يتضمن المشروع بناء 2500 وحدة سكنية فاخرة و1200 وحدة اخرى لملء "المساحات الخالية" في المرتفعات السورية المحتلة. والهدف زيادة عدد المستعمرين اليهود هناك أضعافاً مضاعفة خلال خمس سنوات وصولاً إلى 200 ألف. وكانت إسرائيل مسحت عن وجه الأرض 132 قرية سورية في الجولان وشردت 110 آلاف نسمة فقط قبل 36 سنة بعد احتلال 1967 . عندما انشدت انظار العالم كله، قبل سنة ونصف السنة، نحو جنين ورام الله ومختلف المناطق الفلسطينية التي تعرضت لعمليات قتل وهدم واغتيالات في الحملة العسكرية الاسرائيلية، "السور الواقي"، وانشغل الجميع في استنكار هذه العملية وكيفية مواجهتها، كانت إسرائيل منشغلة في تهويد مدينة القدس العربية وزرع البؤر الاستيطانية في قلب احيائها كي تتحول الى مدينة مختلطة يستحيل، في وضعيتها، التوصل الى اتفاق سلام بخصوصها. في هذه الايام تتكرر هذه الصورة تحت عنوان: "الاستيطان الاسرائيلي وتحقيق هدف إسرائيل الكبرى". ففي الوقت الذي تتركز فيه الأنظار على مقر الرئيس ياسر عرفات الذي يتعرض لخطر إبعاد وربما اغتيال، وإلى غزة حيث تهدد اسرائيل بإعادة احتلالها بالكامل واغتيال قادة حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، في هذا الوقت بالذات يجري العمل في مكان آخر… بعيداً عن القدس والمناطق الفلسطينية حيث تنشغل إسرائيل في منطقة تعتبر الأجمل والأكثر خصوبة. هناك حيث أنقاض 132 بلدة مهدومة وجمال خمس بلدات تحتضن 20 ألف سوري يعيشون بعيدين عن عائلاتهم وأقاربهم وشعبهم. انها هضبة الجولان المحتل. هذه المنطقة باتت اليوم هدفاً إسرائيلياً ومطمعاً استعمارياً على مساحاتها الواسعة ومناظر طبيعتها الخلابة. فمنذ بضع سنوات والنقاش حول المناطق السورية التي احتلتها اسرائيل يتحول الى خلافات ما بين سياسيين وأحياناً عسكريين. وبين رؤساء حكومات وأحزاب المعارضة. احياناً يختفي النقاش وأحياناً يطول، ما بين متفائل بالسلام مع سورية وداعم لهذا الموقف، وما بين متمسك بهذه الارض باعتبارها من المناطق الاستراتيجية المهمة أيضاً. بحيرة طبريا، جبل الشيخ، الحمة، انها مناطق سياحية خلابة لا يطمح الاسرائيليون لاستمرار السيطرة عليها لجمالها فحسب، وإنما أيضاً لمردودها المالي من السياحة الداخلية والعالمية. في هذه الايام تعد مجموعة من قادة اليمين الاسرائيلي لتحقيق أهداف استعمارية في هذه المنطقة واستغلالها. وهناك مشروع لا يزال يكتنفه الغموض يجري التحضير لتنفيذه بعيداً عن الإعلام والاحتجاجات الشعبية. إنه مشروع "حديقة اسرائيل"، كما يسميه المكلفون بتنفيذه، والذي يهدف إلى مضاعفة الاستيطان وتسهيل السكن لمن يرغب في هذه المنطقة، وتحويل كل هضبة الجولان السوري المحتل، الى حديقة سياحية كبيرة تستقطب آلاف السياح يومياً، وتشجع عشرات الآلاف على السكن فيها. مشروع استعماري يعزز هيمنة اسرائيل على هذه المنطقة ويضع العراقيل الاضافية أمام أية اتفاقية سلام مع سورية، فكما تعارض اسرائيل اليوم التنازل عن طبريا والحمة ومناطق أخرى تعتبر الأجمل سياحياً في اسرائيل، ستصل الى وضع "تستصعب" فيه التنازل عن هذا المشروع الذي سيكون أوسع وأشمل من تلك المناطق، بل أقرب أيضاً من الحدود السورية. هوية سورية و800 معتقل و37 شهيداً قبل الخوض في تفاصيل المخطط الاستيطاني في الجولان ومستقبل هذه المنطقة المحتلة ووجهة نظر سوريين يعيشون تحت الاحتلال لا بد من العودة الى نقطة