هل زوجة الرئيس رئيسة؟ هذا السؤال المحيّر يطرحه اليوم الشعب المكسيكي وهو يتابع مسلسل الاتهامات الموجهة الى رئيس البلاد، من قبل المعارضة وبعض رجال الدولة، والتي تسببت بها زوجته، خصوصاً بعد اتهامه علناً بالتآمر، فيما تؤكد السيدة الأولى عدم عزمها على الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة. والواقع ان رئيس بلدية العاصمة مكسيكو سيتي اندريس لوبيز أوبرادور، الذي تشير استطلاعات الرأي الى ارتفاع حظوظه في الفوز كونه المرشح المفضل لدى المكسيكيين، يصر على انه ضحية تآمر تهدف الى عرقلة ترشيحه الى انتخابات عام 2006. وهو يتهم الرئيس الحالي وزوجته بالوقوف خلف هذه العملية. وبين اتهام المعارضة ومهاجمة رئيس بلدية العاصمة واستقالة السكرتير الخاص بالرئاسة، وجد الرئيس المكسيكي نفسه في موقف حرج أرغم الى حد ما، زوجته على رد الاتهامات عبر بيان أعلنت فيه انها لن تخوض الانتخابات المقبلة، وانها لا تطمح الى خلافة زوجها في الرئاسة. وجاء اعلانها هذا أشبه بطلب السماح لحزب العمل الوطني الحاكم والمتهم من قبل المعارضة بأنه يهيئ السيدة الأولى لسدة الحكم. كما كان في الوقت ذاته شهادة تبرئة للرئيس - الزوج الذي تتهمه المعارضة بأنه ينفذ السياسة التي تضعها له زوجته، الأمر الذي يمهد الى ايصالها الى سدة الحكم وبتمويل من الحكومة. والواقع، ان سيدة المكسيك الأولى، على رغم خطاب الاستقالة من خوض الانتخابات الرئاسية بعد عامين، ظلت تحلم دوماً بكرسي الرئاسة. وأعلنت في اكثر من مناسبة، عن حاجة البلاد الى امرأة تمارس الديموقراطية وتساعد الفقراء وتتعاطف مع النساء وتنصفهم. وبالفعل، أنشأت مارتا فوكس مؤسسة خيرية ضخمة تقدم المساعدة للفقراء، واثار خطابها السياسي المعارضة وقدم لها ذريعة لمحاربة الديموقراطية التي ينادي بها الرئيس، واتهامه بأنه يعمل لجعل الرئاسة المكسيكية وراثة عائلية. اما الضربة القاسية التي قضت، ولو موقتاً، على احلام السيدة الأولى ودفعتها الى اعلان تعففها عن منصب الرئاسة، فقد أتت على يد السكرتير الخاص للرئيس والناطق باسمه الفونسو دورازو الذي أعلن استقالته في رسالة علنية تناقلتها وسائل الإعلام، وجاء فيها، ان الطموح السياسي للسيدة الأولى، اصبح سبباً في عدم استقرار الرئاسة، كما حذر من ان الديموقراطية في البلاد ستصبح في خطر في حال تخلى أو ترك الرئيس فوكس منصب الرئاسة الى عقيلته. وبدا واضحاً، ومنذ زواجها من رئيس البلاد، ان مارتا فوكس لن تكتفي بكونها السيدة الأولى وان طموحها السياسي يهدف الى أبعد من هذه المكانة بكثير. فمن هي هذه السيدة التي تحلم وتنفذ حلمها بدقة وذكاء؟ امرأة هشة تخيف المعارضة لم تعرف ذاكرة المكسيك سيدة أولى للبلاد شغلت الرأي العام وتناقلت اخبارها وسائل الاعلام بهذه الكثرة، قبل مارتا فوكس. فهي تعتبر شخصية سياسية واجتماعية وشعبية مهمة على غرار زوجها الرئيس فيسانتي فوكس. وبعد شهر واحد من الزواج، اخذت بصماتها تظهر بوضوح وعلناً في سياسة البلاد، وراحت تسرق بعض البريق الخاص بالزوج الرئيس بعدما اجتذبت اليها وسائل الاعلام، خصوصاً المجلات النسائية والشعبية التي تسابقت على نشر صورها واخبارها في الصفحات الأولى، وهذا يعتبر فوزاً شعبياً واعلامياً كبيراً بنظر الشعب المكسيكي. وغيّرت السياسة حياة مارتا التي كانت امرأة عادية تمتهن تعليم اللغة الانكليزية وتترأس شركة صغيرة وتقوم بتربية أولادها الثلاثة. واذا كان البعض ينتقدها اليوم للدور السلطوي والمهيمن التي تلعبه في ادارة البلاد بصفتها زوجة لرئيس الجمهورية، فإن مارتا لم تخف أبداً نيتها في تغيير الصورة التقليدية والهشة للسيدة الأولى، ذلك لأنها انسانة لا تعرف الهدوء وتضج بالنشاط والديناميكية، وهي تؤكد ان سياسة زوجها تحتاج الى جهدها ونشاطها وعليها مساعدته في الدفاع عنها. لذا كسرت عبر نشاطها السياسي، تقليدية الدور الخاص بزوجة الرئيس الذي يُختصر عادة على ظهورها برفقة الرئيس في الزيارات التقليدية والاحتفالات العامة، ثم الاهتمام بالأعمال الخيرية من خلال نظام وروتين محددين سلفاً. ولدت مارتا ساهاغون في العاشر من نيسان ابريل 1953 في مدينة زامورا في منطقة ميتسواغان. اقترنت من الطبيب البيطري مانويل بريبيا وهي في السابعة عشرة من العمر وأنجبت ثلاثة أولاد، ثم اخذت تدرس اللغة الانكليزية وترأس في الوقت نفسه شركة تجارية صغيرة وتهتم بأولادها، وذلك قبل دخولها المعترك السياسي عام 1988 بعد انتسابها الى حزب العمل الوطني. وشغلت مناصب حكومية عدة في ولاية غوانا خواتو، كما ترشحت الى رئاسة بلدية مدينة سيلايا عام 1994. وفي سنة 1995 طلب منها حاكم ولاية غوانا خواتو آنذاك والرئيس الحالي للبلاد فيسانتي فوكس الاهتمام بعملية التنسيق في مديرية الاتصالات الخاصة بالعمل الاجتماعي، وهو مركز مهم حافظت عليه حتى عام 1999. وفي هذه الفترة من حياتها السياسية انفصلت عن زوجها الطبيب البيطري وتطلقا في وقت لاحق. وأوكلت اليها مهمة تنسيق الحملة الانتخابية الرئاسية الخاصة بمرشح حزب العمل الوطني فوكس، وبمجرد انتخابه رئيساً عين مارتا ساهاغون في منصب الناطق باسم الرئاسة. وفي الثاني من تموز يوليو 2001 وهو يوم تاريخي في حياة الرئيس، يوم عيد ميلاده ويوم انتصاره السياسي في آن جرى احتفال كبير لعقد قران مارتا وفيسانتي. وعلى رغم تخليها بعد الزواج عن منصب الناطق باسم الرئاسة، فإن مارتا تستمر حتى اليوم بممارسة هذا العمل غير الرسمي والدفاع عن برنامج زوجها السياسي. ومنذ قرانهما، وبمساعدة اختصاصيين، اخذت مارتا تغير شيئاً فشيئاً من تصرفاتها وتقدم للاعلام وللشعب المكسيكي صورة مغايرة للسيدة الأولى. وبعكس زوجات الرؤساء السابقين، أعلنت انها لن تتخلى عن العمل السياسي، مما أثار حفيظة الكثيرين وطالبها سياسيون ومسؤولو احزاب عدم نسيان أمر مهم، هو ان الشعب المكسيكي انتخب فيسانتي فوكس رئيساً وليس مارتا ساهاغون. أما النقد اللاذع الذي تعرضت