لم تشهد المكسيك انتخابات رئاسية على هذه الشاكلة من قبل. ففي 2 تموز يوليو مساء، أطل المرشحان الرئاسيان، فيليبي كالديرون وأندريس مانويل لوبيز أوبرادور، على مناصريهما منتصرين، ومزمعين انتظار احصاء الأصوات النهائي. وبعد ثلاثة أيام قاسية، وقبيل فجر 6 تموز، أعلن انتصار كالديرون، مرشح حزب العمل الوطني المحافظ. ونشرت مؤسسة الاقتراع الفيديرالي، بعد فرز 99 في المئة من الأصوات، النتيجة، وهي انتصار كالديرون بنسبة 35.8 في المئة، نظير 35.4 في المئة لمنافسه اليساري المعتدل. ويبلغ الفرق 150 ألف صوت. وزاد الطين بلة أن لوبيز أوبرادور تقدم منافسه طوال مراحل الفرز، وبلغ تقدمه، في إحدى المرات، 3.7 في المئة. ولكن احصاء الأصوات في مناطق نفوذ كالديرون لم يحصل إلا في المراحل الأخيرة من الفرز. ولن تنتهي فصول الدراما إلا في المحكمة الانتخابية الفيديرالية. وآخر آب أغسطس هو نهاية مدة الطعن في نتيجة التصويت. وسبق للمحكمة أن ألغت انتخابات عامة كثيرة. ولكن المراقبين لم يرصدوا في الانتخابات الرئاسية انتهاكاً يسوغ طعناً من هذا القبيل. وكان احصاء أولي أظهر تقدم كالديرون بما لا يقل عن 400 ألف صوت. ونقلت صناديق الاقتراع من 130 ألف مركز اقتراع الى 300 مركز اقليمي. ودقق في السجلات المرفقة بالصناديق. وفرزت الأصوات مرة ثانية حيث اشتبه في أخطاء. وكان مؤيدو أوبرادور شكوا اقصاء 3 ملايين صوت من الإحصاء الأولي. وفي 4 تموز أقر رئيس المؤسسة، لويس كارلوس أوغالدي، بصحة الزعم. والأصوات لم تفرز لأسباب تقنية مثل رداءة الكتابة على السجلات. وترك الإحصاء هذا لم يخالف اتفاقاً غير معلن بين الأطراف جميعاً. وقياساً على انتخابات 1988، تغير المكسيك. فكانت الانتخابات، يومها، وفرز الأصوات شأن وزارة الداخلية. وكانت الدولة تسيطر على الإعلام. واليوم، المكسيك دولة ديموقراطية. واستقلت مؤسسة مراقبة الانتخابات منذ 1966، وفي عام 2000، أشرفت على انتخابات فوز فوكس، سيطرة الحزب الثوري على الحكم. ومن المؤسف أن مجلس المؤسسة لا يضم مندوبين من حزب أوبرادور، حزب الثورة الديموقراطية. ولكن السبب هو مناورات حزبية في الكونغرس، كان الحزب مسؤولاً عنها جزئياً. وفي الأثناء تترجح العملة والأسهم المكسيكية في الأسواق المالية. فارتفعت أسعارها بعد التصويت الأولي، وانهارت عندما ظهر تبدل النتيجة. ولكن كبار رجال الأعمال لم يبدلوا موقفهم. فصرح غاستون أسيراغا من المجموعة الفندقية"غروبو بوساداس" قائلاً ان المؤسسات الانتخابية"صلبة"، وقادرة على مجابهة التحديات الحالية. وحمل التقارب في النتائج على تجاذب الآراء والمواقف. فاستمالت دعوة كالديرون الى الاستقرار ناخبي الشمال المزدهر. وحشدت ادانة أوبرادور امتيازات التأييد له في معظم مناطق الوسط والجنوب الفقيرة. وكانت انتخابات الكونغرس على قدر الانتخابات الرئاسية أهمية. فكسب كالديرون نتائج أفضل من نتائج منافسه، وحل حزبه في المكانة الأولى في مجلسي الكونغرس. ويوفر اضطراب الحزب الثوري وانقساماته لكاديرون اذا تأكد فوزه فرصة كبيرة. ويعد كالديرون بحل يتفادى الأزمة القضائية التي لاحقت ادارة فوكس طوال سني ولايته الست. فهو دعا الى تشكيل حكومة تحالف يتولى بعض مقاعدها أعضاء أحزاب أخرى يودون دعمه. وعلى المكسيك الخروج من الأسابيع المتقلبة الآتية من غير خسارة. فإذا طويت الأسابيع هذه بسلام، جاز القول ان ديموقراطية المكسيك المتعثرة نضجت أخيراً. عن "ايكونوميست" البريطانية ، 8\7\2006