يزعزعون أركان الرواية الصهيونية وينفون العديد من رواياتها ويقوضون حججها الكثيرة في ما يتعلق باليهود وانتمائهم الى "أرض الميعاد" و"أرض اسرائيل"، فيتعرضون، لتحريض دموي من اليمين وحتى من بعض زملائهم علماء الآثار. البعض يتهمهم بالخيانة، كما حصل للمؤرخين اليهود الجدد. ويلصقون بهم تهمة "ناكري التوراة" على نمط "ناكري المحرقة" اليهودية أثناء حكم النازية. فمن هم هؤلاء؟ وما الذي كشفوه؟ وما مصير ابحاثهم؟ في أواخر الشهر الماضي، أعلن البروفسور الاسرائيلي جدعون بروستر، أحد كبار علماء الآثار في اسرائيل المتخصص في الآثار الرومانية في الجامعة العبرية في القدس، انه عثر على مستندات وآثار تؤكد ان "طنطورة فرعون" القائمة في الشمال الشرقي لمدينة القدس هي أثر مقدس للمسيحيين وليس لليهود، كما يعتقدون في اسرائيل. في الظاهر كان ذلك خبراً علمياً عادياً. وفي ظروف عادية كان المفروض ان يلقى اعلانه اهتماماً علمياً واسعاً بل وترحيب العلماء. اذ ان لكل كشف علمي أهميته لفهم تاريخ المنطقة. ولكل جديد في العلم يستحق الاهتمام والتمحيص. لكن الأمور في اسرائيل مختلفة. ومثل هذا الكشف يمس عصباً أساسياً من أعصاب الحركة الصهيونية، التي تبذل منذ نشأتها جهوداً خارقة للبرهنة على ان كل شيء في هذه البلاد له أصل يهودي، يردونه الى التوراة، ويحيطونه بالروايات المأخوذة منها، بهدف اثبات الحق اليهودي في فلسطين. و"طنطورة فرعون"، التي أسماها العرب بهذا الاسم كون قبتها شبيهة بالقبعة التي كان يعتمرها الفراعنة، معروفة في اسرائيل باسم "يد ابيشالوم". وهي مقدسة لدى اليهود منذ القرن الثاني عشر، حيث يعتقد بأن نجل النبي داوود ابيشالوم، كان أقامها نصباً لنفسه. وابيشالوم هذا كان متمرداً على والده. وقد اتخذ اليهود، وفيما بعد المسلمون، من هذا المكان رمزاً مقدساً للعن الأبناء المتمردين على أبائهم. فكانوا يأتون اليه من كل الأرجاء ليرجموه، وأكدت هذه الرواية أبحاث علمية عدة في اسرائيل. وفقط قبل سنتين حصل الباحث اليهودي نحمان ابيجاد، على لقب الدكتوراة بفضل الأطروحة التي أعدها عن المكان واثبت انها واحدة من أهم 20 موقعا أثرياً مقدساً لدى اليهود. لكن البروفسور فرستر أثبت ان هذا الموقع مقدس للمسيحيين منذ القرن الرابع الميلادي. وهو حقق اكتشافه هذا بالصدفة، عندما تفرس في صورة كان التقطها في المكان راهب مسيحي، بيَّن منها ان هناك كتابة يونانية. ودخل الى المكان، فوجد ان يد انسان او عوامل الزمن أدت الى محو هذه الكتابة. لكن، ولأنها كانت محفورة في الحجر، كان بالامكان قراءتها بسهولة في ساعات ما قبل الغروب في الصيف، عندما تدخل أشعة الشمس المائلة. وتبين ان الكتابة تقول: "هذا هو ضريح القديس زخريا، الكاهن المؤمن، والد يوحنان"، وزخريا الكاهن، هو حسب الانجيل، والد يوحنا المعمداني. ومن التحليل الاركيولوجي تبين انها نقشت في القرن الرابع بعد الميلاد، أي بعد 300 سنة من إقامة الضريح. ومضمون الكتابة يدل على ان المكان كان مقدساً للمسيحيين في تلك الفترة. ووضع فرستر بذلك تحدياً أمام المؤرخين لتفسير سبب سيطرة اليهود على المكان في القرن الثاني عشر، وتحدياً آخر أمام المؤسسة القضائية في اسرائيل، التي سيكون عليها ان تعترف بالبحث وتصادق عليه وتسقط "طنطورة فرعون" من الأماكن المقدسة لدى اليهود. وإذا تم كل هذا