نعم هو مصاب وطن و«أمّة».. كيف لا؟ والفقيد الكبير «أمّة في رجل»، إنه سلطان بن عبدالعزيز.. سلطان الخير.. سلطان الابتسامة.. وأمير المهمات الصعبة. تولى المسؤولية وهو لم يتجاوز ال 16 ربيعاً، وبدأ أميراً لمنطقة الرياض، ثم وزيراً للزراعة، ثم وزيراً للمواصلات، ووزيراً للدفاع والطيران. قبل أكثر من أربعة عقود وتحديداً في 21 تشرين الأول (أكتوبر) عام 1962 أصبح الأمير سلطان وزيراً للدفاع والطيران، وفي 13 حزيران (يونيو) عام 1982 تقلَّد منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء. إنه «ولي العهد» والرجل الثاني في وطن هو «الأول» في العالم الإسلامي، وذلك هو قدر هذه البلاد وقدر رجالاتها الكبار، وقد كان «سلطان» عضد أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لقد كان المصاب كبيراً بفقد سلطان، ولكن عزاءنا أنه انتقل إلى ربّ غفور رحيم، فاللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وجازه عن كل ما قدم من الخير جنات النعيم. مات سلطان بن عبدالعزيز ولم تمت سيرته ولن تموت أفعاله ولن تنسى مواقفه، إنه الصورة بل الصور التي لن تمحى من الذاكرة، وما أكثر الصور وما أبلغ ما تحمله من معانٍ. لن أتحدث عن الجوانب السياسية والقيادية، فحيات الفقيد كلها مسؤوليات ومهام كبار، ووحدهم الرجال العظماء الذين يخلدهم التاريخ، فهم أولئك الذين يملأون أماكنهم مهما تعددت وتنوعت مسؤولياتهم، وهنا تكون القيادة. كان الأمير سلطان - رحمه الله - شخصية فذة، حتى في أصعب المواقف تجد الابتسامة لا تفارق محياه، ولم يتولَّ مهمة من المهام الصعاب إلا ووجد لها حلاً، ذلك هو سلطان بن عبدالعزيز، وتلك الشخصية النادرة كانت تقتطع من وقتها الثمين ومهامها ومشاغلها وقتاً للشعب، فقد كان عوناً للمحتاجين، وبلسماً للمرضى والمعوزين، ونصيراً للمظلومين، وأباً حنوناً للأطفال المعوقين. كانت ابتسامته تضفي على المكان الراحة، وتعطي كل متردد ومبهور من شخصيته الأمان، ويكفي لمن يريد أن يتعرف على شخصية (أبو خالد)، تلك الصور التي يتبادل فيها مع الأطفال الحديث العفوي والصادق.. حديث الأبوة. هل رأيتم وسمعتم ماذا ردّ على ذلك الطفل المعوق الذي قال له وهو يحتضنه: «أنا أحبك»، فقال سلطان الإنسان: «وأنا أحبك»، إنها الشخصية التي يبكيها الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، إنه «الخير في كل مكان وزمان». ذلك هو وزير الشؤون الاجتماعية «الخاصة»، تلك الوزارة التي أنشأها بنفسه فكان وزيراً للفقراء والمحتاجين ووزيراً للثكلى والمعسرين ووزيراً للخير - بل كان الخير كله -، مطر يهطل وبستان فيه كل أصناف الثمر وشجرة سامقة وظلال وارفة. ولي العهد ووزير الدفاع ينسى كل هموم المسؤوليات العظام ويتحاور مع الأطفال الصغار، قلب حنون.. ونفس طيبة.. وإنسانية لا تجيد التصنُّع.. ونهر عطاء متدفق.. ابتسامته لم تفارقه أبداً.. حتى وهو على فراش المرض. سيدي خادم الحرمين الشريفين، أحسن الله عزاءكم في فقد أخيكم، وعظّم الله أجركم وألبسكم ثياب الصحة والعافية، ورحم الله الفقيد الكبير «فقيد الوطن» والأمتين العربية والإسلامية والعالم كافة. أسأل الله أن يشدّ أزرك يا خادم الحرمين بإخوتك، وأن يحفظك للوطن ذخراً ولشعبك ظلاً، وللحرمين الشريفين حارساً وإماماً وخادماً، ذلك هو الشرف العظيم، فأنتم من اختاركم الله لخدمة هذه البلاد المباركة.. حفظكم الله. - للشاعر حامد زيد: ما دام سلطان الكرم حي وبخير.. معاد ننشد لو تقوم القيامة فإلى جنات الخلد أبا خالد. [email protected]