بعد خفوت حدته في 1988، غداة الالعاب الاولمبية التي استضافتها سيول، تجدد في كوريا الجدل حول تصنيف الكلاب: هل تعتبر حيوانات أليفة؟ أم ينبغي اعتبارها في عداد المصادر الغذائية التي توفر الطعام للإنسان؟ وتجدد الجدل هذه المرة مواكباً استعدادات كوريا لاستضافة كأس العالم في كرة القدم في حزيران يونيو المقبل. وبالطبع كان وراء تجدده استمرار اعتماد المائدة الكورية على لحم الكلاب. ويفوق عدد الكلاب التي تتم تربيتها للذبح عدد الكلاب التي تتم العناية بها لتكون رفيقاً للإنسان في وحشته. وحض سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا الكوريين على الامتناع عن أكل لحوم الكلاب أثناء المونديال التي ستتقاسم فعالياتها عاصمة بلادهم مع العاصمة اليابانية طوكيو. وهب من يستطعمون لحم الكلاب ليدافعوا عن أنفسهم بالإشارة الى أن دولاً كثيرة تحرص على مصارعة الثيران، وهناك بلدان ترعى مصارعة الديوك، وثمة دول تحترم التقاليد الخاصة بصيد الثعالب. وقال هؤلاء إن أكل لحم الكلاب ينبع من حكمة كورية قديمة. وأثار ذلك حفيظة الكوريين الذين يهتمون بتربية الكلاب باعتبارها حيوانات أليفة ومفيدة للإنسان، فخرجوا في تظاهرة جابت شوارع وسط سيول احتجاجاً على ذبح الكلاب وأكل لحومها. وحمل أحد المتظاهرين كلباً ملفوفاً بقطعة قماش كتبت عليها عبارة "انقذوني". وعلى رغم الجلبة التي أثارها المتظاهرون، استمرت المطاعم كالمعتاد في استقبال زبائنها من عشاق لحوم الكلاب. ومن المفارقات أن القانون الكوري الجنوبي يحظر أكل لحم الكلب، غير أن المسؤولين والمواطنين يغضون الطرف عن القيود القانونية، باعتبار أن أكل تلك اللحوم غدا عادة إجتماعية يصعب اجتثاثها. وتقام الأسواق المتخصصة في بيع الكلاب الحية والمذبوحة في أماكن بعيدة عن الأعين. ويقف عمال مكلفون بالمراقبة في مداخل تلك الأسواق لمنع دخول الأجانب، والابلاغ عن أي عميل للشرطة يحوم حول المكان. ولأن ذبح الكلاب يعد عملاً غير قانوني، فإن السلطات لا تخصص أي عمال صحيين للإشراف على المسالخ التي تذبح فيها الكلاب. وعادة ما يوضع حبل حول رقبة الكلب قبل إخراجه من قفصه. وحين يختار المشتري كلباً بعينه، يتم جره من القفص، وضربه بهراوة معدنية، قبل ضربه بعصى كهربائية شبيهة بتلك التي تستخدم في صعق الأبقار والثيران في المسالخ الأوروبية. وتعتبر الكلاب البدينة التي يميل لونها الى الاصفرار أفضل الكلاب التي يؤكل لحمها. ويفضل محبو لحم الكلاب في الغالب تربية الكلاب التي يستطعمونها في بيوتهم. وحين يحين موعد الوجبة الدسمة التي يحلمون بها، يضعون الكلب في كيس كبير ويقومون بضربه حتى الموت! ويزعمون أن الكلب الذي يموت بهذه الطريقة المؤلمة يفرز أكبر قدر من الادرنالين الذي يعم جسمه، مما يعطي لحمه نكهة أفضل. ومن الأكيد أن هذا الوضع يثير المجتمعات الغربية التي تعتبر الكلب رفيقاً للإنسان، خصوصاً في وحدته وشيخوخته .