فمن المتوقع حدوث ضجة كبرى في اسرائيل وهجوماً كاسحاً على فرستر. والحقيقة ان هذا العالم ليس أول من يطعن في الوقائع الايديولوجية التي يعكسها علم الآثار في اسرائيل. فهناك مدرسة جديدة من علماء الآثار اليهود، الذين ظهروا في العقود الثلاثة الأخيرة، وتقض أبحاثهم مضاجع اليمين الايديولوجي في الحركة الصهيونية. هؤلاء ليسوا يساريين. ولا يعتبرون من أنصار السلام. بل ان بعضهم متدين يهودي، حسب الأصول. ميزتهم انهم متعصبون للعمل. وغير مستعدين لتزوير التاريخ من أجل اثبات صحة الطروحات الصهيونية. وقد وصلوا الى الموقع الذي وصلوا اليه، ليس بدوافع ايديولوجية، ولا بحكم الصداقة او الانتماء الواحد او حتى المعرفة المسبقة بزملائهم الآخرين. فكل ما هناك ان أبحاثهم تعرضت لهجوم الشرس. فراحوا يناصرون بعضهم بعضاً علمياً ومعنويا. وأصبحوا مجموعة متعاونة. لكن باستثناء العاملين منهم في موقع واحد، مثل علماء الآثار في كلية التاريخ في جامعة تل أبيب، فانهم لا يعملون معاً. ولا يجمعهم سوى البحث عن الحقيقة العلمية. ومع كثرة الكشوفات الجديدة أصبحت أبحاثهم تشكل قضية كبرى. اذ انها لم تصطدم فقط بالسياسة الصهيونية لتهويد كل أثر في اسرائيل، بل دخلت في صدام مع التوراة وتفسيراته ومع ما يسمى ب"التلمود" مجموعة الشروحات والتفسيرات الدينية التي تحولت الى نصوص مقدسة لدى اليهود المتدينين، ومنها انبثقت أحكام وشرائع تحولت الى قوانين حياة لديهم. وقد جعل ذلك الأمر سهلاً أكثر على المتدينين لمهاجمتهم. لكنه في الوقت نفسه حظي باهتمام عالمي لدى علماء التاريخ والآثار والباحثين في الأديان. فاضطرت الدوائر الحكومية الى الوقوف على الحياد، وتركت الصراع يدور في أروقة المعاهد الأكاديمية، ومن على صفحات الصحف. وتحوّل هذان المنبران الى ساحة معارك. وفي الآونة الأخيرة وصل الموضوع الى ساحة القضاء. واعتقل أحد تجار الآثارات بتهمة التزييف. وحاولوا الربط بينه وبين عدد من علماء الآثار المعروفين بكشوفاتهم الجديدة المزعجة للصهيونية. وأقحموا في الموضوع بعض الفنانين العرب من ناقشي الحجر، من مصر والأردن وفلسطين، فقالوا ان هذا التاجر والعلماء الذين يتعاونون معه، يتعاطون مع هؤلاء الفنانين العرب من أجل اكمال علمية التزييف والمساس بصلب اليهودية واليهود: بالتوارة انظر الاطار. الحكاية من أولها انطلقت هذه القضية عملياً من الولاياتالمتحدة، سنة 1974، عندما أعلن العالم جورج مندهول، ان الفصل القديم كله في التوراة ليس سوى اسطورة وهمية، بعيدة عن الواقع التاريخي الذي ترسمه الحفريات الأثرية في المكان. وقال: "هناك تناقضات عدة بين ما ورد في التوراة وبين ما تقوله الحفريات. وأوضح ان الحفريات، على رغم احتمالات الخطأ فيها، تظل أهم اثبات علمي للأمور". ووجد مندهول من يناصره في موقفه في اسرائيل وبين اليهود، أحد أبرزهم البروفسور يسرائيل فينكلشتاين، رئيس المعهد الاركيولوجي في جامعة تل أبيب. فكتب في كتاب أصدره سوية مع العالم نيل سيلبومن يقول: "مادة الفصل الاول من التوراة كتبت في نهاية القرن السابع قبل الميلاد. والسؤال هو ان لم يكن كاتبوها بشراً مثلنا ينسون او يتناسون، كما نلاحظ الآن، من بعض الوقائع المنطقية، فيعتمدون على الذاكرة وعلى التقديرات وفي بعض الأحيان يعتمدون على الرغبات". ويضيف: "البحث الاركيولوجي أثبت في