"نحن التشيليون لا نخاف مجموعة الموت، لان الموت عشناه حقيقة"، صرخة أطلقها أحد عمال المناجم ال33 التشيليين الذي نجوا من الموت بعد أن احتجزوا لمدة 69 يوماً تحت الأرض في منجم عام 2010 وكانوا معلقين بين الحياة والموت في مدينة سان خوسيه شمال البلاد. يقف هؤلاء الأشخاص اليوم في طليعة مشجعي المنتخب التشيلي، أحد أبرز مفاجآت كأس العالم الحالية في البرازيل، بعدما فاز على استراليا 3-1، وأنهى مشوار حاملة اللقب إسبانيا وتغلب عليها بهدفين مقابل لا شيء ما أدى إلى خروج الأخيرة رسميا. التشيليون البالغ عددهم نحو 17 مليون نسمة يصطفون اليوم خلف منتخبهم ، بقيادة النجمين اليكسيس سانشيس جناح برشلونة، وأرتورو فيدال بيضة القبان في صفوف يوفنتوس الإيطالي. والمثابرة والتفوق ونجاح تشيلي في تخطي الصعاب لا يقتصر على كرة القدم، فقد تجاوزت محنة زلزال مدمر عام 1960 حصد أكثر من 5 الاف قتيل وجعل مليوني شخص من دون مأوى، وبنت ملعب سانتياغو الذي يتسع ل80 ألف مفترج ليكون جاهزا لاستضافة المباريات، كما نجحت في "هضم" تغيير سياسي هام بعد 15 عاما من الديكتاتورية على إثر الإطاحة بالجنرال "بينوشيه" عام 1973. مدرب تشيلي الأرجنتيني خورخي سامباولي لم يتردد بالقول قبل انطلاق العرس الكروي: "أتينا إلى البرازيل للفوز بكأس العالم" معتبراً أن "لا روخا" على موعد مع المجد في هذه البطولة، فقد انتزع فريقه فوزاً وتعادلاً لافتين من انكلترا (0-2) وألمانيا (2-2) على مدى ثلاثة أيام في أيار الماضي استعدادا لهذه البطولة، ليقول مدرب ألمانيا يواكيم لوف بالمنتخب بعد المباراة: "تشيلي تلعب بطريقة رائعة وقدمت أسلوباً كروياً حديثاً وممتعا أمامنا". ويضغط لاعبو تشيلي على الفريق المنافس بقوة خلال الدقائق التسعين من زمن المباراة متسلحين بفنيات عالية وبعزيمة قوية واندفاع وروح قتالية عالية، كانت ثمرة عمل المدرب الأرجنتيني الذي يسير على خطى مواطنه مارسيلو بييلسا وكلاوديو بورغي معتمدا على تشكيلة بلغ معظم أفرادها الدور الثاني في نسخة جنوب أفريقيا عام 2010 وخرجت على يد البرازيل بثلاثية نظيفة. وشاءت الأقدار أن يلتقي بعد غد السبت، المنتخب التشيلي بنظيره البرازيلي وجها لوجه في كأس العالم الحالية، لتكون الهزيمة هي بحق المونديال الكبير، فالخاسر سيترك أثراً على ملايين المتابعين. ويقول مدرب تشيلي عام 1998 نلسون اكوستا "هذا الفريق يستطيع التفوق على أي منتخب آخر"، رغم أن فريقه خرج أيضا على يد البرازيل بقيادة رونالدو في الدور الثاني في مونديال فرنسا عام 1998. وارتدى سانشيس زي القائد الفعلي في صفوف "لا روخا" في ظل التواجد المتقطع لفيدال في التشكيلة الأساسية كونه لم يتعاف تماما من عملية جراحية خضع لها في ركبته قبل نحو الشهر. وسجل سانشيس هدفا وكان صاحب تمريرة حاسمة ضد استراليا، في حين أنهك الدفاع الإسباني بفضل تحركاته على الجناحين. تعتبر هذه البطولة فرصة ظهور لهذا اللاعب الذي يطلق عليه لقب "الشاب الرائع" والذي جلبه أودينيزي الايطالي عام 2007 قبل أن يتخلى عنه لمصلحة برلشونة مقابل 37 مليون يورو بعد أربع سنوات، ليبقى طريقه إلى التألق يكمن في تخطي عقبة البرازيل صاحبة الأرض.