البداية. كان ذلك في الثامن من حزيران يونيو عام 1967 عندما اجتاح الجيش الاسرائيلي هضبة الجولان وتمكن خلال يومين من تهجير ما يزيد عن 130 ألف مواطن سوري منها. بعد حوالي شهر واحد، وبالتحديد في 14 تموز يوليو، وضع حجر أساس أول مستوطنة يهودية في هذه المنطقة على أراضي قرية باب الهوا المهجرة شمال الجولان واطلق عليها اسم مستوطنة "مروم جولان" أي مرتفع جولان. هذه المنطقة بالذات كانت الأكثر جاذبية للإسرائيليين بسبب خصوبة أرضها ووفرة مياهها، ونجحت خلال فترة قصيرة، بدعم من الوكالة الصهيونية ودائرة اراضي اسرائيل، في جذب المستوطنين اليها. ومن هناك انطلقت فكرة الاستيطان في هذه المنطقة المحتلة، ولكن ليس قبل تدمير 131 بلدة و112 مزرعة ولم تبق سوى ست قرى هي مسعدة ومجدل شمس وبقعاتا وعين قنية والغجر وسحيتا، والأخيرة تعرضت لعملية تهجير في العام 1972 وجرى ضم أهلها الى قرية مسعدة لتتحول الى معسكر للجيش الاسرائيلي. وطُرحت يومها تساؤلات حول مغزى بقاء سكان هذه القرى الست في أراضيهم على رغم عمليات التهجير والقتل التي مارستها اسرائيل، ومن جهة اخرى الدوافع الاسرائيلية لعدم تهجير سكان هذه القرى. سكان القرى قالوا ان سبب بقائهم هو أولاً تمسكهم بالوطن، وثانياً كون أرضهم زراعية وخصبة جداً وهي مصدر رزقهم، ثم ان مواقع هذه القرى الجبلية جعلها أقل عرضة للمعارك آنذاك. أما المطلعون على الوضع هناك، فيرون ان اسرائيل أبقت سكان هذه القرى ولم ترحلهم "لغاية في نفس يعقوب"، فهي اتبعت سياسة "فرق تسد" مع سكان المنطقة بحيث قامت بطرد كل من هو غير درزي وأبقت الدروز في هذه المنطقة بهدف تحقيق خطتها بإقامة دويلات طائفية على حدودها لتخضع في ما بعد لوصايتها. وهدفت اسرائيل الى اقامة دولة درزية محيطة بمنطقة جبل الشيخ تضم أيضاً دروز فلسطين وسورية ولبنان لتكون في ما بعد دويلة موالية لإسرائيل. لكن المعركة التي شنها سكان الجولان ضد سياسة اسرائيل القاضية بضمهم إليها أفشلت كل الخطط، وما زالوا حتى اليوم يتمسكون ببطاقة هويتهم السورية ليكونوا ظاهرة مميزة في هذه المنطقة، إذ ناضلوا ضد الاحتلال بمختلف الوسائل، وزجت اسرائيل بالمئات منهم، من شباب وصبايا، في سجونها ووصل عددهم منذ احتلال أراضيهم الى 800 سجين وسجينة. وقدم سكان الجولان أيضاً الشهداء وان لم تقع المواجهات بينهم وبين القوات الاسرائيلية بشكل دائم، فإن مخلفات الاحتلال نفسها كانت سبباً مباشراً للقتل. ففي الجولان تم زرع 76 حقلاً بالألغام، اثنان منها داخل قرية مجدل شمس المأهولة، ووصل عدد الشهداء الذين قتلوا جراء انفجار الألغام إلى 16 شهيداً وجرح 45، وهناك 21 شهيداً سقطوا جراء اطلاق نار من الجيش. في 14 كانون الأول ديسمبر 1981 أقر الكنيست ضم الجولان الى اسرائيل، وبموجب القرار جرى تطبيق كل القوانين الاسرائيلية على سكان الجولان المحتل ومن ضمنه الزام الشباب بالخدمة الاجبارية وفرض الجنسية الاسرائيلية على السكان السوريين واعتبار الأرض العربية السورية ملكاً لإسرائيل. واستبدلت اسرائيل الحكم العسكري بحكم مدني، لكن السوريين في هذه المنطقة المحتلة رفضوا القرار جملة وتفصيلاً، وأعلنوا الاضراب لمدة ستة اشهر ليكون أطول اضراب احتجاجي على قرار اسرائيلي. وتمسك أهالي الجولان المحتل بالهوية السورية باستثناء قرية الغجر التي حصل سكانها على الهوية الاسرائيلية. 