السنوات الاخيرة انه لم تكن هناك شريحة من اليهود الذين يعرفون القراءة والكتابة. ومن يقول انه يرسم التاريخ القديم اليوم بالاعتماد على الوثائق، فإنه يخدع نفسه. فلا توجد مواد مكتوبة من فترات التاريخ القديم. وما وقع من أحداث هناك في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، كتب بعد 500 سنة من وقوعها وضم الكثير من القصص الوهمية". ويضرب فنكلشتاين مثلاً على ما يقول: "هناك رواية في التوراة عن سنحريب الاشوري، تقول انه اجتاح المنطقة واحتل القدس. لكن عجيبة حصلت ومني بالهزيمة". لكن من يفحص الآثار التي تم العثور عليها في المنطقة يتوصل الى نتيجة معاكسة. اذ ان الأشوريين حققوا انتصاراً ساحقاً. وهناك ما يثبت ذلك في الحفريات الأثرية". ويضيف فنكلشتاين ببساطة وبشيء من السخرية: "ما ورد في التوراة يذكرني بما حدث لنا اليوم. فأنت تجد صحيفة من اليسار وصحيفة من اليمين تكتبان خبراً عن نفس القضية نفسها. فهذه تنشر حسب تفسيراتها ورغباتها وتلك المختلفة معها أيضاً. فالايديولوجيا هي التي تحكم كل شيء، وليس عندنا فقط". مثل فنكلشتاين هناك عالم آثار آخر هو البروفسور زئيف هرتسوغ، المختص في حفريات الآثار في منطقة بئر السبع، والذي يمضي هذه السنة في الدراسات في جامعة نيويورك. فيقول: "هناك شرخ كبير في رواية التوراة للتاريخ القديم، كشفته الحفريات والأبحاث الأثرية. والعلم الحديث كما تعلمون لا يعتمد الروايات المكتوبة بل الآثار في الأساس. وعلم الآثار بات علماً مستقلاً تماماً. وما يحدث لنا في اسرائيل هو اننا لا نريده علماً مستقلاً. نريد للآثار ان تثبت الرواية التاريخية، وهذا معاكس ليس فقط للعلم بل للحقيقة التاريخية ايضاً. واذا كنا نريد ان يكون لنا مكان محترم في الأكاديميا الدولية، فعلينا ان نلتزم بأحكام العلم، بأحكام السياسة والايديولوجيا". وكان هرتسوغ قد أصدر أبحاثاً، اثر ما اكتشفه في الآثار، نفى فيها روايات تعتبر أساسية في التوراة. فعلى سبيل المثال، ينفي تماماً الرواية التي تقول ان اليهود هاجروا الى مصر وهناك تبلوروا كشعب. ويرفض كل الروايات عن احتلال "أرض اسرائيل" وتحطيم الأسوار والقلاع، "لأمر بسيط انه لم تكن في ذلك الوقت قد بنيت الاسوار والقلاع. والعديد من البلدات التي ذكرت في التوراة كما لو انها دمرت بعد عشرات او مئات السنين من ذلك الوقت". وينفي هرتسوغ أيضاً قصة المذبح فوق جبل عيبال في نابلس. علماً بأن اليهود يعتقدون بأن المذبح الذي اكتشف فوق الجبل المذكور هو المذبح نفسه الذي أقامه ابراهيم الخليل لذبح ابنه اسحق، عندما أراد الله سبحانه وتعالى امتحان مدى ايمانه. وقال ان أحداً لا يملك اثباتاً علمياً واحداً عن هذا المذبح: "فقد اكتشفته مجموعة من المستوطنين اليهود، الذين يستخدمون السلاح الايديولوجي وليس سلاح الاركيولوجيا. أرادوا ان يسيطروا على الجبل المطل على مدينة نابلس الفلسطينية اكثر مما أرادوا احياء ذكرى ابراهيم واسحق. وقاموا بجمع الحجارة على شكل كبش ماعز، رمزاً للكبش الذي جلبه الملائكة وأنقذوا بواسطته اسحق. وأعادوا بناء المذبح ليصبح ملائماً للتوراة. وكل ذلك فعلوه من دون أية شهادة او تصريح من أي عالم آثار". ويسأل كثيرون من الاسرائيليين هنا اذا كان موقف علماء الآثار هذا ينطوي على الكفر وعلى الطعن بشرعية الوجود الاسرائيلي في هذا المكان. ويرد على التساؤلات، البروفسور نداف نئمان، فيقول: "على العكس. نحن المؤمنون الحقيقيون. لأننا نبحث فقط عن الصدق ولا نشارك في عملية تشويه التاريخ". ويضيف نئمان: "هناك من يحسب انه عندما يقبل التوراة كما هي يصبح أكثر ايماناً. ولكن كل واحد يعرف ان التوراة كتبت بعد 500 سنة من آخر اصحاحاتها. فما الذي يضمن ان تحفظ كمية هائلة كهذه من القصص والكلمات كما هي طول هذه المدة؟ أية ذاكرة انسانية تستطيع ان تخزن هذا الكم من المواد؟ ان المادة المكتوبة نفسها، حتى الآن، نجد من يفسرها بشكل مختلف عن الاخر وهناك من يقتبسها بشكل مشوه او خاطئ. فكم بالحري بالنسبة الى المادة غير المكتوبة؟ لهذا، من منطلق بحثنا عن الصدق والحقيقة، نحاول ان نعيد قراءة التاريخ كما هو بلا تشويه. وبهذا نؤدي اكبر خدمة للديانة اليهودية. وليس صحيحاً اننا بذلك نقوض شرعية الوجود الاسرائيلي هنا. بل على العكس، نحن نجعله مبنياً على الأسس السلمية. فلا يوجد شك لدى أحد بالنسبة الى الوجود اليهودي. فالانجيل والقرآن يتحدثان عن هذا الوجود بلا تردد. القضية هي: أين المكان الصحيح؟ ما هي القدسية؟ وهل كنا وحدنا هنا أم يوجد آخرون تعتبر بلادنا مقدسة لهم أيضاً وتربطهم بها مشاعر وتاريخ وانتماء؟". ويوضح نئمان ومعنى اسمه "الامين" و"المؤمن" انه وزملاءه علماء الآثار الجدد يسيرون مع التوراة حسب وتيرتها: "لا نحمّلها أكثر من طاقتها. فهي تتحدث عن تاريخ البشرية ببضع صفحات. فكلما كانت المواد فيها تتحدث عن تاريخ حديث وقريب من موعد الكتابة، نجدها أقرب الى الدقة والصحة. وكلما ابتعدت في التاريخ عميقاً نجدها أكثر ضبابية. وكلما أجرينا مقارنة ما بين المكتوب وبين الآثار، التي تمثل شهادة على التاريخ، نجد تناقضات في القصص القديمة وتلاؤماً في القصص الجديدة. ومن الطبيعي ان يلقى هذا التوجه غضباً شديداً واستنكاراً من اليمين الاسرائيلي، يصل الى درجة فرض نوع من الارهاب الفكري والعلمي على علماء الآثار المذكورين. ويستند اليمين الى وجود مجموعة مضادة من علماء الآثار الذين يتمسكون بالقدس، أمثال يغئال يدين الذي كان ثاني رئيس أركان للجيش الاسرائيلي وأصبح فيما بعد رئيساً لحزب "داش" سنة 1977 وفاز ب15 مقعداً في الكنيست وأصبح نائباً لرئيس الحكومة، مناحيم بيغن وبنيامين مزار ووليم اولبرايت، الذين اعترفوا بأن التوراة اجتازت عمليات تصحيح وتحرير ولكن هذه العمليات لم تقلل أبداً من كونها وثيقة تاريخ ايضاً، وليس فقط كتاباً دينياً. وتقول هذه المجموعة بصراحة انها اتخذت من التوراة أساساً لأبحاثها في التاريخ وفي علم الآثار أيضاً. فقامت ببناء مساراتها حسبما ورد في روايات التوراة. ولا ينكرون انهم حاولوا في حفرياتهم اثبات صحة ما جاء في التوراة. ولهذا، يعتبرهم اليمين الاسرائيلي وطنيين. ويعتبر العلماء الجدد "خونة" و"أعداء للصهيونية" و"كفاراً" وغير ذلك. ويقارنون بينهم وبين "المؤرخين الجدد" في اسرائيل، الذين يعتبرون هم أيضاً خونة، لأنهم بدأوا يعيدون كتابة التاريخ الاسرائيلي بأسلوب جديد موضوعي وبعيد عن التزييف والأحادية. ومن ضمن انجازاتهم التاريخية تأكيدهم ان معظم الفلسطينيين طردوا من بيوتهم وقراهم سنة 1948 ولم يهربوا عبثاً وان اسرائيل ارتكبت مجزرة في كل بلدة فلسطينية احتلتها في تلك الفترة. وأكثر من ذلك، هناك من يسمى علماء الآثار