من مكتبه في ضاحية مصر الجديدة يواصل الفنان محيي الدين اللبّاد عمله الدؤوب في التصميم الغرافيكي والرسم، لم يتخل عن عادته "السيئة" في الابداع وقد توافر له بعدما ترك العمل الصحافي اليومي مزيد من الوقت لتقليب الصور والاشكال والحروف حتى تسترخي بين اصابعه طيعة مستسلمة.في التصميم تبدو خبرته وحساسيته الفائقة ألى جانب اطلاع واسع على آخر التطورات التقنية التي يستخدمها بذكاء وحذر، وقد بقي امينا لتجربة طويلة وغنية مع الأساليب التقليدية العريقة التي وفرت له معرفة وإلفة وحصانة من الأنسياق الفج وراء التقنيات الرقمية دون حساب لمعايير الجمال. وفي الرسم ، كما في الكتابة ينحاز الفنان محي الدين اللباد الى البساطة في التعبير والتنفيذ، غير انه يحقق بأدواته ووسائله هذه نتائج ذهنية وبصرية رائعة. قبل ان يُعرف من خلال كتبه المتميزة المصممة بعناية فائقة وبذوق مرهف، عرفناه رساماً للكاريكاتور ولكتب الاطفال والفتيان، تميزت رسومه بالجمع المدهش بين التبسيط والتلقائية في الرسم والعناية الفائقة في التصميم، خطوطه اللينة المرسلة والوانه الصريحة الدافئة تقترب كثيراً من الفنون الشعبية الفطرية بينما تكشف عنايته الشديدة بالتصميم عن حنكة واستيعاب لاحدث التقنيات والاساليب في هذا المجال. للنشر في مصر تاريخ وتقاليد، للكتابة أسماء وتقاليد وللتصميم أسماء وملامح، ملامح رسمت بتأنٍ وصبر تشهد عليهما قاعات قصر الفنون الذي يستضيف حاليا معرضاً شاملا للرسم الصحفي... ويحتار الزائر لهذا الصرح الفني الجميل بين مواصفاته المعمارية المميزة ومحتويات المعرض الثمينة التي تؤرخ لفن الرسم الصحفي المصري الذي يعد سجلاً جميلا للنشر في العالم العربي. يستحضر المعرض اسماء كبيرة كونت وعينا البصري وعلمتنا كيف ننظر قبل ان نقرأ، ومن المفارقات الغريبة أن يغيب محي الدين اللباد عن هذا المعرض الكبير الذي يوثق لتقاليد هو ابنها البار بأمتياز.. سألته بأختصار عن السبب فأجاب باقتضاب: "وصلت الدعوة متأخرة". "كشكول الرسام"، "نظر 1"، "نظر 2"، "نظر 3"، كتب ومجلات ومطبوعات لا تخطئها العين وان غفلت عن توقيعه، تحمل لمسته المميزة وقبلها عينه التي ترى ما غاب عن البصر. في "كشكول الرسام" يقول: "يبدو اننا لا نرى الكثير مما حولنا في الدنيا لأننا لا نتأملها. فعلى سبيل المثال: هل تأمل احدنا تلك المناظر الجميلة المرسومة على باطن كفّنا؟". في مجتمعات لا تعتني بالنظر وان تولعت بالتلصص اكتشف اللباد مبكراً ان عينه تسمع وتشم وترى فعلّمها الحفظ والكتابة وعندما قرأت كشكوله كانت الصورة الجميلة مضمخة بالعطر، ترقص وتغني ببراءة ورقة. يقول اللباد: "هذه الصورة اشم فيها رائحة ماء الورد. واشم في هذه رائحة ثمار اللوز الاخضر مخلوطة برائحة خشب قديم مبلّل بالماء". لم يكتف اللباد بما قدمه من تصميم ورسم، فرصد بأمانة التجارب اللافتة في مجاله هذا عالمياً وعربياً، حلّل وكتب ووثّق من اجل ثقافة بصرية في محيط أمّي، بصرياً، تعوّد على غضّ النظر. في رسمه، كما كتاباته يضع اللباد صور الافكار والاشكال العابرة في نسق مرتب بعناية ليحولها الى حكم وامثال، صور حيّة متحركة ولكن راسخة حتى في الذاكرة الكسولة الغافلة وهو عندما يعيد تركيب الافكار والصور، يجمعها بخيال جامح حتى تخال الصورة فكرة والفكرة صور اللباد رسام وكاتب ومصمّم غرافيكي ولد في القاهرة وفيها درس الفنون الجميلة. كتب ورسم وصمّم العديد من الكتب للكبار والصغار. رسم الكاريكاتور على صفحات "روز اليوسف" و"صباح الخير" و"الجمهورية" وفي الطبعة العربية الشهرية "لوموند ديبلوماتيك". تُرجم عدد من كتبه الى الانكليزية والفرنسية والايطالية والاسبانية والالمانية والسويدية والهولندية والفارسية واليابانية. اختير عضو لجان تحكيم في عدد من المعارض الدولية المتخصصة وحصل على عدد من الجوائز المصرية والعربية والدولية. شارك في معارض عربية ودولية، وأُقيم لأعماله معرضان فرديان في المكتبة الوطنية في روتردام هولندا والثاني ضمن فعاليات صالون مونتراي السنوي لكتب الاطفال فرنسا.