1258 كلم2 و132 بلدة مدمرة منذ احتلال الجولان وحتى اليوم اقيمت على انقاض البلدات السورية 34 مستوطنة اسرائيلية يسكنها 14 ألف مستوطن. تقع هذه المستوطنات على مساحة 246 كيلومتراً مربعاً من الجولان، أي 21 في المئة من المساحة المحتلة، إضافة الى ذلك فإن المزارعين اليهود يسيطرون على اكثر من 500 كيلومتر مربع من الأرض لمراعي الابقار. بعد مستوطنة "مروم جولان"، باشرت السلطات الاسرائيلية في بناء مستوطنة في وسط الجولان، على انقاض قرى قصرين وشقيف والدورة لتتحول الى مركز خدماتي للمستوطنين، ويسكن هذه المستوطنة 7 آلاف مستوطن غالبيتهم من مهاجري الاتحاد السوفياتي السابق، وتضم منطقة صناعية تستوعب 30 في المئة من السكان. وتواصلت عملية بناء المستوطنات حتى وصلت الى 34 مستوطنة يسكنها اكثر من 14 ألف مستوطن. لكن الأرض الشاسعة والخصبة التي تتمتع بها منطقة الجولان المحتل حولت المطامع الاسرائيلية الى أهداف استراتيجية استعمارية لا تختلف كثيراً عن مطامع الاستيطان في المناطق الفلسطينيةالمحتلة، بل ان هناك مسؤولين إسرائيليين يعتقدون بأن الحاجة لإبقاء الدولة العبرية قوية وخارطتها الديموغرافية ذات أكثرية يهودية تدفع إلى جعل عدد المستوطنين في الجولان يصل إلى 200 ألف. لكن هذا الموقف لم يحظَ بتأييد واسع واعتبر بعضهم أنه سيواجه عقبات كثيرة، إلا أنه لا يمنع كثيراً المستعمرين اليهود وقوى اليمين من الحلم بأن يستوطنوا هنا في حال اضطرارهم الى مغادرة المستعمرات في المناطق الفلسطينية. وظهرت هذه الفكرة عندما جرى الحديث عن تفكيك المستوطنات في مناطق الضفة الغربية، وعندما وصل الأمر الى وضع باتت الولاياتالمتحدة فيه تمارس ضغوطها المستمرة على الحكومة الإسرائيلية لتفكيك هذه المستوطنات، فوجد بعضهم ان الافضل هو البحث عن مكان آخر في اسرائيل لهذه المستوطنات ولايواء المستوطنين الذين سيغادرون الضفة الغربية، وكانت منطقة الجولان المحتل العنوان الأفضل. يهودا هرئيل العضو السابق في الكنسيت عن حزب "الطريق الثالث"، بادر إلى طرح هذا الاستيطان من خلال مشروع "حديقة اسرائيل" الذي من المتوقع انجازه خلال فترة قصيرة، لترافقه حملة بناء مستوطنات واسعة. ولتحقيق هذا الهدف، اقيمت وحدة استراتيجية بالتعاون بين المجلس الاقليمي "جولان" والمجلس المحلي "كتسرين". وحسب المعطيات المتوافرة فإن العام الجاري شهد حملة بناء واسعة للمستوطنات لم يسبق لها مثيل في الجولان، إذ ارتفع خلال السنوات الثلاث الأخيرة عدد المستوطنين خمسة آلاف مستوطن. ويتم التحضير لبناء 1200 وحدة سكنية ستقام على أوسع نطاق من الأراضي الخالية من الاستيطان في الجولان، إضافة الى ذلك تشهد 17 مستوطنة في الجولان حملة بناء واسعة، أصغر حملة بناء فيها تشمل 115 وحدة سكنية، وهناك مستعمرات يصل عدد الوحدات الجديدة فيها الى 360 وحدة. وفي مدينة كتسرين التي تعتبر أكبر المستوطنات في الهضبة السورية المحتلة بوشر العمل في انجاز مخطط لبناء 430 وحدة سكنية ضمن مشروع "ابن بيتك"، يحصل فيه كل شخص على تسهيلات وامتيازات اضافة الى قطع ارض واسعة أمام البيت. وتطمح السلطات الاسرائيلية الى رفع عدد سكان هذه المستوطنة من 7 آلاف الى 20 ألف مستوطن. وحرص المستوطنون الذين اعدوا خطط الاستيطان على انجاز مشاريع تجارية واقتصادية لتشجيع السكن في هذه المنطقة، إلى أن أصبحت منطقة الجولان اليوم أفضل المناطق في اسرائيل من حيث مستوى المعيشة. وفي حين يعاني قطاع البناء