الجدد ب"ناكري التوراة". وهذا الاستخدام لكلمة "ناكري" جاء ليجري مقارنة بينهم وبين "ناكري المحرقة اليهودية" في زمن النازية. أي انهم يعتبرونهم أسوأ من كل اعداء اليهود. لكن هذا التهجم اللاانساني والبعيد عن العلم لا يردع علماء الآثار. فهم ماضون في مسيرتهم، يناقشون ويواجهون ويتحدون، وفي الوقت نفسه يحفرون ويبحثون ويحققون ويطرحون أمام العالم كشوفاتهم العلمية موشيه ديان سارق آثار تعتبر لصوصية الآثار وتزويرها تجارة بالغة الازدهار في اسرائيل. وعلى رغم القوانين والمواثيق الدولية التي صدرت لمكافحتها، فان اللصوص الاسرائيليين ينجحون في ممارستها وتوسيع نطاقها بشكل ندر مثيله. وهي مقسمة الى أقسام عدة: السرقة نفسها: وتتم بالاساس في المناطق الفلسطينيةالمحتلة، حيث لم تكن هناك سلطة وطنية للآثار ما بين العام 1967 و1995. فبدت الآثار سائبة. نهبها في البداية كبار الضباط، وأحد أشهرهم موشيه دايان، الذي كان وزيراً للدفاع في تلك الحرب وعرف كأحد جامعي الآثارات في العالم. بعضهم سلمها لسلطة الآثار الاسرائيلية، وكانت السرقة تعتبر "عملاً وطنياً، وبعضهم الآخر سرقها كي يتاجر بها. السرقة الاسرائيلية: في اسرائيل أيضاً توجد سرقة آثار، على رغم وجود سلطة آثار قوية وذات جهاز مراقبة جيد. واللصوص هنا هم أشخاص مقربون من المسؤولين. التزوير: صناعة قائمة بذاتها، اذ ان هناك لصوصاً أصبحوا خبراء في علم الآثار، درسوا التاريخ وتعرفوا على المتاحف وأقاموا شبكة علاقات مع تجار الآثار في العالم، واستخدموا هذه المعرفة بعمليات تزييف كبرى، آخرها تابوت يعقوب، شقيق السيد المسيح، الذي اعتبر الاعلان عنه كشفا ذا أهمية تاريخية ثم تبين انه مزيف. واللافت ان السلطات الاسرائيلية تقول ان ابرع فناني الزييف هم عمال مهنيون عرب من مصر والأردن وفلسطين. يجلبهم التجار الاسرائيليون، ويقومون بتشغيلهم في هذه الصنعة. والتاجر الذي اتهم بتزييف تابوت يعقوب، عوديد جولان، واعتقل بسبب ذلك وينتظر حاليا محاكمته، كان على علاقة وطيدة مع هؤلاء العمال. وقد عثر على سطح بيته في منطقة تل أبيب على مئات قطع الآثار المزيفة الأخرى وعلى مواد وأدوات تزييف مختلفة، بينها أتربة قديمة. وكانت الشرطة توصلت الى قناعة أن تابوت يعقوب مزيف، بعد ان عثرت عليه داخل دورة مياه مهجور. واكتشفت ان طبقة الغبار الخارجية التي تغطيه مصطنعة. وتحتوي على ماء مقطر وفق أسلوب التقطير الحديث الذي يناسب المياه المعدنية، والذي لم يكن موجوداً في زمن السيد المسيح قبل الفي سنة. يذكر في هذا السياق ان جولان ينفي التهمة تماماً. ويناصره في ذلك عدد من علماء الآثار المحليين والاجانب، الذي قد تؤدي افاداتهم العلمية الى اقناع القضاة ببراءته أكثر من افادات علماء الآثار الذين تستند اليهم الشرطة في اتهاماتها. وهؤلاء العلماء كانوا قد منحوا جولان شهادات تؤكد ان التابوت المذكور هو الأصلي، واستضافه المتحف الوطني في كندا للآثار، وعرضه للجمهور لمدة سنة شاهده خلالها 200 ألف شخص. المهم في الموضوع ان علماء الآثار الذين يهاجمون العلماء الجدد يستندون الى هذه اللصوصية لتقويض رواياتهم الجديدة التي تعتبر نقيضاً لبعض روايات التوراة. ويضربونها مثلاً على الامكانات الهائلة للتزوير. لكن هذه الاتهامات أيضاً لا تفت من عضدهم ولا تردعهم عن مواصلة أبحاثهم العلمية الجريئة.