لقد فرحنا كمعلمات وكنساء بوصولك إلى هذا المنصب، الذي هو تقدير للمرأة وتأكيد لحضورها الفعال في خدمة الوطن، وإبراز ما تمتلكه من قدرات وأفكار وخطط وبرامج للرقي بالعمل الذي تقوم به، أو تشرف عليه وترأسه. لقد قرأت من خلال تصريحاتك للصحف تطلعاتك وحرصك على تبوء المرأة أعلى المناصب، وتأنيث أو «نسونة» الأقسام الرجالية، وهذا في حد ذاته توجه جدير بالتقدير والاحترام، إلا أن هنالك أولويات نتمنى أن يبت فيها قبل هذه الخطوة التي سأتناولها على حدة. أنا هنا يا سيدتي أخاطبك بصوت المعلمة التي لها الكثير من الخبرة في مجال العمل التربوي، وبصوت الكاتبة التي يحتم عليها ضميرها نقل بعض الأمور التي قد تكون غائبة عن أعين الكثير من المسؤولين، وسأبدأ معك من الامتحانات التي نحن ندور في محيطها هذه الأيام، ومدى الجهد الذي تبذله المعلمة فيها، خصوصاً بعد أن أصبحت أسئلة شهادة الثانوية بيدها، ومدى المعاناة التي تتكبدها مادياً ونفسياً في سبيل تحضيرها والحفاظ على سريتها. المفروض أن كل مدرسة من المدارس لا بد أن تتوفر فيها ماكينة طباعة من الماركات العملية والممتازة لكي تطبع عليها المعلمة أسئلتها الدورية والنهائية في المدرسة، علماً بأن الوزارة وفرت هذه الطابعات في جميع المدارس، إلا أن هذه الطابعات من النوع الرديء الرخيص الذي لا يتحمل طباعة 300 ورقة، فكيف بمدرسة مثلاً عدد طالباتها 1000 طالبة أو 800 طالبة، فلا بد من طباعة 1000 ورقة وفي جميع المواد، سواء امتحانات النقل أو الشهادة، على افتراض الورقة الواحدة، ولكن هنالك مواد تحتاج أكثر من ورقة، ونظراً إلى رداءة هذه الطابعات وتوقفها وأعطالها المستمرة، فإن المعلمات ولحرصهن على سرية الأسئلة يتكبدن كل عام دفع مبالغ مالية من جيوبهن الخاصة لتوفير طابعة مستأجرة لمدة يوم واحد وبعدد ساعات الدوام المدرسي، بمبلغ لا يقل عن8000 أو 9000 ريال مع شراء النيجاتيف بمبلغ آخر، إن الطابعات العملية والممتازة تتراوح قيمتها بين 50 و60 ألف ريال، والوزارة قادرة على توفيرها، بدلاً من تلك الطابعات التي وزعتها على المدارس بقيمة مقدارها 16 ألف ريال، وهذه من النوع الرديء جداً وتفقد صلاحيتها خلال شهر واحد على الأقل من استعمالها حتى وإن توفر عدد منها. أما حقوق المعلمة فهي ضائعة بين مطرقة التلميذات وسندان قوانين الوزارة، التي أعطت الطالبة كل الحقوق، وهضمت حقوق المعلمة، وأفقدتها مكانتها أمام طالباتها، حتى غدت المعلمة مسلوبة الهيبة، مما يتطلب سن قوانين تربوية جديدة تضع حداً لتطاول الطالبات، وتردي مستوى تعاملهن السلوكي، الذي انعكس على مستوى تحصيلهن، بتمردهن على جوهر التعليم الذي هو الغاية من وجودهن في المدارس، لا مكان لاستراحة الطالبة كي تقول «أنا جئت هنا لأتسلى مع صديقاتي ولم أجيء لأحل الواجب أو أستذكر للاختبار»، حتى أصبحت المدارس مكاناً آمناً لتجمع «الوناسة»، بدلاً من الدراسة، واللوم طبعاً على المعلمة من المجتمع الذي لا يعرف أن المعلمات يركضن ركضاً خلف الطالبة التي تتغيب عمداً في كل اختبار دوري، وتقول: للمعلمة بالحرف الواحد «مالك شغل أنا أريد أن أرسب»، طبعاً مع بقية العبارات غير اللائقة من عدم الاحترام للمعلمة، والتهاون بكرامتها، والاعتداء عليها لمجرد أن المعلمة طالبتها بفروضها المدرسية، من حل واجب ، أو مشاركة في الفصل، أو امتحان شهري، مما يتطلب وضع قوانين تردع الطالبات المستهترات بحرمة العلم والمعلمات... وللحديث بقية. [email protected]