول ديموقراطية»، مشيراً إلى أنه في تونس «كنا في جملكية (جمهورية ملكية) والآن نبني نظاماً ديموقراطياً». وفي باريس، أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس أن بلاده ترحب «بحسن سير أول انتخابات حرة» في تونس. وقال في بيان إن «تونس تؤكد دورها الريادي... بهذه الانتخابات التاريخية التي اتسمت بحماسة الناخبين للديموقراطية وإثباتهم تعبئتهم وتمسكهم بمسؤولية المواطنة». وأضاف أن ««فرنسا، شريكة تونس دائماً، تقف أكثر من أي وقت مضى إلى جانبها في هذه الأيام التي هي أيام فخر وطني». وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإجراء الانتخابات في تونس «في أجواء سلمية ومنظمة». وأثنى على دور اللجنة العليا المستقلة للانتخابات في التأكد من «شفافية العملية الانتخابية». وقال إن «الشعب التونسي ألهم المنطقة والعالم عندما وقف بشجاعة ليطالب بالديموقراطية والحرية والكرامة، وها هو اليوم يتخذ خطوة أخرى مهمة». ورأى أن الانتخابات التونسية تشكل «عاملاً أساسياً في الانتقال الديموقراطي لتونس وتطوراً مهماً في التحول الديموقراطي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط». وشجع «كل الأطراف على البقاء ملتزمة بمبادئ الشفافية وإشراك الجميع خلال الفترات المتبقية من العملية الانتقالية». وشدد على أهمية مشاركة النساء والشباب في العملية الانتقالية كعنصر أساسي لنجاحها.