له مارتا فكان من قبل احد المحللين السياسيين المعروفين في البلاد الذي اكد ان الفرق بين مارتا ساهاغون ومن سبقها من عقيلات رؤساء البلاد، هو انها "تزوجت كي تمارس العمل السياسي" وبالنسبة لها، لم تأت السياسة بعد الزواج بل قبله. من جهتها اعلنت مارتا فوكس انها متأثرة جداً بتربيتها الدينية، وهي تشارك الزوجات المكسيكيات في القيم التقليدية للحياة الزوجية، لكنها في الوقت نفسه تؤكد، ان برنامج فيسانتي السياسي والاجتماعي هو العامل الذي جمع بينهما، على رغم مظهرها الخارجي كامرأة قصيرة القامة، نحيفة فإن مارتا فوكس السياسية هي امرأة قوية، عنيدة، وتُخيف المعارضة، وهي التي تقدمت بمشروع اصلاحي هدفه منع عائلة الرئيس المباشرة من الترشيح للرئاسة، وذلك في آذار مارس من العام الماضي. وكانت مارتا ساهاغون فوكس تحلم بأن تكون ايفا بيرون المكسيكية، لكنها اضطرت الى تقديم استقالتها مسبقاً. لكن البعض يؤكد ان الاستقالة ليست سوى لعبة سياسية تسمح لها بوضع خطة ذكية لابعاد الاتهامات عن الزوج الرئيس ، والعمل على تهدئة المعارضة والحزب الحاكم، وبالتالي رسم خريطة عمل جديدة والتحضير بهدوء ودقة لخوض انتخابات الرئاسة في 2006 مكسيكيات الحدود ضحايا الفقر والقتل في اقل من 11 سنة عرفت ولاية شيواوا المكسيكية اكثر من 400 حادثة قتل لنساء شابات. واتهمت الهيئات الانسانية العالمية ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان، السلطات المحلية الرسمية والحكومية المكسيكية بعدم القيام بتحقيقات جدية للحد من عمليات الخطف والموت والاغتصاب التي تتعرض لها نساء من الطبقة العاملة الفقيرة، والتي لا يمثل موتها اي عامل سياسي بالنسبة الى السلطات المحلية. ظهرت اولى حالات الخطف والقتل للنساء في مدينة سيوداد الحدودية منذ 11 سنة. هذه المدينة التي تقع على الحدود الاميركية تحولت شيئاً فشيئاً الى مدينة تكتظ بالسكان القادمين من كافة انحاء الولاياتالمكسيكية من اجل العمل، بعد ان انشأت الشركات الكبرى مصانعها في ضواحيها الجبلية وراحت تستخدم اليد العاملة المحلية الرخيصة، واكثرها من النساء التي تقبل بأي عمل واي اجر واية شروط، وهذا ما يجعلها عرضة للعنف وتجارة الجنس. وبسبب موقعها الجغرافي، تحولت مدينة سيوداد الى سوق مزدهرة لتجارة المخدرات وللجريمة المنظمة، وبالتالي مسرحاً لشتى اعمال العنف واصبحت من المدن الخطرة اما حقول القطن المهملة فأصبحت مكباً لجثث الفتيات ضحايا القتل. في الوقت الذي اعلنت فيه السلطات المكسيكية ان عدد المفقودات لا يزيد على 70 امرأة في المدينة اكدت مصادر محلية اخرى ان هناك حوالى 400 امرأة مفقودة وان اهالي الضحايا يخشون عدم العثور على فتياتهم على قيد الحياة. ومنذ عام 1993 عثر على 370 جثة تعرضت غالبيتها الى عمليات عنف واغتصاب قبل القتل خنقاً او نتيجة للضرب. واكثر الضحايا هنا من العاملات في المصانع والمطاعم الشعبية وفي قطاع الخدمات العامة وبعض الطالبات.