في اسرائيل من أزمة خانقة ويعاني المقاولون من كساد في بيع الشقق والوحدات السكنية التي بنيت على رغم أسعارها المنخفضة، تشهد منطقة الجولان حركة كبيرة ومنعشة في بيع الشقق. وهناك إسرائيليون يرون في هذه المنطقة الحل الأفضل لأزمته الاقتصادية بسبب الدعم المقدم لكل المشترين. وعلى هذا الأساس استغلت مئات العائلات التي كانت تسكن في قلب اسرائيل هذا الوضع وانتقلت الى السكن في الجولان. وسجلت الاحصاءات ان 38 في المئة من السكان الذين انتقلوا إلى الجولان هم من غوش دان منطقة تل أبيب، و20 في المئة من هشارون شمال شرقي تل أبيب، وحتى الذين قدموا من القدس بلغت نسبتهم 6 في المئة. وحرص المبادرون على اطلاق هذه المشاريع الداعمة لانعاش المستوطنات في الجولان على إقامة مناطق صناعية مختلفة تضمن العمل للجميع بعيداً عن البطالة والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وفي حين يصل معدل البطالة في البلدات الاسرائيلية الى 6.10 في المئة، فإن نسبتها لا تتعدى 5.3 في المئة بين مستوطني الجولان. وتحت شعار "تعال إلى الجولان - اندمج بأحلامنا"، يقام اليوم أكبر مشروع استيطاني في الهضبة المحتلة ويقدم امتيازات كثيرة ومشجعة للسكان تبدأ في القروض ونسبة الفائدة المنخفضة وتنتهي بقطعة أرض من دون مقابل بمساحة تراوح بين الدونم ونصف الدونم مع بنية تحتية وحاجات أخرى لتساعد المستوطن على بداية البناء فور تسلمه قطعة الأرض. ويشمل المشروع 2500 قطعة أرض سورية محتلة لبناء بيوت لمستوطنين منتشرة بين 17 مستوطنة قائمة. إضافة الى ذلك، هناك مشاريع لوحدات تقوم ببنائها شركات اسرائيلية وتعرض البيوت للبيع بأسعار زهيدة بعدما حصلت على دعم كبير من وزارة الاسكان الاسرائيلية. ويعمل المستوطن يهودا هرئيل على تجنيد أوسع قاعدة من مستوطني الجولان لدعم مشاريعه الاستيطانية بمساعدة من الوزارات المختلفة. تساؤلات حول مقاومة قريبة تعتبر الهضبة السورية المحتلة من المناطق الهادئة أيضاً في العلاقة بين المواطنين السوريين القابعين تحت الاحتلال واليهود أنفسهم، حيث ان سكان القرى السورية لم يستطيعوا حتى الآن المقاومة عسكرياً بسبب قلة عددهم وضعف قدراتهم، إضافة إلى وجود 60 معسكراً للجيش الإسرائيلي في منطقتهم. لكن هذا الهدوء لا يعني لا مبالاة السكان. فهناك قلق حقيقي لدى السوريين من المصير والمستقبل، خصوصاً أن كل مفاوضات السلام مع سورية تتعثر، وفي المقابل تنفذ عملية استيطان واسعة لتملأ الأراضي السورية الشاسعة التي تنتظر لحظة عودة ملكيتها لأصحابها. ولا ينحصر خطر الاستيطان فقط في الخطر الذي يهدد مستقبل هذه الأراضي، بل انه يهدد مستقبل السكان الموجودين حالياً، حيث ان غالبية المشاريع تنفذ في مناطق قريبة من المناطق السكنية، ما يحد من امكان تطور هذه البلدات ويمنع السكان من استمرار العمل في أراضيهم والاستفادة منها زراعياً. ويضع العراقيل امام الشبان الذين لم تعد تتسع لهم المنطقة التي ستبقى بعد المشاريع الاستيطانية. فالأرض التي يعيش عليها سكان القرى السورية لا تشكل أكثر من 5 في المئة من الأرض المحتلة والبقية تحت تصرف الاسرائيليين. ويتساءل سلمان فخر الدين، وهو من الشخصيات السورية البارزة في اهتماماته السياسية وتوثيق تاريخ احتلال الجولان أمام الصمت حيال التحركات الواسعة للمشاريع الاستيطانية: "إذا لم تكن اليوم مقاومة لما يحدث فمن منا يستبعد حدوثها في الجولان