"ابنتي سلمى عمرها 3 سنوات، ومنذ أن أصبح لها أخ صغير بدأت بمص اصبعها...". "ليلى عمرها 6 سنوات، لكنها قبل أن تخلد الى فراشها تمضي بعض الوقت أمام التلفزيون وهي تمص اصبعها، ثم بعد ذلك تستسلم للنوم واصبعها في فمها...". "ابني عمره 5 سنوات، منذ أن بدأ يذهب الى المدرسة أخذ يمص اصبعه...". أمثلة كثيرة بمختلف صورها وأشكالها محورها الأساسي مص الإبهام عند الطفل. وبسبب هذه العادة تنشب معركة بين الأهل والطفل، يستعمل فيها الوالدان شتى أنواع "الأسلحة" التي يتفتق عنها ذهنهم من أجل ردع الطفل عن عادته، لكنهم غالباً ما يفشلون، فيطلقون صيحات الاستغاثة في أمام الطبيب عله يملك حلاً يزيل قلقهم ويريح الطفل من عادته. ان الدافع الأساسي وراء هاجس الأهل هو خوفهم من النتائج المستقبلية التي قد تترتب عن مص الإبهام، مثل تشوه الأسنان أو القوسين الفكيين عند الطفل. والواقع ان هذه المخاوف مبالغ فيها نوعاً ما، اذ ليس كل الأطفال الذين يمصون أصابعهم هم بالضرورة عرضة للتشوهات السنية والفكية. فالأطفال الذين يملكون عضلات قوية في الوجه لا تحدث لديهم مثل هذه التشوهات على رغم مثابرتهم على عادة مص الإبهام. اما الأطفال ذوو العضلات الضعيفة في الوجه والفك فإن حدوث التشوهات وارد جداً. ما هي الأسباب المؤدية الى مص الإبهام؟ في الحقيقة ليس هناك سبب محدد وواضح، إلا أن التحريات السريرية والملاحظات الطبية أشارت الى وجود بضعة عوامل قد تكون وراء هذه العادة، ومنها: احتمال نشوء هذه العادة لدى الجنين وهو في بطن أمه، والدلائل التي تدعم هذه المقولة كثيرة، أهمها الدراسة التي قام بها طبيب الأطفال الاميركي بيري برازيلتون على عشرات الأطفال المولودين حديثاً، اذ وجد أن 80 في المئة منهم يمصون اصابعهم. أكثر من ذلك فقد أمكن باستعمال جهاز التصوير بالأمواج فوق الصوتية مشاهدة حالات مص الإبهام والجنين ما زال في الاسبوع الثامن. هناك من يقول بأن للوراثة دوراً في ظهور عادة مص الاصبع، والبرهان الذي يدعم هذه النظرية هو وجود عائلات معروفة بممارسة هذه العادة. هناك ظروف تساهم بشكل أو بآخر في انطلاق عادة مص الاصبع، منها ولادة أخ أو أخت، والدخول الى المدرسة، والاحتكاك الأول مع الآخرين والمشاكل العائلية مثل الطلاق وغيره. يبقى السؤال الأهم في هذا الموضوع: كيف السبيل لإراحة الطفل من عادته السيئة؟ أو بشكل أدق، متى يجب أن نتدخل لكي نقي الطفل من عواقب مص الاصبع؟ يؤكد عدد من أطباء الأطفال، ومنهم الطبيب برازيلتون، ان عادة مص الاصبع لدى الطفل يمكن السماح بها حتى سن الرابعة أو الخامسة على أبعد تحديد، أما إذا تعدتها فعندها لا بد من اعلان "حالة الطوارئ" لمواجهتها ولتخليص الطفل من عواقبها. ولردع الطفل عن عادته لا بد من التحلي بصفتين مهمتين: الهدوء والثقة، اذ ان كل علاج ينطلق من قاعدة إرغام الطفل على ترك عادته لن ينفع أبداً، لا بل قد يؤدي الى نتائج سيئة مثل حدوث اضطرابات النوم، التبوّل الليلي واضراب الطفل عن الطعام. وهناك وسائل يمكن أن تساعد في ترك الطفل لعادته، مثل لف قطعة من الضماد الطبي على إبهام الطفل، أو استعمال القفازات، أو استعمال لوحة يطلب فيها من الطفل أن يسجل عليها عدد الأيام التي لم يمص فيها اصبعه ومكافأته على "الانتصارات" التي يحققها. وبالمختصر، يجب أن نتعامل مع الطفل كشخص، لأنه لن يرتدع عن عادته إلا إذا كان راغباً حقاً في تركها، من هنا يجب أن يتسم العلاج بالهدوء والثقة والصبر