صحيح أن جميع الأضواء مسلطة على كريم بنزيمة بعد أن تعملق في المباراتين الأوليين للمنتخب الفرنسي في مونديال البرازيل 2014، بتسجيله ثلاثة أهداف ووقوفه خلف هدفين آخرين من أصل 8 أهداف ل«الديوك»، لكن هناك لاعباً يعتبر «الجندي المجهول» في هذه الحملة الرائعة حتى الآن لرجال ديدييه ديشان، واسمه رافايل فاران. نجح فاران الذي يلعب إلى جانب بنزيمة، أو بالأحرى بعيداً عنه، لدى ريال مدريد الإسباني، في فرض نفسه الصخرة التي تتكسر عندها جميع هجمات الفرق المنافسة، وأصبح من العناصر المخضرمة في منتخب «الديوك»، على رغم أنه لم يتجاوز ال21 من عمره. وإذا كانت ظاهرة الاعتماد على لاعبين يافعين في خطي الوسط والهجوم مألوفة جداً في الكرة المعاصرة وحتى في الحقب الكروية السابقة، فإن الاعتماد على لاعب لم يتجاوز ال21 من عمره في مركز قلب الدفاع يعتبر مخاطرة جريئة خارجة عن المألوف، وذلك لأن الدفاع يجب أن يتمتع بالخبرة، كونه خط الأمان الأخير قبل الوصول إلى «المنطقة المحرمة». لكن فاران هو من الذين خالفوا القاعدة، وفرض نفسه بشخصيته الرصينة والهادئة ركيزة أساسية في فريقه ريال مدريد والمنتخب الفرنسي على حد سواء. «إنه فاران هو كذلك، هناك بعض اللاعبين الذين يبلغون ال30 من عمرهم ولا يتمتعون بالنضوج الكافي»، هذا ما قاله ديشان عن قلب دفاع لنس السابق، مضيفاً: «لكن هو يتمتع بها، إنه هادئ رصين، وهذا الأمر ظاهر على وجهه، يكون مرتاحاً أيضاً عندما تكون الكرة بحوزته (لا يرتبك)... ما يجعله استثنائياً للاعب بمثل عمره». يعتبر فاران من الأشخاص الذين لا يحبون «الثرثرة»، فهو يفضل تركيز جهوده على المباريات، عوضاً عن المؤتمرات الصحافية، لكن ذلك لا يمنعه من التواصل مع جمهوره على صفحات التواصل الاجتماعي، ما يظهر أنه يتمتع بخصال قيادية، ومن غير المستبعد أن نراه في الأعوام القليلة المقبلة وهو يرتدي شارة القائد في ريال مدريد، الذي حقق صفقة ناجحة عندما ضمه في صيف 2011 أيام المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، وبعقد يمتد ستة أعوام في مقابل 10 ملايين يورو. وسيكون الإنجاز الأكبر إذا تمكن فاران من إضافة لقب كأس العالم إلى دوري أبطال أوروبا في موسم واحد، وهو تطرق إلى هذا الموضوع، قائلاً: «بإمكاننا أن نحلم دائماً، لكني لا أرى الأمور بهذا المنظار، سنرى أين ستصل بنا الأمور؟ نحن لم نحدد هدفاً معيناً». كان فاران وكعدد آخر من لاعبي «الديوك» طفلاً عندما توجت فرنسا بلقبها المونيدالي الأول والأخير عام 1998، على أرضها حين تغلبت على المضيفة الحالية البرازيل (3-صفر) في النهائي، ولم يكن فريق ديشان سيحضر في «أرض» كرة القدم اليوم لولا جهود لاعبين شبان مثل قلب دفاع ريال مدريد، الذي أسهم في تعويض هزيمتها ذهاباً أمام أوكرانيا (صفر-2) في الملحق الأوروبي وقيادتها للفوز إياباً (3-صفر).