بعد سنوات لا تتعدى الخمس، حيث من المتوقع أن يتضاعف عدد المستوطنين في هذه المنطقة وتتضاعف معاناة السوريين هنا". الجمعية العربية للتطوير من الجمعيات السورية القائمة في مجدل شمس ولها اهتماماتها في مختلف المجالات الحياتية. يقول الدكتور تيسير مرعي، أحد المسؤولين فيها: "إن حركة بناء المستوطنات في الجولان المحتل باتت واضحة في الفترة الأخيرة، ولكنها غير معروفة المعالم"، ويضيف: "على مدار السنوات الماضية جرى التخطيط لمشاريع استيطانية في الجولان، ولكنها، حتى اليوم، لم تنجح كما هي الحال في الضفة الغربية. ربما يعود ذلك الى الخلاف الاسرائيلي على ملكية الأرض في المناطق الفلسطينية، فهناك تناقش إسرائيل إذا كانت الأرض للفلسطينيين أم لها، ولكن هنا في الجولان واضح انها أرض جولانية سورية وتقع تحت الاحتلال الاسرائيلي". ويقول مرعي إن هناك مساحات شاسعة من الارض الجولانية المحتلة لم تنفذ فيها اسرائيل مشاريع، إلا أن مخططات اسرائيل الاستيطانية تمس بشكل مباشر، ليس فقط مساحات أراضي الجولان، إنما في وضع القرى الخمس القائمة، فقد حرصت اسرائيل أن يكون موقع المستوطنات بشكل يحيط بهذه القرى، مما يحد من تطورها وتوسعها وإمكان العيش فيها بشكل مريح لسكانها السوريين. فلدى تخطيط اسرائيل لإقامة مستوطنة "نمرود" اختارت موقعها في محيط قرى عين قينا ومسعدة ومجدل شمس، وهذا من دون شك يؤثر على تطور هذه البلدات السورية وعلى سكانها أيضاً. ويشير مرعي إلى أن اسرائيل بدأت تكثف استيطانها في الجولان منذ العام 1981، وفق خطط مدروسة باختيار مواقع اقامة المستوطنات بحيث تستغل أكبر مساحة من الارض القريبة من مناطق السكن السورية، وهنا تكمن الخطورة. الأسير السوري المحرر أيمن أبو جبل، أحد النشطاء السياسيين في هضبة الجولان الذي قبع في السجون الاسرائيلية لمقاومته الاحتلال، ينظر بدوره إلى مخاطر المشاريع الاستيطانية التي تقام، لكن قلقه هذا لم يبدأ منذ انطلاق المشاريع الجديدة، فهو واحد ممن رفضوا السكوت أمام الاحتلال ومشاريعه وقاومها قبل ان يرى بعينيه تطور هذا المخطط: "أي مخطط تعد له اسرائيل في الجولان ومهما كان حجمه هو مخطط سياسي يمس بشكل كبير مستقبل هذه المنطقة وتطورها وأهمية الحفاظ عليها سورية خالية من أي بناء أو مشاريع اسرائيلية". المهندس شحادة نصرالله يرى في مخططات الاستيطان التي تعدها اسرائيل جرائم لا تقل بشاعة عن الجرائم الاخرى التي ترتكبها اسرائيل ويقول: "الأهداف الاستيطانية ليست جديدة على اسرائيل، لقد بدأتها منذ سنوات في الجولان لكنها تراجعت عنها لفترة طويلة، واليوم تعود الى هذه المخططات بشكل أوسع وأشمل، وهذا الأمر سينعكس بشكل سلبي على الأراضي السورية وعلى السوريين في هذه الارض فهي ستحد من امكانات تطورهم". ويرى نصرالله ان "مشاريع استيطانية وبسط عدد من المستوطنين على مساحات شاسعة من الارض ستؤدي أيضاً الى صعوبة مستقبلية لدى اي حديث عن سلام، فسورية، وفقاً للقانون، تطالب بشكل مستمر بتعويضها عن سيطرة اسرائيل على هذه الارض، إلا أن اسرائيل ترفض الطلب بحجة ان الأرض غير مستعملة. واليوم لدى تنفيذ مثل هذه المشاريع سيتعمق الخلاف على هذا الموضوع، لأن المستوطنين سيستثمرون الأرض وبمساحات شاسعة وسيحاولون استغلال كل ما بإمكانهم، خصوصاً أننا نتحدث عن أرض خصبة جداً ومثمرة. وهذا الأمر بحد ذاته سيسبب عراقيل اضافية نحو أي تفاهم مستقبلي"